جزء من النقاش الدائر حول مشكل التعليم في بلادنا، يحتدم اليوم حول ما اصطلح عليه، بالقانون الإطار، من خلال النظر في مواده، وتحديدا المادة(31) المتعلقة بالهندسة اللغوية، والمادة الثانية المرتبطة بمسألة التناوب اللغوي، وطبيعي جدا أن يشتد النقاش ويتشعب حول قضايا التربية والتعليم، إذ الأمر في النهاية يهم قطاعا مصيريا، يرهن مستقبل أجيال من المواطنات والمواطنين، ويحدد بشكل أو بآخر، صورة ومرتبة بلادنا بين الأمم.

لكن الملاحظ، مع كامل الأسف أن جزء كبيرا من الطبقة السياسية عندنا، تحول النقاش إلى صراعات شخصية، ومناكفات حزبية ضيقة، تنأى به عن القضايا الأساس.

لست أدري كيف يتحول رأي، أدلى به فلان أو فلان، الذي هو في النهاية مواطن عادي، إلى تهديد للمؤسسات، وإرباك لعمل البرلمان، وتدخل في عمل اللجن المختصة، ألهذه الدرجة يخشى بعضنا الرأي المخالف، أليست الديمقراطية رديفة التعددية السياسية والفكرية والمنهجية، لاسيما والأمر يتعلق بقطاع علائقي شديد الحساسية، هو التعليم، يتطلب بالضرورة الكثير من النقاش العلمي والسياسي، والكثير من تقليب وجهات النظر، في جو يسوده الإنصات الجيد، والتقدير العميق لكل المقاربات والأطاريح، فكيف يتحول كل هذا إلى احتكاكات شخصية، ودغدغة للأنانيات والذوات.

جزء كبير من المشتغلين بالسياسة عندنا مهووسون بالخلافات الهامشية، التي تنحرف بالنقاش إلى مسارات مؤسفة، وتضيع على بلادنا المزيد من زمن الإصلاح والتغيير، وتحرمنا من الاستفادة مما تدلي به الأطراف الفكرية والسياسية عندنا، على اختلافها وتنوعها. لست أدري، إن كان كل هذا، إنما يعني في العمق، غياب الإرادة الحقيقية، في مباشرة التغيير المطلوب، في مجال التعليم، كما في غيره، بحيث يتحول الكلام في السياسة عندنا، إلى قراءة للنوايا، وبحث في بواطن النفوس، وكشف للغيوب، يفعل هذا حتى بعض الباحثين، أو من يحملون هذا الاسم، حيث تضيع القضية الأساس، وتتلاشى في فراغ بلاغي مهول.

الرأي يقابله الرأي، والفكرة يرد عليها بالفكرة، والأطروحة تعالج بأطروحة أخرى، مخالفة أو مناقضة. رجاء كفانا دغدغة للعواطف والأنانيات، اتجهوا إلى العمق.


 

إبراهيم أقنسوس