انضم صادق المهدي زعيم حزب الأمة أقدم الأحزاب المعارضة في السودان وأحد أبرز قادة المعارضة، إلى الحراك الشعبي المطالب برحيل الرئيس عمر البشير، ليرسم اليوم الجمعة ملامح المرحلة القادمة داعيا لتصعيد الاحتجاجات والحفاظ على طابعها السلمي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن حزبه وقع مع تجمع المهنيين السودانيين "وثيقة للتغيير والحرية"، متحدثا عن مرحلة انتقالية.

والمهدي الذي يقود أحد أقدم الأحزاب السياسية في السودان، كان آخر رئيس للحكومة منتخب ديمقراطيا. وقد طرد من السلطة بانقلاب حمل الرئيس الحالي عمر البشير إلى السلطة في 1989.

وبعد عام قضاه في المنفى، عاد المهدي إلى الخرطوم في نفس اليوم الذي اندلعت فيه التظاهرات، لكنه التزم الصمت طيلة الفترة الماضية إلى أن أعلن اليوم الجمعة موقفا واضحا وصريحا من الحراك الشعبي ملقيا بثقله السياسي، ما يعني أن التحرك الرامي إلى إنهاء ثلاثة عقود من حكم البشير بدأ يأخذ منحى آخر يستهدف توسيع الاحتجاجات وإبقاء الضغط على أشدّه على النظام.

واختار زعيم المعارضة منبر خطبة الجمعة ليحشد أنصاره وغيرهم للمشاركة في الاحتجاجات التي يسعى النظام السوداني لاحتوائه بالوعود والقمع في آن واحد.

وقال المهدي إنه يؤيد الحراك الشعبي في البلاد، مؤكدا أن نظام الرئيس عمر البشير "يجب أن يرحل" مشيرا إلى مقتل "أكثر من 50 شخصا" وهي حصيلة أعلى بكثير من الرقم الرسمي.

ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر/كانون الأوّل 2018 احتجاجات دامية، عقب قرار الحكومة رفع أسعار الخبز.

وتصاعدت حدّة الاحتجاجات لتتحوّل إلى تظاهرات واسعة ضدّ حكم البشير المستمرّ منذ ثلاثة عقود، أسفرت عن اندلاع مواجهات مع قوّات الأمن قُتل فيها 30 شخصا، لكن منظمات حقوقية تقول إنّ الحصيلة تزيد عن 40 قتيلا، فيما يقول صادق المهدي إنها أكثر من 50 قتيلا.

وأوضح المهدي في خطبة الجمعة بحضور مئات من مناصريه "نؤيد هذا الحراك الشعبي. وندعمه"، مضيفا أن أهم مطالب هذا الحراك الشعبي هو "أن هذا النظام يجب أن يرحل فورا".

وقدّم المهدي حصيلة قتلى للمواجهات بين المتظاهرين والأمن أكبر بكثير من الأرقام التي تعلنها حكومة الخرطوم.

وقال "قتل أكثر من 50" شخصا منذ اندلاع حركة الاحتجاج في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018.

وأكد الزعيم المعارض في خطبته "سيكون هناك مرحلة انتقالية. نحن ندعم هذه الحركة"، مشيرا إلى أنّ حزبه المعارض وقّع وثيقة مع التجمع المهني. وقال إنّ "هذه وثيقة للتغيير والحرية".

وتابع "سنحتشد في المظاهرات السلمية والاعتصامات داخل وخارج السودان"، كما أدان استخدام الأمن "للرصاص الحيّ" ضد المتظاهرين.

وبعد خطبة المهدي، خرج المصّلون خارج المسجد هاتفين "حرّية، سلام، عدالة" وهي الشعارات المميزة لموجة الاحتجاجات.

لكن عددا من الشهود قالوا إنّ قوات الأمن فرّقت المتظاهرين سريعا باستخدام الغاز المسيل للدموع.

كما خرج متظاهرون إلى شوارع حي بوري في شرق الخرطوم حيث احرقوا إطارات السيارات والقمامة، حسب شهود قالوا إنّ الشرطة فرّقت المتظاهرين أيضا باستخدام الغاز المسيل للدموع.

وزاد اتحاد المهنيين السودانيين الهيئة المنظمة للاحتجاجات في السودان، من ضغوطه على الحكومة السودانية بدعوته لتظاهرات يومية انضم إليها آلاف المشاركين في كافة أرجاء البلاد الخميس.

وبعيدا عن العاصمة، خرجت تظاهرات الجمعة أيضا في مدينة عطبرة على البحر الأحمر وولاية القضارف الزراعية في شمال البلاد وفي مدينة مدني في وسط البلاد.

وقال المتحدث باسم الشرطة اللواء هاشم عبدالرحيم الجمعة إنّ متظاهرين قتلا في الخرطوم الخميس.

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية المرتبطة باتحاد المهنيين السودانيين أكّدت أن متظاهرين اثنين لقيا حتفهما الخميس.

وبذلك، ترتفع حصيلة القتلى منذ اندلاع الاحتجاجات إلى ثلاثين، وفق الأرقام الصادرة عن المسؤولين. وقدرت منظمات حقوقية من جهتها عدد القتلى بأكثر من 40.

وشنّ جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني حملة قمع واسعة على المتظاهرين أسفرت عن اعتقال المئات بينهم صحافيون ونشطاء وقادة في المعارضة، ما أدى إلى انتقادات دولية لاذعة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة.

ويعاني السودان من أزمة اقتصادية يغذيها نقص حاد في العملات الأجنبية وانكماش متصاعد أدى إلى مضاعفة أسعار الغذاء والدواء.

ويرى محللون أن هذه الاحتجاجات تشكل أكبر تحد للرئيس البشير منذ وصوله إلى السلطة في 1989 في انقلاب دعمه الإسلاميون.

وكان البشير وصف المتظاهرين بأنهم "عملاء" و"خونة"محمّلا إياهم مسؤولية أعمال العنف.