حاولت أن أتتبع مكر ودناءة  المافيا  الحاكمة  في الجزائر ، وحاولت أن أستشرف ما  سيقوم به  هذا  النظام  الخبيث للرد على  مطالب  الشعب  الجزائري  الهائج  في  الشوارع  بعد أن  كسر أغلال  الخوف ،  وقد اقتربتُ شيئا  ما  تخمين  الخطوة  التالية  التي  سيقوم بها  النظام  بعد  رسالة  بوتفليقة  التي  قرأها  نيابة عنه  مدير حملته  عبد  الغني زعلان يوم 03 مارس بعد جمعة الصمود  للشعب  الجزائري والتي  سميتها  ( طاب  جنانو رقم 2 ) ، فقد تضمن  مقالي  السابق  الذي  كان  عنوانه ( إقدام بوتفليقة على الترشح هو قمة استهتاره وانعدام إحساسه بالمسؤولية واحتقاره للشعب الجزائري ) المنشور  بهذه  المجلة الغراء  بتاريخ  05 مارس  2019  في  ركن  للأحرار  فقط  ،  قلت  إنني  اقتربت  كثيرا فيما  قلته   في تحليلي لترشح  بوتفليقة  لعهدة  خامسة ، اقترب  تخميني  من  قرارات قامت  بها العصابة  الحاكمة  للاستمرار في  الحكم  بعد  عودة  بوتفليقة  من جنيف  يوم  10  مارس  2019 ،  ويمكن  الرجوع  لذلك  ، فقد  قلت  حرفيا : " كل ما  قلناه  في  هذا  المقال  وفي  مقالات سابقة  ومع ذلك  لم  نستطيع  مجاراة  نفاق  وأكاذيب  وأساليب  المراوغة  والشيطنة والخبث والدناءة  التي  يعيش بها  ومنها  هذا النظام ،  ها  هو  حتى  بعد أن  قام  الشعب  بانتفاضته  ضده  ها هو  يخترع  وسيلة  جديدة  لتقديم  الجزائر إلى جيل  جديد  من  الخونة  الأصغر  سنا  من  عصابة بومدين  لكنها  من  صلبه  ومن  دمه  ، لقد  اخترع  النظام  أسلوبا  لاستمرار  جثومه  على  صدر  أحرار  الجزائر  ،  فَحَسَبَ  رسالة  طاب  جنانو رقم 2  سَـتَـمُرُّ  انتخابات  18 أبريل  2019  و سيفوز  بوتفليقة   بعهدة  خامسة  لِيُسَلِّمَ  الحكمَ  لجيل  جديد من  الحركي  من  أحفاد  الحركي  وسيبقى  الوضع  على ما هو  عليه   إلى أن  تبقى الجزائر  خرابا  يبابا  ، بلا  ماء  ولا  غاز  ولا نفط  ولا  تراب  يصلح  للزرع  والضرع  ، فماذا  أنت  فاعل  أيها  الشعب  الجزائري  المغبون  في  حقوقه  طيلة  قرنين  من  الزمان (  130 سنة + 57  سنة ) ؟  والباقي  سيتكفل  به  حفدة  الجنرال  دوغول  الذي  كان  يخدم  بلاده  بشوفينته المعروفة  مستغلا  الخونة  من  الجزائريين الذين  ضحكوا على  ذقون  ملايين من الشعب  الجزائري فسرقوا  ثورته  وثروته  و زوَّرُوا  إرادته  وتاريخه و لا يزالون  مستمرين  في  تزوير  إرادته  إلى ما شاء الله" انتهى ما جاء في الفقرة  الواردة  في مقالي  السابق ...

 قلتُ سيفوز بوتفليقة في انتخابات 18 أبريل  فردَّ علي بأنه قرر الخلود في السلطة وبدون انتخابات:

عاد بوتفليقة من جنيف يوم 10 مارس 2019 وفي 11 منه قلب الدنيا  ولا تزال العقول حائرة  في  هذا  المكر  والدهاء  الغرائبي ، إن لم  يكن  مكره  فهو  مكر  الدائرة التي  تحيط به  فقد  قرر  بوتفليقة في  رسالة  ثانية  سأطلق  عليها  اسم  ( طاب جنانو رقم 3 )  نختصر ما فيها  فيما يلي :

1) إلغاء  العهدة  الخامسة  وإلغاء  انتخابات  18 أبريل  2019نزولا  عند مطلب  الشعب الجزائري  الذي  خرج للشارع  يقول  لا للعهدة  الخامسة  ، ( والله  إنه  منتهى  المكر والدهاء ، يتحدى  الشعب  ويقول  له  أنتم  لا تريدون  عهدة  خامسة  بخمس  سنوات  إذن  قررت  أن أبقى  جاثما على صدوركم  مدى  ما  حييت  لأنني  قررت  ذات  يوم  أن  أموت وأنا  رئيس  للجزائر  شئتم  أم  أبيتم .)

