لاتزال الاستقالة المفاجئة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من منصبه تثير الكثير من الجدل والتأويلات.

ولم يعلن الوزير الإيراني الذي يعتبر مهندس الاتفاق النووي للعام 2015، أسباب استقالته، لكن وكالة "انتخاب" الإيرانية قالت إنها حاولت الاتصال بظريف وتلقت الرسالة التالية "بعد صور لقاءات اليوم (الاثنين)، لم يعد لجواد ظريف أي مصداقية في العالم كوزير للخارجية!".

وكان ظريف يشير إلى اللقاءات التي عقدها المرشد الأعلى علي خامنئي مع الرئيس السوري بشار الأسد. والاثنين التقى الأسد بخامنئي خلال زيارة مفاجئة لطهران هي الأولى له منذ اندلاع النزاع في سوريا.

وبحسب وكالة إسنا، فإن ظريف لم يحضر أيا من الاجتماعات التي عقدت خلال زيارة الأسد.

واليوم الثلاثاء حظرت إيران صحيفة "قانون" الإصلاحية بسبب مقالة تناولت فيها اللقاء الذي جمع بين المرشد الأعلى والرئيس السوري في طهران الاثنين، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الطلابية (إسنا).

وأوردت الوكالة أن "صحيفة قانون تلقّت إشعارا وقد أوقف نشرها بسبب عنوان صفحتها الأولى الثلاثاء".

وقد سلّمت محكمة المطبوعات في طهران إدارة "قانون" القرار الذي يفرض "حظرا مؤقتا" على الصحيفة، من دون تحديد مدة هذا الحظر.

ولم توضح الوكالة ما ورد في مقالة الصحيفة حول هذا اللقاء، لكن النسخة الرقمية للخبر حملت عنوان "ضيف غير مدعو".

ونشرت الصحيفة على صفحتها الأولى صورة للأسد والمرشد الأعلى متعانقين.

عناق بين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس السوري بشار الأسد
ظريف شعر بتهميش دوره كوزير للخارجية خلال زيارة الأسد لطهران ولقاءاته بخامنئي والجنرال قاسم سليماني

وسبق للصحيفة أن تم حظرها مرّتين في السنوات الأخيرة، مرّة لنشرها رسما كاريكاتوريا اعتبر "مهينا للمنظمات الحكومية" والثانية بسبب تقرير حول سجن إيراني بعنوان "24 ساعة لعينة"، بحسب وكالة أنباء تسنيم الإيرانية.

وإيران حليفة أساسية داعمة للأسد وتسانده في النزاع الدائر في سوريا منذ نحو ثماني سنوات الذي أدى إلى مقتل أكثر من 360 ألف شخص.

وذكرت  الرئاسة السورية في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأسد استعرض مع خامنئي "علاقات الأخوة الراسخة" بين الشعبين والتي شكلت "العامل الرئيسي في صمود سوريا وإيران في وجه مخططات الدول المعادية التي تسعى إلى إضعاف البلدين وزعزعة استقرارهما ونشر الفوضى في المنطقة ككل".

وقال خامنئي على موقعه الالكتروني إن "إيران تعتبر مساعدة حكومة وشعب سوريا مساعدة لحركة المقاومة، وتفتخر بذلك من كل قلبها".

وتابع "المنطقة العازلة التي يسعى الأميركيون إلى إقامتها في سوريا هي مثال على المؤامرات الخطيرة التي يجب إدانتها ومقاومتها بقوة".

وساهم تدخل إيران ومجموعات شيعية مسلحة تدعمها أبرزها حزب الله اللبناني في القتال مع الجيش السوري، في ترجيح موازين القوى لصالح دمشق على عدة جبهات.

وتتبادل واشنطن وطهران الاتهامات بالسعي لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

وتسعى واشنطن لإقامة منطقة عازلة أمنية في شمال وشمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، لتفادي هجوم تركي ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية في محاربته تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال خامنئي للأسد "من خلال الصمود الذي أبديتموه، تحولتم إلى بطل على صعيد العالم العربي وبفضلكم تعززت قدرات المقاومة وارتفعت مكانتها في المنطقة".

كما التقى الأسد الرئيس الإيراني حسن روحاني. ونقلت وكالة إرنا الرسمية عن روحاني قوله إن "الجمهورية الإسلامية كانت على الدوام ولا تزال واقفة إلى جانب الشعب والحكومة السورية في مسار محاربة الإرهاب في هذا البلد ولم تدخر جهدا في هذا الصدد".

وأكد روحاني "استعداد إيران للمساهمة في عملية إعادة الإعمار في سوريا"، مضيفا أن "طهران ستبقى إلى جانب دمشق في مسار تحقق الاستقرار وعودة النازحين السوريين ومتابعة العملة السياسية في سوريا".

استقالة ظريف تكشف عن أزمة سياسية عميقة في إيران وانقسامات تشق الحكومة الاصلاحية بدفع من التيار الموالي لخامنئي

ومنذ اندلاع النزاع في سوريا، اقتصرت زيارات الأسد الخارجية النادرة على روسيا، وآخرها في مايو/ايار 2018، حين التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يعد من أبرز داعميه.

وبفضل التدخل العسكري الروسي منذ نهاية سبتمبر/أيلول 2015، باتت القوات الحكومية تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد بعد تحقيقها انتصارات على الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية في آن معا.

وخلال سنوات النزاع، تكررت زيارات مسؤولين إيرانيين إلى سوريا. كما زار مسؤولون سوريون طهران.

وتأتي هذه الزيارة وهي الأولى للأسد إلى طهران منذ العام 2010، بعد أسابيع من توقيع البلدين اتفاق تعاون اقتصادي "طويل الأمد" شمل عدة قطاعات أبرزها النفط والطاقة الكهربائية والزراعة والقطاع المصرفي.

ومنذ بدء النزاع السوري في منتصف مارس/آذار 2011، قدّمت إيران دعما سياسيا واقتصاديا وعسكريا لدمشق.

وبادرت في العام 2011 بفتح خط ائتماني بلغت قيمته حتى اليوم 5.5 مليارات دولار، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش السوري في معاركه.

ووقع البلدان في أغسطس/اب 2018 اتفاقية تعاون عسكرية تنص على تقديم طهران الدعم لإعادة بناء الجيش السوري والصناعات الدفاعية.

وبحسب نشرة "سيريا ريبورت" الإلكترونية الاقتصادية، منحت شركات حكومية سورية الشركات الإيرانية حصرية المشاركة على عدة مناقصات.