شارك آلاف الفلسطينيين، أمس الثلاثاء، في مدينة غزة في مسيرة إحياء الذكرى الحادية والسبعين للنكبة، التي خرجت من كافة محافظات ومخيمات قطاع غزة، مؤكدين حق العودة ورفض "صفقة القرن" ودعم مواقف القيادة الفلسطينية المتمسكة بالحقوق والثوابت.

وانطلقت المسيرة من أمام مقر وكالة الغوث الدولية "أونروا"، وسط مدينة غزة، باتجاه مقر الأمم المتحدة غرب المدينة حيث المهرجان المركزي الذي دعت إليه اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، ودائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير، بمشاركة فصائل العمل الوطني واللجان الشعبية في المخيمات والوجهاء وممثلي الاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.

وقال أحمد أبو هولي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، إن "صفقة القرن لن تمر مهما كانت الأثمان، ومهما عظمت التضحيات"، لافتا إلى أن "قضيتي القدس واللاجئين ليستا للبيع أو المساومة".

وأضاف: "نحيي اليوم الذكرى الحادية والسبعين للنكبة التي حلت بشعبنا الفلسطيني في الخامس عشر من ماي لعام 1948، عندما أقدمت العصابات الصهيونية على ارتكاب عشرات المجازر ودمرت مئات القرى والمدن الفلسطينية، ونفذت أوسع عملية طرد جماعي بحق شعبنا الفلسطيني، تجاوز عددهم 950 ألف لاجئ، ليصل عددهم إلى 5.9 مليون لاجئ فلسطيني باتوا في دائرة الاستهداف الإسرائيلي الأميركي عبر محاولة اختزال أعدادهم إلى 40 ألف لاجئ، وإسقاط صفة اللجوء عن أبناء وأحفاد اللاجئين وإنهاء دور المؤسسة الأممية أونروا عبر تجفيف مواردها المالية لتصفية قضيتهم".

وتابع: "رسالتنا إلى مغتصبي أرضنا الذين يحتفلون اليوم على أوجاع وجراح شعبنا بيوم استقلال دولتهم التي أقيمت على أنقاض مدننا وقرانا وأشلاء شهدائنا، أننا مصرون على التمسك بحقوقنا الوطنية الثابتة وفي مقدمتها حقنا العادل والمشروع في العودة إلى ديارنا التي هجرنا منها عام 1948".

وأكد أبو هولي أن الشعب الفلسطيني يزداد تشبثا بحقوقه مسقطاً كل محاولات الشطب والاحتواء وطمس الهوية، وأنه يمتلك من الخيارات الكثير من أجل إسقاط كافة المؤامرات والمشاريع التصفوية، ومن أجل استرجاع حقوقه.

وشدد على أن القيادة لن تقبل بديلا عن العودة، وترفض كافة مخططات التوطين والتهجير والتعويض والوطن البديل، مثمنا مواقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الرافضة للوطن البديل والتوطين واعتبار القدس وفلسطين خطا أحمر.

وأكد أن "تحرك الإدارة الأميركية نحو إيجاد حلول إنسانية لمشكلات قطاع غزة، بغرض تعزيز فصله، وما تلا ذلك من مساعي ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، تأتي ضمن المساعي لتطبيق صفقة القرن وتحويلها إلى واقع يفرض على الفلسطينيين والعرب، بتخطيط وإشراف من قبل الإدارة الأميركية".

وشدد على أنه لا دولة في قطاع غزة ولا دولة من دون غزة، وأن الدولة الفلسطينية وحدة واحدة على كافة الأراضي المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.

ووجه أبو هولي التحية لمصر الشقيقة على مواقفها الداعمة لحقوق شعبنا المشروعة، وحرصها الدؤوب على إنهاء الانقسام ووحدة الوطن.

وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية والمأساة التي لحقت به، من خلال رفع الظلم التاريخي عنه ووقف العدوان وتوفير الحماية الدولية له للحيلولة دون ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر.

وتقدمت المسيرة مجموعة كشفية، فيما حمل عدد من المخاتير والشباب والأطفال علماً فلسطينياً كبيراً، كما تخللت المسيرة مجموعتان شبابيتان، عدد كل منهما 71 شابا وشابة، بعدد سنوات النكبة، حملتا علم فلسطين ورايات وكالة الغوث الدولية "أونروا" تأكيداً على تمسك الشعب الفلسطيني ببقاء واستمرار عملها إلى حين عودة اللاجئين إلى ديارهم طبقا للقرار 194.

كما رفع المشاركون خلال المسيرة خارطة فلسطين التاريخية ومفاتيح رمزية للعودة إلى البيوت في المدن والقرى التي هجروا منها، بينما حمل الأطفال لوحات كتب على كل واحدة منها اسم قرية من القرى الفلسطينية التي دمرتها العصابات الصهيونية عام 1948، واللافتات التي تؤكد حق العودة.

وسلم وفد فصائلي، برئاسة أبو هولي، مديرَ مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في قطاع غزة، غيرنوت سارو، مذكرة سياسة باسم اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة، موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمناسبة الذكرى الـ71 للنكبة.

واستعرضت المذكرة تطورات القضية الفلسطينية بشكل عام، وقضية اللاجئين بشكل خاص، والعدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، الذي يشكل انتهاكا سافرا لمبادئ وقوانين الأمم المتحدة وعدم انصياع حكومة الاحتلال لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالحقوق الفلسطينية، والتحركات الأميركية والإسرائيلية ضد "أونروا" واستهدافها لإنهاء دورها عبر تجفيف مواردها المالية وإلغاء أو تغيير تفويضها الممنوح لها بالقرار 302.