العالم على شفير الهاوية

عاش العالم، في الأسابيع القليلة الماضية، وقائع لعمليات إرهابية استهدفت العشرات من الأرواح، سواء بنيوزيلندا أو سيريلانكا..وكأن العمل الإرهابي بهذه الصور البشعة أضحى إرهابا ضد إرهاب، أو بالأحرى إرهابا بين قطبي التطرف العالمي، جماعات وأطراف يمينية متطرفة وعنصرية من جهة، وتنظيمات بمظهر إسلامي أشد تطرفا من جهة أخرى، وفي عمقها حقد وإقصاء للآخر، تغذيه مع توالي الأيام "الميديا" وخطاب الكراهية الذي نجده مبثوثا على منصات التواصل الاجتماعي ومواقع الشبكات العنكبوتية، فضلا عن تواجده عبر واجهات ورقية، كالكتاب والمجلات والدوريات وأشرطة الفيديو ذات النبرة الإقصائية الحاقدة.

استغلال الفكر الإرهابي

كشفت الوقائع والأحداث السياسية الخطيرة التي أعقبت ثورات "الربيع العربي" دخول بعض الحكومات على الخط، إذ أخذت على عاتقها تأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط، في محاولة لتغيير الجغرافية السياسية، فكان تنظيم "داعش" أبشع صور تفتقت عنها ذهنياتها. لكن تغول هذا التنظيم وخروجه من قمقم الدول الراعية له في البداية تحول إلى تهديد حقيقي طالت أياديه الملوثة بالدماء العديد من العواصم الأوروبية والغربية.

لكن الأخطر أمام هذه الجائحة أن يتمكن الفكر الإرهابي Terrorist Thought يوما ما من الوصول إلى استعمال الأسلحة البيولوجية والجرثومية، كأن يعمد إلى تسميم الماء الشروب وتلويث هواء المرافق العامة بالغازات السامة...فما السبيل إلى التصدي لهذا الوباء الفكري وتجفيف ينابيعه والحد من انتشاره؟.

اليونيسكو البوابة الرئيسة للحل

هذه المنظمة الأممية UNESCO، كما يتضمنه ميثاقها، تحرص على الحفاظ على الإرث الحضاري والإنساني، والمساهمة في نشر برامج التنمية والتعليم عبر أرجاء المعمور... لكن باعتبار مصدر الإرهاب كفكر ومواقف وقناعة وممارسة، كان الأجدر بها أن تتولى التصدي لهذا الفكر الحاقد الضال، الذي يتخذ من الإبادة والقتل والكراهية والعنصرية أساليب له، عبر مدخل التربية والتعليم؛ وذلك بخلق برامج تربوية تروم تعايش وتساكن الديانات والحضارات والثقافات، مع احترام تقاليدها، وعدم السماح بالمساس بها، والعمل على نشرها عبر دول القارات، بحيث يكون لزاما على الدول والحكومات تمريرها لدى ناشئتها، مع إيجاد سلسلة لقاءات توعوية موازية مع جمعيات الآباء وأمهات تلاميذ المدارس؛ دون أن نغفل الدور الحيوي الذي يجب على الحكومات الاضطلاع به، ويتمثل في مواجهة الفكر الإرهابي عبر مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي ومحطات الجماعات المتطرفة، مع ضرورة مصادرة أنشطتها، سواء تعلق الأمر بالكتب أو المجلات الدورية أو القنوات الإذاعية والتلفزية، وفي آن واحد تنظيم لقاءات وأنشطة ثقافية متنوعة تحت إشراف وحضور فعاليات ثقافية ودينية مختلفة.

 

عبد اللطيف مجدوب