عادت المدارس القرآنية لتتصدر النقاشات السياسية والأمنية في تونس، بعد حادثة إغلاق مدرسة قرآنية بمنطقة الرقاب التابعة لمحافظة سيدي بوزيد وسط البلاد.

فتح تحقيق

أعلنت النيابة العامة التونسية الأحد أنها فتحت تحقيقا في شبهة استغلال أطفال موجودين بإحدى المدارس القرآنية بمدينة الرقاب بولاية سيدي بوزيد.

وكما تم إيقاف صاحب المدرسة على ذمة البحث في انتظار عرضه على الجهات القضائية المختصة.

يأتي ذلك بعد تدخل السلطات لإغلاق المدرسة القرآنية التي تم العثور داخلها على 42 قاصرا و27 راشدا يُقيمون بشكل مختلط في المكان نفسه وفي ظروف وصفتها وزارة الداخلية بغير المستجيبة "لأدنى شروط الصحة والنظافة والسلامة".

كما برز في المعطيات الأولية التي كشفتها السلطات التونسية الاشتباه في تلقين الأطفال في هذه المدرسة أفكارا وممارسات متشددة.

أفكار منغلقة

أعادت هذه التطورات قضية تدبير المدارس والجمعيات القرآنية إلى واجهة الأحداث مجددا.

وفي هذا الصدد، يقول عضو وحدة بحث الظاهرة الدينية بتونس، غفران حسايني، إن تدريس الفكر الإسلامي يجب أن يكون في "فضاءات منفتحة ومتصالحة مع العصر"، لأن الفضاءات المغلقة "لا تنتج سوى الأفكار المنغلقة".

ويرى حسايني أن إغفال متابعة هذا النوع من المدارس "قد ينتج عنه تفريخ جيل جديد من المتشددين".

"الدفاع عن وجود مثل هذه المؤسسات يُذكّر بتحمس البعض للمخيمات الدعوية في عام 2012 التي أنتجت العنف والتطرف وكان لها دور في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر"، يستطرد الباحث.

ويتساءل المتحدث عمّا يمكن لهذه المدرسة المغلقة أن تقدمه للأطفال، خصوصا "في ظل عزلتها فضلا عن وجود ظروف صحية غير ملائمة بها"، داعيا إلى أن "يكون تعليم القرآن تحت إشراف الدولة عبر مناهج معروفة وفي ظروف طيبة".

إنتاج التطرّف

يشاطر الخبير الأمني، علية العلاني، طرح الباحث حسايني، مؤكدا أن اكتشاف مدرسة قرآنية بمنطقة الرقاب "قد يخفي وجود مدارس أخرى تتبع السياسة ذاتها"، ما يؤشر على قصور الرقابة الأمنية وفق قوله.

ويرى العلاني أن هذه المدارس تعد مؤشرا على "وجود مخططات لزرع الفكر المتشدد بعيدا عن المدن الكبرى بغاية إنتاج موجة جديدة من المتطرفين".

"اكتشاف هذه المدرسة يفرض على السلطات مزيدا من اليقظة لمنع توظيف جزء من الشباب في خدمة أجندات الحركات الراديكالية"، يستطرد الخبير الأمني.