أعلنت الولايات المتحدة رسميا تعليق التزامها بمعاهدة القوى النووية متوسطة المدى، التي تحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى، وتعد أساسية في الحد من التسلح منذ زمن الحرب الباردة.

وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة أن بلاده ستعلق ابتداء من السبت "كافة التزاماتها بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، والبدء في عملية انسحاب من المعاهدة ستكتمل خلال ستة أشهر، إلا إذا عادت روسيا للالتزام بالمعاهدة وتدمير جميع الصواريخ والمنصات والمعدات التي تنتهكها".

واتهم وزير الخارجية مايك بومبيو روسيا بانتهاك بنود المعاهدة على مدى سنوات، قائلا:"رفضت روسيا اتخاذ أية خطوة على طريق العودة إلى امتثال حقيقي يمكن التثبت منه".

وقال بومبيو إن واشنطن أثارت أكثر من ثلاثين مرة دون جدوى قضية عدم التزام روسيا ببنود المعاهدة على نحو "يشكل خطرا على الأمن الأوروبي والأمريكي".

وسيسري تطبيق التعليق ابتداءً من يوم السبت ولمدة ستة أشهر، لكنه سيصبح انسحابا دائما من المعاهدة في حال فشل المفاوضات في حل الخلافات بين الجانبين.

وتزعم واشنطن أن موسكو انتهكت المعاهدة بإنتاج صاروخ كروز روسي جديد من طراز "نوفاتور 9M729 " والمعروف لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) باسم SSC-8 .

وسيُمّكن هذا النوع من الصواريخ روسيا من شنّ ضربة نووية تجاه دول حلف الناتو في وقت قصير للغاية.

وقال روبرت وود المبعوث الأمريكي الخاص بنزع الأسلحة إن النظام الصاروخي الروسي الجديد قادر على حمل الرؤوس الصاروخية العادية والنووية.

وردّت روسيا على المزاعم الأمريكية قائلة إن مدى الصاروخ المشار إليه يُخرجه من البنود المشار إليها في المعاهدة، متهمة واشنطن بتلفيق ذرائع كاذبة للخروج من معاهدة ترغب في مغادرتها بأي شكل حتى يتسنى لها تطوير صواريخ جديدة.

ورفضت روسيا مطلبا أمريكيا بتدمير الصاروخ الجديد الذي رأت فيه واشنطن "انتهاكا مباشرا" لمعاهدة القوى النووية المتوسطة.

وكان متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أشار في وقت سابق إلى أن روسيا بإمكانها اتخاذ خطوات لإنقاذ المعاهدة.

اتفاق نووي أمريكي روسيمصدر الصورةGETTY IMAGESImage captionوقع الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان ( على اليمين) ورئيس الاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى عام 1987

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أكد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن بلاده ستنسحب من معاهدة تاريخية للأسلحة النووية مع روسيا، متهما الأخيرة بأنها انتهكت معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقعة عام 1987.

وقد أكد ترامب حينها أن بلاده لن تسمح لروسيا بالمضي قدما في تصنيع الأسلحة بينما لا يُسمح لأمريكا بذلك.

ووصفت روسيا آنذاك تصريحات ترامب بأنها "خطوة خطيرة جدا"، وقالت على لسان وزير خارجيتها سيرغي ريابكوف: "ستكون هذه خطوة خطيرة جدا، وستثير استنكارا حادا".

وأكد ريابكوف أن المعاهدة مهمة للأمن العالمي في أجواء سباق التسلح، ومن أجل الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي، وأدان ما وصفه بمحاولات الولايات المتحدة للحصول على تنازلات عبر الابتزاز.

وتحظر المعاهدة تصنيع صواريخ متوسطة المدى تطلق من قواعد أرضية بمدى يترواح من 500 إلى 5,500 كيلومتر.

وفي الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن بلاده ستطور صواريخ محظورة بمقتضى اتفاق يعود إلى فترة الحرب الباردة إذا انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية نووية مهمة، قائلا إن الاتهام يمثل ذريعة للولايات المتحدة كي تنسحب من الاتفاق.

وجاءت هذه التصريحات في أعقاب اتهام حلف الناتو لروسيا بانتهاك معاهدة القوى النووية قصيرة المدى.

وقال بوتين حينها إن "الكثير من الدول الأخرى طورت أسلحة محظورة بمقتضى معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، ويبدو الآن أن الشركاء الأمريكيين يعتقدون أن الوضع تغير كثيرا وأنه يتعين عليهم امتلاك مثل هذا السلاح أيضا. فما هو ردنا؟ ردنا بسيط، في هذا الحالة سنفعل ذلك أيضا".