الجمعة رقم 15 بالنسبة لحراك الجزائر تعتبر مناسبة لتقييم مسار الحراك منذ بدايته، واستخلاص نتائجه في كل المدة التي مر بها، وأهمها نلخصها كما يلي:

أولا: تقديم وزراء سابقين للمحكمة العليا، وليس الممارسين. لاحظوا أن ما سمي من طرف جهاز الحكم "محاربة الفساد" يقتصر على فئتين: سابقين، ومتقاعدين؛ وهي عملية سياسية من طرف جهاز الحكم ليوهم الناس بأن من يحكم الآن من الوجوه القديمة هو نظيف، وأن الفساد السياسي والإداري يوجد في التقاعد، وفي الحكام السابقين..

ثانيا: بوشارب معاد، رئيس المجلس الوطني الشعبي، يمسك بمنصبه رغم كل حراك الجزائر، وإصدار رئيس حزبه FLN، وهو محمد جميعي، أوامر بضرورة استقالته؛ ويعتبر ذلك دليلا على كون عبد العزيز بوتفليقة لازال يمسك بالسلطة، لأنه لم يقدم استقالته من الرئاسة "الشرفية" لحزبه الحاكم، مادامت المناصب العليا للسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية كلها من تعييناته.

ثالثا: تغيير مدير الأمن العسكري الكولونيل نبيل، وتعيين نائبه الكولونيل عبد الوهاب مكانه. وهذان الشخصان لم تتمم وسائل الإعلام حتى التعريف بهما، واقتصرت على الاسمين "نبيل" و"عبد الوهاب"، المجهولين، ولم نعثر على أي تعريف بهما حتى في وسائل الإعلام الخارجية، والموسوعات العسكرية، ما يعني أن من يحكم حقيقة في السلطة العسكرية لازال في الظل...

رابعا: تغيير رئيس المنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو، وهو من أكبر التغييرات بعد استقالة عبد العزيز بوتفليقة، إذا اعتبرنا أن منظمة المجاهدين هي أقوى جهاز سياسي يوجه إيديولوجية السلطة التي تدعي كلها أنها سليلة المجاهدين، رغم أن "الجهاد" اختلط حاليا بالإرهاب...وتم تعليل التغيير بالأسباب الصحية، لكن يبدو أن هناك خللا في عمق جهاز الحكم يجري في الخفاء.

خامسا: تغيير مدير التلفزة الجزائرية، وهو تغيير نحو سيطرة مطلقة على وسائل الإعلام التي منعت من تغطية مظاهرات الجمعة 15، واكتفت في غالبيتها بالدعاية لدين الدولة، والدعاية التجارية، ونقل خطب ضباط الجيش...

سادسا: موت المناضل كمال الدين فخار هو بداية المرحلة الدموية الجديدة للحراك، في تركيز القمع على حقوق الجهات. والحرب المقبلة ضد التنوع الثقافي وحقوق الناس عامة.

سابعا: إلغاء موعد انتخاب رئيس الجمهورية في 4 يوليوز 2014 هو نهاية الحل الدستوري، وفتح باب السلطة لكل الاحتمالات.

ثامنا: إعلان موقف فقهاء المسلمين من الحلول الممكنة، ودعوتهم على لسان الفقيه حسان هدام إلى إجراء الحوار، لكن دون تحديد أطرافه. ويظهر أن صوت رجال الدين ينذر بحوار بينهم وبين العسكر، نحو توافق ديني عسكري للسيطرة على المجتمع، وثروة البترول والغاز...

 

أحمد الدغرني