كشف محمد أوجار، وزير العدل، أنّ هناك توجّها نحو إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب بشكل تدريجي، إذ قال في الجلسة الافتتاحية لجمع عام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، صباح اليوم الجمعة بالرباط، إنّ المغرب غيرُ بعيد عن الحركية المتنامية التي يعرفها العالم، والمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، وكذلك النقاش المرافق لها.

وأكد أوجار، في كلمة ذات نفَس حقوقي، أنّ دستور 2011 أفرد بابا كاملا للحقوق والحريات، "وأكّد التزام المملكة المغربية بهذه الحقوق كما هي متعارف عليها دوليا، وضَمِنها الحق في الحياة وفي السلامة الجسدية"، مضيفا أن "مطلب إلغاء عقوبة الإعدام يتطلب مواصلة النقاش من أجل إنضاج وتعميق النظر فيه في أفُق بلورة موقف موحّد بشأنه".

وزير العدل أكد أنّ توجّه المغرب يُعتبر قريبا إلى حد كبير من التوجه العالمي نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، مبرزا أنّ هذا الخيار ينسجم مع التزامات المملكة في مجال حقوق الإنسان، بناء على عدد من المؤشرات، منها وضع عقوبة الإعدام ضمن اهتمام واضعي السياسة الجنائية، من خلال التفاعل الإيجابي مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

المؤشر الثاني الذي ينبني عليه التصور الإستراتيجي للمغرب في ما يتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، يضيف أوجار، "هو اتجاه مشروع القانون الجنائي المعروض على مسطرة المصادقة، نحو تخفيض الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام من 31 جريمة، تنص على هذه العقوبة، إلى 11 جريمة، هي الأشد خطورة ضمن الجرائم المنصوص على عقوباتها في القانون الجنائي".

وأردف وزير العدل بأن من المؤشرات التي تُبيّن أنّ المغرب يسير نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام "اعتماد نهج يقوم على تقييد هذه العقوبة، إذ لم يعُد ممكنا الحكم بالإعدام على القاصرين دون سن الثامنة عشرة، كما أنّ عقوبة الإعدام لم يعُد يجوز تنفيذها إلا بأمر من وزير العدل، خلافا لباقي الأحكام الجنائية التي تُنفذ بمسعى من النيابة العامة، علاوة على عدم جواز التنفيذ إلا بعد رفض طلب العفو".

واستطرد أوجار بأن وزارة العدل "تحرص دائما على التنصيص صراحة في الاتفاقيات الثنائية في المادة الجنائية على استبدال عقوبة الإعدام بالعقوبة الأشدّ المقررة لذات الفعل في قانون الدولة المطلوب منها التسليم"، لافتا إلى أنّ "عقوبة الإعدام لم تُنفذ في المغرب منذ سنة 1982، ما عدا استثناء واحد سنة 1993، في حين يبلغ عدد المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب 93 حالة إلى غاية متم سنة 2018".

ورغم تأكيده أن المغرب يتوجه نحو الإلغاء التشريعي التدريجي لعقوبة الإعدام، إلا أنّ وزير العدل اعتبر أنّ الظرفية الراهنة غير ملائمة لإلغاء هذه العقوبة، على خلفية تنامي جرائم الإرهاب، وارتفاع وتيرة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، مبرزا أنّ هذه العوامل هي التي دفعت المغرب إلى الامتناع عن التصويت الأممي على البروتوكول المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، للمرة السابعة، شهر دجنبر الماضي.

في المقابل حاوَل وزير العدل طمْأنة المناضلين المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام بأنّ هذا المطلب "يُمكن أن يتحقق مع الزمن ومع العمل الجماعي وتغيُّر الظروف الإقليمية والدولية، ومع التطور التدريجي للرأي العام المحلي، وارتفاع نسبة منسوب ثقافة حقوق الإنسان لدى الجميع، ونشْر قيَمها ومبادئها بين كل فئات المجتمع وشرائحه".

إنْ كانَ المغرب حسَم أمرَ إلغاء عقوبة الإعدام، قال أوجار: "الكل خاضع لدينامية المجتمع ولحيوية المجتمع المدني والحقوقي. كثير من الأفكار كانت تبدو قبل عشرين أو عشر سنوات من باب المستحيل، واليوم نلامس الآفاق الواعدة أمام مجتمعنا للتطور في كل المجالات"، مضيفا: "عقوبة الإعدام في السياق الحالي تثير كثيرا من النقاشات، ولكن ارتفاع منسوب حقوق الإنسان هو الذي سيؤهلنا إلى التطور والارتقاء لإلغائها".