عدم اعترافاهم بنتائج انتخابات 2014 التي خسروها، انقلبوا على الشرعية، دمروا البلد واستولوا على السلطة من خلال عمليات "فجر ليبيا" التي لا زلنا نعاني تبعاتها على كافة الاصعدة الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.

خلال مدة حكمهم التي جاوزت السبع سنوات كان بإمكانهم اقامة دولة مدنية وديمقراطية، ولكنهم لا يريدون ذلك، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير. لا وجود للجيش الوطني في قاموسهم، بل عصابات (ميليشيات) تحمي نظامهم العابر للقارات.

لقد منحوا الوقت الكافي للعودة الى رشدهم والانخراط في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، لكنهم كانوا يداهنون، يعوّلون على القوى الاقليمية التي ما انفكت تدعمهم وأوصلتهم الى سدة الحكم والتحكم في موارد الدولة. فسعوا جاهدين الى نهب المال العام وإحداث فتن بين مكونات الشعب، اخذتهم العزة بالإثم، دمروا ما طاولته اياديهم القذرة، هجروا المساكين من ديارهم.

المؤسف له حقا ان يتحدثوا عن سكان المنطقة الشرقية-الشراقة وكأنهم نزلوا من كوكب اخر وليسوا شركاء في الوطن، يعيبون عليهم قدومهم الى العاصمة لتخليص سكانها من براثنهم، او ليس الاسلاميون هم البادئون والبادئ اظلم؟ من المؤسف له ان يرتوي تراب الغرب الليبي بدماء اخوتنا من الشرق وقد قطعوا مئات الكيلومترات، بينما افراد من الجيش النظامي يوالون العصابات المسلحة التي يقودها شذاد افاق مجرمون ليس لهم علاقة بالمؤسسة العسكرية ويأتمرون بإمرتها، ما يعد اهانة لشرف المهنة.

كانوا يدركون جيدا ان مصيرهم المشئوم المحتوم سيكون على ايادي الجيش الوطني، أمدوا اخوانهم في بنغازي بمختلف انواع الاسلحة والمجرمين، فجرافات الموت لم تنقطع يوما وعلى مدى 3 سنوات، علّهم يقضون على المارد في مهده لكنهم فشلوا. تحررت بنغازي، وأصبح الجيش كابوسا يقض مضاجعهم، يحاصرهم في عقر دارهم، اخر معاقلهم العاصمة التي ساموا اهلها سوء العذاب والإذلال المبيت رجلا ونساء امام البنوك التجارية والانتظام في طوابير لأجل السيولة النقدية والطوابير على محطات وقود السيارات، والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وأكوام القمامة بمختلف الميادين والساحات.

لعلها المرة الاولى التي يجد فيها الاسلاميون، حملة السلاح والأفكار الهدامة انفسهم عراة امام العالم اجمع، واتضح ان المجلس الرئاسي الذي نصّبه الغرب كان الواجهة السياسية لهم. كانوا يعولون على تدخل المجتمع الدولي، لكن عدم امتثالهم لمقررات الصخيرات بشان الترتيبات الامنية، وإعلان مليشيات مصنفة ارهابية الوقوف الى جانبهم في محاربة الجيش الوطني، جعل العالم ينفض يده ولو مؤقتا، سحب جنوده الذين كانوا يحرسون البعثات الدبلوماسية الغربية ومصالحها بليبيا بواسطة فرقاطتين، وتبين مدى عجز الرئاسي وعصاباته القيام بذلك، تركهم الغرب وشانهم يحسمون مصيرهم مع الجيش (شأن داخلي) الذي قضى على الارهاب في شرق الوطن وحرر الجنوب من المرتزقة ويسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الامن والاستقرار المفقود على مدى سنوات ووقف نزيف اهدار المال العام وتوحيد المؤسسات التي انقسمت بفعلهم ومن ثم اعادة اللحمة بين مكونات المجتمع الليبي، لتكوين الدولة التي فقدت مكانتها وأصبحت ساحة صراع ونفوذ لدول لم نكن نعيرها أي اهتمام، انه الزمن الرديء الذي يكون فيه المرء مطية للغير وتدمير "بلاده" لأجل مصالح شخصية.

قامت المليشيات الاخوانية الجمعة (12 ابريل 2019) بمسيرات جابت ميدان الشهداء بالعاصمة معلنين دفاعهم عن العاصمة (وما يدافعون إلا عن انفسهم انه اخر خط دفاعي لهم)، وهي اشبه بمسيراتهم بميدان رابعة بالقاهرة، ولكننا نقول لهم، ميدان الشهداء ليس رابعة....تمهلوا، فالجماهير التي لم تخرج اليوم لنصرة الجيش على مشارف المدينة، ستخرج عندما يقوم الجيش الوطني باقتلاعكم من جذوركم لأنكم نبتة خبيثة، فلا مكان لكم في وطن محافظ وسطي لا يؤمن بالعنف، وستبنى الدولة وتعود لها هيبتها وتنعم بالازدهار والرخاء.