2) قراره  بتعديل  وزاري  مهم  جدا  أطاح فيه  بصاحب المهمات القذرة  أحمد أ, يحيى وعوضه  بوزير  الداخلية  نور الدين بدوي  كما عين  رمطان لعمامرة  نائبا  للوزير الأول  ووزيرا  للخارجية  بدلا  من  عبد  القادر  مساهل   بعد أن  وقع  مرسوما  بإحداث  منصب  نائب  الوزير الأول .(  المكلف  بالداخلية  نور الدين بدوي  سيشكل  حكومة  كلها  حكومة  أمنية  ونائبه  رمطان لعمامرة  عاد  لوزارة  الخارجية  ولكن  بسلطات  أقوى  وأكثر توسعا  بإضافة  نيابته  عن  الوزير الأول  بمعنى  سوف  لن  يحتاج  للعودة  لأي كان  في  اتخاذ  قرارات  فيما  يتعلق  بتسيير  شؤون  الدبلوماسية  الجزائرية  ، أصبح  طليق  اليدين  لينفذ  ما  يراه  دون  الرجوع  للوزير الأول ، وننتظر  منصبا  لابنته  أمال نسرين  لعمامرة  المتخصصة  في  قضايا  الانفصال  والانفصاليين الملحقة  بإحدى أجهزة  الأمن العسكري  الخاص بالبوليساريو ودعمهم  ماليا  وعسكريا )

3) إعلانه  عن  التمسك  بعقد  الندوة  الوطنية الجامعة المستقلةالتي  ستتمتع  بكل  السلطات لإعداد  إصلاحات  ستكون  أساسا  لنظام  حكم  جديد سيكون على رأسها  شخصية  مستقلة  وستتكلف هذه الندوة  بإعداد  مشروع  دستور يعرض  على الشعب  للتصويت عليه  كما  أنها  هي  التي  ستحدد  موعد  الانتخابات  الرئاسية ...( طبعا  لا بد وأن  تكون  هذه الإصلاحات  بين قوسين  تعتمد  على  استراتيجية  الدولة  الشمولية  التي  ستزيد  الشعب  قهرا  خاصة  إذا  أكثرت  من  التوصيات  التي  تركز على  ضرورة  الحفاظ  على  استقرار أمن  البلاد  وترهيب  الشعب بالأسطوانات  المشروخة  التي  تكرر  وتعيد  مقولة  أمن واستقرار  الجزائر  أولا  وثانيا وثالثا ، كما أن  مشروع الدستور الجديد  سوف  لن يخرج  عن  الفلسفة  العامة  التي  حكمت  الجزائر طيلة  57  سنة  ، ولم  يفت  بوتفليقة   إسناد  مهمة  تحديد  تاريخ  الانتخابات  الرئاسية لهذه  الندوة  ورئاستها  ،  ولا  ننتظر  أن  تعكس  الندوة  مطالب  الشعب  بتغيير  فلسفة  النظام  الشمولي  القمعي  القائم  حاليا  بل  لا بد  أن  تضع  منافذ  يتسرب  منها  عتاة  النظام  المجرم  الحاكم   حاليا )

4) يؤكد  بوتفليقة في  رسالته  طاب جنانو رقم  3  على  أن  حكومة  مكونة  من  كفاءات  وطنية  تتمتع  بدعم  مكونات  الندوة الوطنية  هي التي  يجب أن تشرف على  مهام الإدارة العمومية  ومصالح الأمن  وتساعد  اللجنة الانتخابية الوطنية  ...(  وهكذا  يتأكد  أن بوتفليقة  عازم  على  خلط الأوراق  وتسليم  السلطة  لعناصر  من  مكونات  عصابة  بومدين  التي حكمت  الجزائر 57  سنة  حريصا  على  أن  تبقى الجزائر  تحت وطأة  التخلف  الأبدي )...

بوتفليقة  يحرص  على  تسريب  عناصر  من  عصابة  بومدين  في أي  تغيير للسلطة  في البلاد :

إذا تسربت  عناصر من مكونات عصابة بومدين إلى أي  بنية  نظام  جديد  في  الجزائر بعد  الحراكالمعجزة  الذي  قام  في الجزائر منذ   22 فيفريي 2019  ولا يزال  مستمرا  ،  إذا حصل  ذلك فهو  خطرٌ  كبيرٌ   على  التغيير  الجذري  المنشود  لأي نظام   بديل  في الجزائر لأن  هؤلاء العناصر  سيكونون  بمثابة  بذرة  سرطان  لأي  نظام  جديد  في  الجزائر ، كما  حدث  للثورة  الجزائرية  التي قامت  في  فاتح  نوفمبر 1954  و تسربت  إليها  عناصر  من عصابة  بومدين  الذي  دمر  الثورة  ومبادئ الثورة  وتآمر  مع  المستعمر  لتدمير  الجزائر وَ مَنْ  شك  في  ذلك  فليجيب  عن  هذا  السؤال : لماذا  انتفض  الشعب  الجزائري في  22 فيفريي  2019  ؟

