أفرجت السلطات الموريتانية قبل يوم واحد من عيد الفطر على مدونين اثنين أوقفا قبل أكثر من شهرين بتهمة التشهير برئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، في حين لا يزال مصير المدون محمد الشيخ ولد امخيطير، المُحتجز منذ نوفمبر 2017، غامضا.

ومؤخرا، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش مجددا إلى إطلاق سراح هذا المدون الذي سُجن بعد أن كتب في 2013 مقالا ينتقد فيه ما وصفه بـ"الظلم المجتمعي" الذي يلحق شريحة الصناع التقليديين التي ينتمي إليها.

وأشار ولد امخيطير في المقال الذي حمل عنوان "الدين والتدين" إلى نماذج من فترة الرسول محمد، ما اعتبره البعض إساءة لنبي الإسلام.

المدوّن الموريتاني محمد الشيخ ولد امخيطير
 
المدوّن الموريتاني محمد الشيخ ولد امخيطير

وخلال محاكمته، خرج المئات من الموريتانيين إلى شوارع العاصمة نواكشوط للضغط على القضاة من أجل إعدام الكاتب المتهم آنذاك بـ"الردة" و"الاستهزاء بالنبي محمد".

لاحقا، قضت المحكمة بالإعدام في حق المدون الموريتاني المثير للجدل. وفي نوفمبر2017، خفّضت محكمة الاستئناف في مدينة نواذيبو العقوبة إلى عامين في السجن وغرامة مالية، لكن المتهم لا يزال محتجزا رغم انتهاء مدة عقوبته.

"محاكمة سياسية"

قال محمد ولد أمين، محامي ولد امخيطير، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، إن موكله "تعرض للاختطاف التعسفي وليس مسجونا، بعد أن انتهت مدة محكوميته منذ عامين".

وأضاف ولد امخيطر أن "لا أحد اليوم يعرف مكان اعتقاله، إذ لا يوجد في لوائح السجناء في البلد"، مشيرا إلى أنه "يوجد بمكان سري لا تعرفه سوى أجهزة الدولة".

واعتبر محمد ولد أمين أن القضية أصبحت سياسية اليوم، مضيفا: "الرئيس لا يريد إطلاق سراحه حتى لا يؤثّر ذلك على حظوظ حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في الانتخابات المقبلة".

ومن المقرر أن تجري الانتخابات الرئاسية الموريتانية شهر يونيو المقبل. ويُعتبر صديق الرئيس ولد عبد العزيز ووزير دفاعه السابق محمد ولد الغزواني، المرشح رقم 1 للفوز بهذه الانتخابات ممثلا لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم.

وفي هذا السياق، قال ناشطون حقوقيون في مقال نشروه علىصحيفة "لوموند" الفرنسية إن الموريتانيين "سينتخبون يوم 22 يونيو رئيسا جديدا للدولة. تتيح هذه المرحلة الانتقالية السياسية للرئيس الحالي فرصة غير مسبوقة لإغلاق قضية المدوّن محمد الشيخ ولد امخيطير، المحتجز منذ خمس سنوات بسبب إدلائه بتصريحات وُصفت بالزندقة".

لكن محامي ولد امخيطير أكد أن "الذي يقف ضد إطلاق سراح موكله هو الرئيس الحالي نفسه، إذ طالب في محطات كثيرة بالحزم في التعاطي مع هذه القضية، لأنها تهدد استقرار البلد".

ففي العام الماضي، قال الرئيس الموريتاني إن "القضاء حكم بالإفراج عن كاتب المقال المسيء محمد الشيخ ولد امخيطير، لكن يخضع لحراسة هدفها تأمينه الشخصي واستقرار البلد أيضا".

وأضاف ولد عبد العزيز أن "ولد امخيطير يتم تأمينه حاليا بمنزل في العاصمة نواكشوط، بعد الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في نواذيبو يوم التاسع من نوفمبر 2017".

رد الحزب الحاكم

من جانب آخر، قال الناطق الرسمي باسم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، سيدي أحمد ولد أحمد، إن موريتانيا "تتوفر على مساحة للتعبير غير موجودة في معظم البلدان العربية".

وأشار ولد أحمد إلى أن حزبه ورئيس الجمهورية "بريئان من هذه القضية، لأن من تولاها هي السلطة القضائية وليس التنفيذية".

وبخصوص تأكيد الرئيس على ضرورة حماية الاستقرار بعدم إطلاق سراح ولد امخيطير، قال سيدي أحمد ولد أحمد إن "القضية تم إلباسها لبوسا سياسيا من أطراف معروفة، والقضية في الحقيقة أمنية".

وأضاف المتحدث، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، أن حزبه "مع ضمان حرية التعبير بكل أشكالها، لكن عندما يتعلق الأمر بتهديد استقرار المجتمع، هذا يقع على عاتق القضاء، ولا علاقة للسلطة التنفيذية بهذا الموضوع".

وفي السياق نفسه، أكد الكاتب الموريتاني، موسى ولد حامد، أن قضية ولد امخيطير "لها حساسية في المجتمع، لأن القوى المحافظة كانت غاضبة من المقالة التي نشرها واعتبروه زنديقا يستحق الإعدام".

لكن ولد حامد يعتقد أن "حل هذه القضية بيد الرئيس، لأنها خرجت من أيدي السلطة القضائية"، مضيفا: "ولد امخيطير ليس في السجن، إنه في مكان قيد الاحتجاز الإداري".