بمناسبة حلول السنة الأمازيغية الجديدة 2969، يؤسفنا السيد رئيس الحكومة أن نخاطبكم بهذه اللهجة الشديدة، عذرا مسبقا لأننا سنزيغ عن واجب اللباقة ونخرج عن أسلوب الاحترام على غير عادتنا، لأننا وبكل باختصار سئمنا من الانتظار، سئمنا من التسويف، سئمنا من التحقير، سئمنا من مقاربتكم الدوغمائية للاختلاف، من فهمكم الثيوقراطي للنوازل، وتناولكم البروباغندي لقضايا وهموم هذا الوطن البئيس.

السيد رئيس الحكومة، لا شك أن تتذكرون أنه ومنذ سنة 2011، أصبحت اللغة الأمازيغية لغة رسمية ثانية للدولة المغربية بمنطوق الدستور، أسمى قانون في البلاد، وتتذكرون أيضا أنكم في جماعة "سيدي القنديل" فعلتم المستحيل كي لا تتبوأ لغتنا هذه المكانة، ونجحتم في الرمق الأخير في ربط رسمية لغتنا  بقانون تنظيمي يُحدد مسار وطرق تفعيلها تعتمده المؤسسة التشريعية، وتدركون جيدا أن بطء المسطرة التشريعية مع هذا القانون التنظيمي بالذات إنما هو مقصود من جهات عديدة – بما فيها "سيدي القنديل"- توحّدها "الأمازيغوفوبيا".

السيد رئيس الحكومة، لن نبالغ إن قلنا أننا لا تتفاءل خيراً في مستقبل الأمازيغية مع حزبكم، ولا مع حكومتكم ولا حتى مع شخصكم لأنكم بكل بساطة عاجزون. أليس من العار أن يكون التأجيل مآل القانون التنظيمي المزعوم منذ منذ إحالة النص التشريعي على البرلمان في 30 شتنبر من عام 2016؟؟  قد يقول قائل أن الأمر مرده استمرار اختلاف مكونات "الأغلبية" حول مضامينه، نقول أنكم تختلفون ظاهريا بشأنها، ولكنكم تتفقون وتجمعون على ضرورة التلكؤ والمماطلة بغية إقبارها لأنها وبكل بساطة تخيفكم.

السيد رئيس الحكومة، أنتم ومن يدور في فلككم تريدون إماتة الأمازيغية، وهو مسعى سبقكم إليه كثيرون من الأحياء والأموات، تؤجلون تفعيل رسميتها ربحا للوقت في انتظار نعيها شعبيا –كما يتنبأ بذلك اللسانيون- وإلا كيف تفسرون مرور أكثر من سبع سنوات دون أن تظفر لغة الشعب بقانون يحميها مؤسساتيا؟؟ أنتم انتهازيون تركبون على الجهل المركب للشعب بكيانه الحقيقي بعدما أبهرتموه بكيانات أخرى، تختلقون إشكالات مجانية وترفعونها خطوطا حمراء، سلاحكم في ذلك الفوضى الخلاقة التي يمارسها الساسة باسم "الديمقراطية"، وتغييب الحكماء وأهل الاختصاص، تستغلون الصراع المفتعل والظاهري  بين أعضاء اللجنة والذين يستغلونها ورقة ضاغطة فعالة في الابتزاز السياسي. 

السيد رئيس الحكومة، نعلم جيدا أننا نستحق إرغامكم لنا على متابعة إعدام أمّنا الأمازيغية، لأننا أحجمنا عن "المشاركة السياسية" ليجد أمثالكم -ممّن جُبِل على التأحيد القسري- الفرصة سانحة أمامه للعبث بكينونتنا، تاريخنا، حضارتنا، ثقافتنا ولغتنا، نستحق هذا وأكثر لأننا فشلنا في بناء مجتمع مدني واع ومسؤول، نظن أنفسنا نخاطب ذوي ألباب وهم جلاميد صخر حطّها سيل مشهد سياسي موبوء.

السيد رئيس الحكومة، لن نطالبكم مستقبلا بإعادة كتابة تاريخ وطننا، لن ننتظر منكم الإفراج عن القانون التنظيمي، لن نلتمس منكم ترسيم السنة الأمازيغية، لن نلحّ على تدريس اللغة الأمازيغية، لن نسألكم احترام المؤسسات الإعلامية  لدفاتر التحملات بخصوص الأمازيغية، لن ننتظر إنصاف المرضى والمتقاضين ومرتفقي الإدارات والمؤسسات العمومية من الناطقين بلغتنا فقط، أتعلمون لماذا؟ لأنكم مجرد فزاعة ترسو عليها الكواسر الغادرة.

السيد رئيس الحكومة، نحن على يقين من أن الدولة المغربية تسوق الشعارات وفق سياقات المرحلة وها أنتم تكرسون هذا التوجه، ترفعها عاليا وبعد أن تنال تصفيق الأمم والمنظمات تتناساها وتنسينا تنفيذها، ندرك جيدا أن الدمقرطة مجرد شعار ولن تجد يوما طريقها إلى الممارسة، وكم يؤسفنا أنكم أبواق وحناجر مكتراة. إعلموا السيد رئيس الحكومة أن الأمازيغية لا تنتظر منكم شيئا لأنكم لستم شيئا بالنسبة إليها، ومن أوصلوها إلينا اليوم هو الوحيدون الذين يمكن أن يؤتمنوا عليها.

السيد رئيس الحكومة، اسمحوا لنا في الأخير أن نحيطكم علما أنكم ضاعفتم تذمرنا ويأسنا، وقتلتم فينا كل معاني الأمل والتفاؤل، وأججتم فينا مشاعر المهانة والإذلال، أكدتم لنا أن الدولة تحتقرنا، تهيننا، وتتلاعب بنا. نشعر بالغبن كلما تذكّرنا من نكون، نشعر بالخجل كلما سمعنا قيم التسامح على ألسنتكم، نشعر بالدونية كلما خاض أحدهم في الهوية والخصوصية، جعلتم لغتا وثقافتنا رمزا للتخلف والماضوية، وصوّرتمونا لغيرنا وكأننا ذئاب تعوي أو مجانين يسبحون ضد التيار. 

 

 السيد رئيس الحكومة، في الختام، نستسمحكم على الجفاء الذي خاطبناكم به ولو أنه أقل بكثير من الجفاء الذي تعاملون به لغتنا، ونسألكم أن تدعوها وإيّانا بسلام !!!



لحسن أمقران