أشادت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيدة ماريا فرناندا إسبينوزا، بالدور “البالغ الأهمية” الذي اضطلعت به المملكة المغربية في اعتماد ميثاق مراكش بشأن الهجرة، كوثيقة مرجعية تاريخية تروم النهوض بتعاون دولي قوي بشأن هذه القضية.

وقالت السيدة إسبينوزا، في مقابلة حصرية مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إن “دور المغرب، ليس على مستوى تنظيم مؤتمر مراكش فحسب، بل على مستوى مسلسل التفاوض بشأن الميثاق برمته، كان بالغ الأهمية وحظي باعتراف المنتظم الدولي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة”.

واعتبرت رئيسة الهيئة الأممية الأكثر تمثيلا أن ميثاق مراكش بشأن الهجرة كان “أحد أكبر إنجازات” الأمم المتحدة والجمعية العامة خلال السنة الماضية، مبرزة أن هذه الوثيقة “كانت ثمرة لمسلسل مفاوضات مكثفة للغاية” توج بعقد مؤتمر مراكش واعتماد الميثاق العالمي.

وقالت إسبينوزا، وزيرة خارجية الإكوادور السابقة التي شغلت أيضا العديد من مناصب المسؤولية الدولية وشاركت في العديد من المؤتمرات على مدى مسيرتها الطويلة، إن مؤتمر مراكش، من هذا المنظور، “نظم بكيفية رائعة، سواء من الناحية السياسية أو اللوجستية”.

وأضافت “أعتقد أن دور المملكة المغربية كان حتما جديرا بالثناء، حيث لعبت دورا رائدا في نجاح مؤتمر مراكش”، مؤكدة أن هذا النجاح يعود بشكل كبير إلى “الالتزام السياسي للمغرب من أجل ميثاق الهجرة، على الخصوص، ومن أجل أجندة الهجرة الدولية بشكل عام”.

وفي معرض حديثها عن مسألة تفعيل ميثاق مراكش، ذكرت رئيسة الجمعية العامة بأن نحو “260 مليون مهاجر في جميع أنحاء العالم ينتظرون منا أن نحقق” نتائج، مشيرة إلى أنه إذا كان الاعتماد الرسمي للميثاق في مراكش ومصادقة الجمعية العامة عليه في دجنبر الماضي قد شكل تتويجا لمسلسل التفاوض، فإن الخطوة الموالية تتمثل في مسلسل للتشاور والتفاوض لبحث تنفيذ ميثاق الهجرة.

وأشارت السيدة إسبينوزا، في هذا الصدد، إلى أنها حددت بلدين لقيادة وتنسيق هذا المسلسل، وهما إسبانيا وبنغلاديش، اللذين سيتولى سفيراهما على مستوى الأمم المتحدة القيام بهذا العمل التنسيقي، موضحة أنهما “سيضطلعان ببلورة المنتدى الدولي لمناقشة الهجرة، وبالتالي فإن الخطوة الموالية ستكون هي إجراء مفاوضات بين الدول الأعضاء لوضع بنية لتتبع وتنفيذ ميثاق مراكش”.

وقالت “أعتقد أن هذا سيكون صعبا، أو بالأحرى ليس سهلا دائما. وأعتقد أيضا أنه إذا اعتبرنا أن الميثاق ليس آلية ملزمة قانونيا، بل نوعا من التوجه السياسي ومظلة لتشجيع التعاون، “فإن ذلك لن يكون أمر صعبا، خاصة وأننا نلاحظ أن أغلبية كبيرة من الدول الأعضاء ملتزمة تماما بالميثاق وبتنفيذه”.

وأضافت السيدة إسبينوزا أن خطوة أخرى في هذا المسلسل ستكون هي عقد جلسة نقاش رفيعة المستوى حول الهجرة الدولية والتنمية في 27 فبراير المقبل بنيويورك، مضيفة أن هذا اللقاء سيكون “فرصة متميزة لمواصلة زخمنا بعد مراكش”.

وأوضحت أن “الفكرة هي التوفر على مجموعة من الممارسات الجيدة وقصص للنجاح ونصائح وأفكار من الدول الأعضاء حول سبل تحسين تنفيذ الميثاق. ستكون أمامنا إذن مناقشة على مدى يومين حول أفضل السبل لتنفيذ ميثاق مراكش بشأن الهجرة، لكن نيويورك ستكون أيضا المكان الأمثل لتقديم الممارسات الجيدة الناجحة، وهي عديدة في مختلف أرجاء العالم”.

وفي معرض ردها على سؤال حول أهمية تعددية الأطراف لحل القضايا والتحديات الكبرى التي تواجه المنتظم الدولي، أشارت رئيسة الجمعية العامة إلى أن الأمم المتحدة تظل فضاء لتعددية الأطراف بامتياز.

وقالت إسبينوزا “نحن فضاء يجمع الحكومات والدول الأعضاء لاتخاذ قرارات تمس مستقبل البشرية، والحقيقة أن السبيل الوحيد لرفع التحديات الراهنة، مثل التغير المناخي والهجرة والإرهاب، تكمن في القيام بعمل جماعي وتحمل مسؤوليات متفق عليها ومشتركة، وممارسة قيادة عالمية. والمكان الذي يتعين القيام فيه بذلك يظل، بالطبع، هو الأمم المتحدة”.

وأضافت أنه “لذلك أعتقد أنه عندما تكون الأوقات عصيبة والجو الدولي متوترا للغاية، فنحن بحاجة إلى المزيد من التعاون وليس أقل، وبالتالي لتعددية للأطراف أكثر قوة وتطورا”.

واعتبرت أنه “لا مجال لرفع تحدي الهجرة ما لم نعمل بشكل جماعي -بلدان المصدر وبلدان العبور وبلدان الوصول- ما دام أن الهجرة تبقى في جوهرها قضية عابرة للحدود”.

وقالت “إذا أخذنا مثال التغير المناخي، فلا يمكن لبلد أن يحل مشكلة الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمفرده، ولا يمكن لبلد أن يحارب الإرهاب لوحده، لأن الأمر يتعلق بظاهرة عابرة للحدود”.

وخلصت رئيست الجمعية العامة إلى “أننا بحاجة لمزيد من تعددية الأطراف، ولكن أيضا لأمم متحدة وجيهة وفعالة ومتلائمة حقا مع أهدافها. ونحن نعمل بشكل جماعي لتحقيق هذا الهدف”.