بعد ان تم التصديق على نتائج الانتخابات الكردية، عرفت الجماعات السياسية المشاركة فيها مستوى شعبيتها، رغم المحاولات الحثيثة لبعض الأطراف التي جاءت نتائج الانتخابات مخالفه لتمنياتهم بالطعن وتقديم الشكاوي ولكن دون جدوى. فقد حصل كل حزب كردي على عدد معين من المقاعد داخل البرلمان الكردستاني وجاء الحزب الديمقراطي الكردستاني في مقدمة الأحزاب بعدد المقاعد حيث حصل على 45 مقعدا ومن بعده الاتحاد الوطني 21 مقعدا وحركة التغيير 12 مقعدا والجيل الجديد 8 مقاعد والجماعة الإسلامية 7 مقاعد ونحو الإصلاح 5 مقاعد وكل من الحزب الشيوعي والكلدان وسردم العصر والرافدين والمجلس السرياني واتحاد المسيحيين على مقعد واحد.

كان 31 اكتوبر من 2018 اخر يوم لمدة البرلمان التشريعي والتي اتسمت بعجزها "لأسباب" المفروض أن يتم تفاديها في المرحلة القادمة عند تشكيل الحكومة الجديدة. اذ مرت الفترة السابقة اَي أربعة أعوام بحالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وعليه نرى وجوب تغيير التوجه السائد وهو التراضي والمجاملة عند تشكيل الحكومة بهدف الحفاظ على البيت السياسي الكردي. والاخير لم يكن له اَي اعتبار عند بعض القوى السياسية بل عملت على جلب الضرر لكردستان. لذا ندعو الى تشكيل حكومة الاغلبية وحسب الاستحقاقات الانتخابية ومشاركة القوى السياسية الموافقة على البرنامج الحكومي فقط.

في الواقع اثبت بعض القوى السياسية الكردية ان وجوده أصلا من اجل التنكيل بالحزب المقابل بعد ان كانت تلك الأحزاب بالأصل جزءا منها فانفصلت لتشكل حزبا او تيارا او جماعة، ومهما جاءت المحاولات للتقارب لم تجدِ نفعا وسوف لن يجدي نفعا خاصة بعدما حصل في اختيار رئيس جمهورية العراق والمفروض ان يكون ممثلا عن الكرد من خلال اتفاق القوى الكردستانية عليه الا ان الامر جاء وحسب اتفاق "مؤامرة" نفس الأطراف مع اخرى غير كردستانية والمصرة على تشتيت البيت الكردي والذي بدوره يؤثر سلبا على الاستقرار الداخلي لإقليم كردستان. لذا نرى ابعادهم عن القرار السياسي الكردستاني من خلال عدم مشاركتهم في مناصب صنع القرار السياسي والاكتفاء بمناصب خدمية عامة.

الا ان مثل هذه الخطوة تحتاج الى:

اولا: عدم التساهل مهما كانت الضغوطات، لان هذه الأطراف من ضعفها تلجأ الى التهديد.

ثانيا: أهمية أخذ الحيطة والحذر لتوقع محاولات منهم دون حصول ذلك وبكل الطرق الممكنة حتى وان كانت غير اخلاقية فكركوك نموذجا.

ان احتواء اي نزاع داخلي وتخفيف المعاناة ونزع فتيل اي فتنة هو تحدٍ كبير ورئيسي يقع على عاتق الاحزاب السياسية الكردستانية لحماية السلام الوطني. فعندما تصبح المصالح متناقضة والتعبير عنها بصورة عدائية يعطي مؤشرا خطيرا ومؤثرا على عموم الشعب الكردستاني.

هذا المؤشر جاء بعد تنامي الشعور بتهديد المصالح من حزب او جماعة. اليس بامكان الاحزاب ان تحقق مصالحها باستخدام آليات مقننة ومنضبطة لمنع تحولها الى ازمة مؤثرة؟ او اللجوء الى وسائل تخفف من وطئتها؟

الصراع بين الاحزاب غالبا لا يبرز بصورة مفاجئة وبالتالي لا ينتهي ايضا بصورة مفاجئة، لذلك وللضرورة المرحلية نطلب من الاحزاب والجماعات السياسية بدور وسطي. والاخيرة يتطلب معرفة بعض الامور المهمة وهي:


1- عدد الاحزاب المواجهة.

2- مدى العلاقات.

3- ادراك الاختلافات بين الاطراف الرئيسية.

4- مستوى التعبئة السياسية.

5- حجم المطالب. 

ولكن عندما يتحول الصراع بين الاحزاب الى اشخاص يتفاقم الامر ويصبح التسقيط الشخصي هو الاسلوب المتبع. ان غالبية الصراعات السياسية التي تبدو انها ايديولوجية الا انها في الحقيقة والواقع صراعات شخصية تقع ضمن محور من يكون "صاحب القرار" في "السلطة"، فيعتلي بعض "المثقفين" المنابر بما يدعون معرفتهم ويغرقون الاوساط (اسمحوا لي ان ادعوها بالمهاترات) دون ان ينظروا الى ابعد من ارنبة انفهم ليزيدوا "الطين بلة". 

ألا يتحتم علينا الابتعاد عن الخطاب الاستفزازي؟ وأن نتحرى الخطاب المتزن المسؤول الذي يعالج المشاكل وليس تأجيجها؟ فلنا بيت اسمه البيت الكردي له حق كبير علينا لتحقيق الاصلاح. والتغيير الجدي هو في تطوير مؤسسات الاقليم ولا يعوض ذلك بتغيير شخص على اساس انها المهمة المركزية. نحن امام مهمة تاريخية لن تقوم بها الا الوحدة الكردستانية.

د. سوزان ئاميدي