عصابة بومدين الحاكمة تسعى إلى استنساخ نظام آخر من عناصرها  لتمديد عمرها 50 سنة أخرى

لا يمكن أن  ينكر أحد أن المظاهرات التي عمت الجزائر منذ 22 فيفريي 2019  بأنها  معجزة  القرن في تاريخ الجزائر الحديث  ، لكن الخوف كل الخوف أن  يعيد  التاريخ  نفسه ،  فمن خلال  رسالة  بوتفليقة  المسماة  طاب جنانو 3  السابقة الذكر  لن يستطيع أحد  أن  يجزم  أن هذه المظاهرات المجيدة  لن تفرز لنا نخبة  مستنسخة من النظام القائم  طيلة 57  سنة  في الجزائر  نظام  عصابة بومدين ، فكثرة  اللغط  الذي  صاحب  هذه  المظاهرات  لا بد  وأن  يدفعنا   للريبة  في  أهداف  كثير  من  أزلام  عصابة  بومدين   عسكريين  أو مدنيين  وهم  يناقشون  في  مختلف  وسائل  الإعلام   ظروف  وملابسات  قيام هذه  المظاهرات  وكأنهم  لم  يكونوا  يوما  جزءا  من  النظام  ، اليوم  الخوف كل الخوف من أن تتكرر  مطحنة  08  سنوات من ثورة  نوفمبر 1954  التي  أفرزت  حكم  العسكر  وخيانة  مبادئ  الثورة  وقيام  نظام  شمولي  بدعم  من الاستعمار الفرنسي الذي لا يزال  قائما إلى الآن  وإلا  لتزعزع   عرش  هذا النظام  منذ  هبة  الشعب  المفاجئة  في 22  فيفريي 2019  بالإضافة  لاستمرار  هذه  المظاهرات  في  الانتشار حتى  عمت  كل  التراب  الجزائري ،  وتتكرر هذه المظاهرات  بأعداد  مليونية في جمعة 01 مارس وجمعة 08 مارس 2019 ...والآن  الكرة  في  ملعب  الشعب الجزائري  الذي  خلق  المعجزة  فهل  ما  تداولته  بعض  المنابر  من  أن الشعب  قد  خرج  للشارع  عشية  يوم الإثنين  يعبر  عن  فرحه  بتخلي  بوتفليقة  عن الترشح  لعهدة  خامسة  في  إشارة لانتصار الشعب  على النظام  بسبب  تلك  المظاهرات  وهو  انتصار  كاذب ، فطالما  ظهر  الشيوخ  مرة أخرى  في المشهد  السياسي  ( الأخضر الإبراهيمي ) مثلا  فإن  الخوف  كل  الخوف  من  تكرار  تسريب  الخونة  من  حفدة  الجنرال  دوغول  لأي  شكل من  أشكال  الحكم  في البلاد  ،  وهؤلاء  أعداءٌ  بالفطرة  للشعب  الجزائري  الذي  هب  في 22  فيفريي  2019  لإسقاطهم  من  دواليب  الحكم  وليس لإعادة  استنساخ  هذا النظام  وتكوينه  من  عناصر  حفدة  أبناء  الخونة  وحفدة  عصابة بومدين  التي  خربت  الجزائر ... طالما  قلنا  ورددنا  أن  حكام  الجزائر  هي مافيا  وليست  رجالا  للدولة  بل  عصابة  مجرمة ،  فهل  سينجح  بوتفليقة  على  فرض  استنساخ  نظام  جديد  من  عناصر  عصابة بومدين  ويلتف  بمكره  ودهائه  على  مطالب  الشعب  المختصرة  في  إسقاط النظام  ولا شيء  غير إسقاط النظام  ...

حذاري ثم  حذاري  فإني  أرى  عصابة  جديدة ستخرج  من  عباءة  المافيا  الحاكمة  اليوم  في  الجزائر ، والخوف  كل  الخوف  أن  تنطلي  هذه  الحيلة  الخبيثة  والدنيئة  على الشعب  الجزائري ويخرج  فرحا  بها  كما  خرج  أجدادهم   فرحين   باستقلال  مزيف  عام  1962   وثورة   مخنوقة  ومبادئها  المسروقة  ،  ونقول  عن  انتفاضة  الشعب  المجيدة  ليوم  22  فبراير  2019  ضاعت  كما  ضاعت  كثير  من  الفرص  منذ  1954 ؟

إن هذا  هو  الامتحان  الصعب  الذي  سيقفز من  خلاله  السؤال  الصعب  والمؤلم :  هل  خرج الشعب  الجزائري  فعلا  عن  وعي  لإسقاط  نظام  مافيا  الكوكايين  أم  خرج  لينفس  عن  كربته  في  الشوارع  و يعود  لدياره  فرحا   بهذه  النتيجة  المهزلة  ، وهي  وعود  بإعادة  استنساخ   النظام  لنفسه  مرة ثانية  ليستمر  في  السلطة  50  سنة  أخرى  ؟

إنه  أمر  محزن  جدا  جدا  إذا  حدث ....

سمير كرم  خاص  للجزائر