لا شك أن ملف الأساتذة المتعاقدين أو الذين فُرض عليهم التعاقد سيشهد مزيدا من التصعيد والدفع بعجلة الملف نحو المجهول، دون الحديث طبعا عن ضياع حقوق التلاميذ التعليمية بين تهديد الحكومة بالطرد والاقتطاع، وصمود الأساتذة المحتجين إزاء ذلك، ما جعل المواطن المغربي يتابع مساء أمس السبت 23 مارس بحسرة ودهشة شديدتين جماجم وعظام أساتذة الأجيال القادمة، تُكسّر بالهراوات ودماؤهم تسيل على الإسفلت. لكن، وفي ضوء هذا كله وما سيفرزه من أوراق مجانية ستُقدّم على طبق حقوقي لخصوم المغرب بالخارج، نجد أحزابا تصف نفسها بالوطنية تؤثث لمشهد انتخابي قادم عبر تنظيم حملات انتخابية سابقة لأوانها، إلى الحد الذي جعل قادة هذه الأحزاب تهرول نحو منصات خشبية لتُبشر أقواما خشبية بانتخابات استثنائية، كما فعل حزب الاستقلال حين رَدّ من جنوب المغرب على زعيم الأحرار، وكما صنع زعماء العدالة والتنمية وكبير الاتحاد الاشتراكي. جميعنا يضع يده على قلبه لما يتهدد السلم الاجتماعي بالبلاد من زوابع وشيكة بعد التحاق طلبة الطب والممرضين بموجة الغضب القائمة بشوارع الرباط، ومع ذلك تأتي كائنات انتخابية وتحدثنا دون خجل عن غد مشرق ستبتدئ إشراقته مطلع سنة 2021. الأكيد أن المواطن المغربي فقد الثقة في الأحزاب، لكن ليس إلى هذه الدرجة من السوريالية و الاستخفاف بمصائر الناس السياسية والاجتماعية والتعليمية بهدف الظفر بأصوات قد تؤدي إلى قيادة حكومة لا تحكم.

شخصيا، كنت أظن أن سياسة العصا لمن عصى، وأسلوب سحل الأجساد من على رصيف الشوارع وتكسير الجماجم والعظام… كنت أعتقد أن تلك السلوكات قد انتهت وولى زمنها إلى غير رجعة، أو على الأقل هناك محاولات لإنهائها في أعقاب ما سمي بالربيع المغربي، غير أن واقع الحال يفرض أحجاما وكميات إضافية من الدماء حتى يكون المغرب بلدا ديمقراطيا فعلا وقولا، وهذا ما لايتمناه الأحرار.



يوسف الإدريسي