السيد الوزير لم يكن لجوء الشغيلة التعليمية إلى الإضراب ترفا أو شغبا أو استهتارا بالمسؤولية، هؤلاء "الوليدات" الذين عزفت على وتر ضياع زمن تمدرسهم وحرمانهم من يوم دراسة كامل، هؤلاء أبناؤنا وفلذات أكبادنا، وعلاقتنا بهم تتجاوز علاقة مدرس بتلميذه إلى علاقة أب بابنه، نجتزئ من أنفسنا لنرتق نقصهم، ونبتسم لابتسامتهم، ونذرف الدموع لحال من حالت الظروف الكالحة دون نجاحه، فلا داعي لهذا الخطاب العاطفي الذي يسعى إلى الالتفاف على القضية الجوهرية.

ضياع الزمن المدرسي لم يحدث يوم الخميس 03 يناير، أنت الأكاديمي والباحث تعرف جيدا جيدا أن هذا الضياع مستمر منذ سنوات كنزيف يأبى أن يتوقف بفعل طعنات مستمرة تأتي حينا من مقررات فارغة متخلفة تبعث على الملل والضجر، وتقتل في المتعلم روح الإبداع والابتكار، وتجعله في شرود دائم، ويأتي تارة أخرى من نفسيات مدرسين مهتزة مأزومة، مهما حاولوا الاحتفاظ بشأنهم الداخلي لأنفسهم وترك همومهم خارج الحجرات الدراسية، يجدون سلسلة الهم في مطاردتهم، مما يكبل طاقاتهم الإبداعية ويرفع مؤشر السخط والانهيار النفسي لديهم.

الحرص على الزمن المدرسي يستدعي تفقد أحوال رجال القسم والإدارة، والحرص على رفع الغبن والظلم عنهم، إن لم يكن لسواد عيونهم، فليكن لبياض عيون فلذات أكبادنا أو "الوليدات" بتعبيركم، أما وأننا نرى كل الفئات التعليمية تصطرخ وتستغيث مطالبة برفع الحيف عنها دون أن تحظى حتى بمن ينصت إليها، ولو على سبيل المجاملة، فلا تنتظر إلا الضياع والغليان والبلقنة التي لا شك أنها، إن تتداركوا الموقف، ستتطور إلى إضرابات مفتوحة وهدر وضياع للمدرس والتلميذ والمجتمع والوطن.

الزمن المدرسي والعطاء مهددان بعدم استقرار تمليه هشاشة أوضاع فئات تعليمية تحولت إلى أيتام في مأدبة لئام: أساتذة متعاقدون كتب عليهم أن يشقوا دون أن يمنوا أنفسهم بالاستقرار المهني، مفتشون كان من المفروض الإنصات إلى نداءاتهم عوض صم الأذن عنهم واللجوء إلى عجلات احتياطية لرتق الفراغ الذي خلفه غيابهم في امتحانات ولوج الأساتذة المتعاقدين، رجال إدارة أثقلوا بالمهام الكثيرة التي جعلت الكثير منهم مقيما دائما في مكتبه، وفصلته عن أسرته، حاملو شواهد عليا عوملوا باحتقار وازدراء في وقت مازال زملاؤهم في القطاعات الأخرى يستفيدون من الترقية بالشهادة، أساتذة ابتدائي وإعدادي قدر عليهم أن يقضوا سنوات طويلة قابعين في درجة لن يغادروها إلا بمغادرة الحياة أو الوظيفة، ساكنو الزنزانة 09 الذين التحق من التحق من زملائهم من بعدهم بقطاع التعليم بالسلم العاشر، وتركوا هم قابعين في زنزانتهم....

هذا فيض من غيض، السيد الوزير، وما يوم 03 يناير سوى تجشئ لتخمة مشاكل أرجو أن تسارع حكومتكم إلى معالجتها قبل أن يتطور الأمر ويحتاج إلى عملية قيصرية نسبة نجاحها ضئيلة جدا جدا.

 

فلتنقذوا القارب قبل غرقه، واللحظة تتطلب مد اليد من الجميع، عوض البحث عن تسجيل الأهداف وتصيد ضربات الجزاء.



نورالدين الطويليع