إلى السيدين:

المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر

المدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بوجدة

تحية بيئية

وبعد

منذ حوالي سنتين وأنا ألاحظ في رياضاتي الصباحية بالمنطقة التلية الصنوبرية المسماة "ثلغمين"، الواقعة بين "وادي ميطر" و"متليلي" جماعة مستفركي، عمليات قطع "متوحشة" لأشجار الصنوبر الباسقة، التي يعود زمن غرسها، كأحزمة خضراء، محيطة بأشجار اللوز، إلى فجر الاستقلال، ضمن مشروع من وضع الفرنسيين، شمل منطقة "أزغوغ "كلها؛ وأنتم أدرى بكل تفاصيل هذا المشروع القديم، الذي ظلت مداخيله تقسم مناصفة بين ملاك الأراضي والدولة إلى أن استنفدت الشراكة زمنها، وخرجت منها الدولة.

لم يكن متصورا، فلاحيا، أن ينجح المشروع، في فجاج جبلية ريحية، دون حماية أشجار اللوز بأحزمة خضراء، من الصنوبر والعرعار، تحيط بكل القمم التلية، وتنزل عبر سفوحها.

وعبر هذه التلال امتدت مسالك طرقية، أصبحت مع الأيام من الملك العام وليس الخاص، بدليل أن المجلس القروي تعهد بعضها أخيرا، في إطار برنامج فك العزلة عن العالم القروي.

واعتبارا للقوانين البيئية الجاري بها العمل في بلادنا، فإن الأحزمة الخضراء، بالقمم والسفوح، تقع تحت مسؤولية الدولة، لمنفعتها العامة؛ خصوصا ما يتعلق بتثبيت التربة التلية الهشة التماسك، وما يتعلق بدورها في إنتاج الأوكسجين، والحفاظ على الرطوبة والفرشة المائية.

إن الأمور اختلطت، اليوم، كلية بالمنطقة المذكورة، ولم يعد هناك من يميز بين الملك العام والملك الخاص؛ وآخر ما استفزني يوم 27/1/2019، هو مروري جوار مخيم قائم لجماعة من قطاع الصنوبر، بكل عتادهم: مناشير بمحركات، وجرارات، وآثار عجلات الشاحنات الناقلة .

فإذا كنتم على اطلاع على ما يجري، وأنتم من رخصتم به لـ"المُلاك" فتلك مصيبة؛ وإذا لم تكونوا على علم فالمصيبة أعظم، كما يقال.

سيدي، إن الدولة التي خرجت، بعد عشرات السنين، من شراكة منتوج اللوز، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخرج من ملكيتها التلقائية للأحزمة الخضراء، ذات النفع العام كما أسلفت.

وحتى لو سلمنا جدلا بالملكية الخاصة لمجموع الأراضي، حيث يجري قطع الصنوبر الرائع؛ فان القوانين البيئية تلزم تعويض الأشجار المقطوعة بغيرها؛ وهذا ما لم أقف عليه في المنطقة المذكورة، ومنطقة "أزغوغ" قبلها.

يجري القطع على قدم وساق، وبلهفة كبيرة، دون أي تجديد للغرس.

والأدهى هو أن القطع يشمل حتى حواشي المسالك الطرقية العمومية.

أنتظر منكم، كمواطن غيور على وطنه، لا يزال يتذكر غضب المرحوم الحسن الثاني، حينما وقف على عمليات تخريب للحزام الأخضر بمدينة اتمارة، أن تبحثوا في أمر هذا الخراب البيئي الذي لا يقره عرف ولا قانون.

في طفولتي بمستفركي، كنت شاهدا على انطلاق مشروع غرس اللوز بأزغوغ ومتليلي؛ وفي شيخوختي ها أنا ذا أقف على فواجع القطع المتوحش؛ أليس هذا مفارقا؟

ولعلمكم، فقد صُفي صنوبر أزغوغ كلية، أو يكاد، وها هم القطاع يعيثون فسادا في صنوبر مَتليلي..

في مقابل أزيد من ألف شجرة مقطوعة، لم تغرس ولو سدرة واحدة..

وتقبلوا تحيتي

 

رمضان مصباح الإدريسي