لا تزال حركةُ أصحاب السترات الصفراء في فرنسا، منذ السنة المنصرمة، نشطةً وحيويةً وتحصد المزيد من النجاحات، بالرغم مما صاحبها ويصاحبها من أحداث وحصيلة في تعرض الأملاك الخاصة والعامة للتخريب الجماهيري؛ ولكن هذه الحركة باعتبارها حركة اجتماعية تسعى إلى إعادة التوازن إلى المجتمع الفرنسي وإقرار العدالة والمساواة استطاعت أن تحقق الكثير للفرنسيين من حيث الزيادة في أجور الموظفين في القطاعين العام والخاص، بل الزيادة في رواتب المتقاعدين كذلك الذين ما زالوا أحياء يرزقون أو الموتى الذين تغمدهم الله برحمته، ولو كانوا عمالا في ما وراء البحار وصلت عائلاتهم نتائج نضالات أصحاب السترات الصفراء، ومنهم والدتي التي توصلت بتقاعد أبي خلال الأشهر الفارطة وبه زيادة 700 مائة درهم مغربي.

أما أصحاب السترات الصفراء عندنا، فعوض أن يناضلوا دفاعا عن حقوقهم في الشغل والصحة والسكن وغيرها من حقوق الإنسان المشروعة في مواجهة الدولة فإنهم احتلوا الشوارع والأزقة، ليس دفاعا عن كرامتهم؛ ولكن لتمريغها وامتهانها عبر التسول المقنع واستجداء أصحاب السيارات في انتحال مفضوح لصفة حارس سيارات التي تحوّل كل المتسولين والعاطلين إلى ممارستها بدون سند قانوني أو ترخيص من الجهات الإدارية المختصة؛ وهو ما أصبح يسبب حرجا كبيرا لأصحاب السيارات بل يتحول في غالب الأحيان الاستجداء غير اللائق والفض والخشن إلى نوع من المضايقات والاستفزازات التي تخرج السائقين عن التحكم في أعصابهم أمام تكاثر وتناسل أصحاب السترات الصفراء عندنا.

في الأخير، يبقى المغرب أحسن من فرنسا؛ لأن أصحاب السترات الصفراء عندهم يناضلون من أجل تحسين أوضاعهم ويضغطون على الحكومة لتحقيق مطالبهم، أما أصحاب السترات الصفراء عندنا فراضون بقضاء الله وقدره ولو كان حكومة.

عبد الرحمان شحشي*