لم يعد في الجزائر فردٌ واحد يؤمن بتاريخ جزائر ما بعد 1954 إلا الشياتة طبعا المستفيدون من أموال النظام المنهوبة من الشعب الجزائري منذ 1962 ، لقد جرت خلال 08 سنوات أحداث ومؤامرات غيرت مبادئ الثورة المُـفْـتَرَضَة وحرَّفَتْ مسارها وخنقتها قبل بلوغ هدفها الاستراتيجي ، الهدف الذي وضعه نبلاء الجزائر وشرفاؤها لثورة الجزائر المُـفْـتَرَضَة ، جرت مؤامرات حبكتها عصابة بومدين في ثماني سنوات  ( 1954 – 1962  ) من اغتيالات وخيانات وتواطؤ مع الجيش الفرنسي انتهت بتسليمِ الجنرال دوغول الجزائرَ – وِفْـقَ شروطه هو - تسليمها إلى عصابة بومدين في 05 جويلية 1962 .. ما جرى في تلك السنوات الثمانية  ( 1954 – 1962  ) كان خيانة للشعب الجزائري ولمبادئ الثورة الجزائرية الحقيقية التي اتفق عليها قادة الثورة قبل اندلاعها وليست المزورة التي يطبل لها أعداء الشعب الجزائري الذي نهبوه ووصلوا بالجزائر إلى حد أنها أصبحت أضحوكة للعالم ، لقد كانت جريمة عصابة بو مدين خيانة للجزائر أرضا وشعبا بكل المعاني وكل المقاييس و لايقوم بتلك الخيانة إلا خونة أعداء للوطن والشعب ، خونة من العيار الثقيل أمثال عصابة بومدين ومن الذين يكرهون الجزائر كرها مقيتا متأصلا فيهم منذ قرون ... لقد تجشم أحرار الجزائر الصِّعَابَ أثناء بحوثهم لِيَخْلُصُوا إلى نتائج غريبة جدا وهي التي أوصلتهم إلى حقيقة ظروف وملابسات ما يسمى " استفتاء تقرير المصير " الذي جرى في فاتح جويلية 1962 ، وهو استفتاء أو كما قيل عنه كان هدية مسمومة منحها الجنرال دوغول للشعب الجزائري بتواطؤ مع عصابة بومدين ، والداهية الجنرال دوغول هو الذي وضع الصيغة النهائية المكتوبة على ورقة الاستفتاء المسمومة الممنوحة للشعب الجزائري ، وضعها دوغول حتى يضمن لفرنسا تبعية الجزائر لها إلى يوم القيامة ، تقول الورقة التي صاغغها الجنرال دوغول واستفتى بها الجزائريون - بغباء منقطع النظير - على تقرير مصيرهم المجهول الحالك السواد ، وقد كانت الصيغة العربية لهذه الوثيقة كما يلي : " هل تريد أن تصبح الجزئر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962  ( نعم – oui  )".....  ( الاستفتاء الوحيد في العالم الذي انتهت صياغته بخيار واحد هو  ( نعم – oui  )" فقط ..... واستمر بحث أحرار الجزائر عن الصيغة المضادة كأي استفتاء يجري في العالم مثلا أي استفتاء على الدستور تكون الصيغة منتهية بـ  ( نعم  ) أو  (لا  ) ... فأين الورقة التي تتضمن الخيار الآخر مثلا كأن تتضمن الورقة المضادة صــيغة تـقـول  ( هل تريد أن تبقى الجزائر دولة فرنسية  ( نعم – لا  )...ليست هناك ورقة أخرى مضادة لورقة الاستفتاء المسمومة الوحيدة السابقة الذكر والتي وضعها الجنرال دوغول بتواطؤ مع عصابة بومدين ، والسبب بكل بساطة : لأن تَصَـوُّراً لمستقبل الجزائر بعد خروج فرانسا من الجزائر لم يكن مطروحا نهائيا في كل مراحل ما يسمى المفاوضات بين عصابة بومدين والجنرال دوغول مباشرة ، لأن المطروح كان هو البحث بسرعة خارقة مع خونة الجزائر داخل الثورة على صيغة تضمن استمرار تبعية الجزائر لفرنسا بأي طريقة ولا شيء غير ذلك فكانت الصيغة الماكرة المذكورة لتخدير الشعب الجزائري ليضع السلاح فقط لا غير ، وتوقيف الحرب ضد الجيش الفرنسي الذي بدأت معالم انهياره في الجزائر ...قلنا لقد جرت أحداث ومؤامرات غيرت مبادئ الثورة الحقيقية وحرفت مسارها وخنقتها قبل بلوغ هدفها الاستراتيجي كما وضعه نبلاء الجزائر وشرفاؤها ، مؤامرات حبكتها عصابة بومدين ... فكيف كان ذلك ؟

 أولا : جزائر ما قبل 1954 :  كانت جزائر القوة والإيمان ، اجتمع فينا قبيل 1954 إيماننا القوي بحب وطننا وتقديسه لدرجة استرخاص آبائنا وأجدادنا لأرواحهم في سبيل حبة تراب منه ، لأن رجال الدين وعلماؤه قد زرعوا فينا حب الله ورسوله الكريم والإسلام السني المالكي ، أما المذاهب الأخرى فتكاد تنعدم في الجزائر إلى اليوم ، وقد قام بهذا العمل الجبار جمعية علماء المسلمين الجزائريين بقيادة الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس ابتداءا من 5 ماي عام 1931 ... وعند ما سنذكر الإسلام والمسلمين لا يجب أن يستحضر القارئ صورة الإسلامويين المتطرفين الجهلة بحقيقة مقاصد الدين الإسلامي السمح ، ولا حتى صورة المسلم المتعصب و المتشنج الذي يسعى أن يعيد العالم كله لأيام بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مَاحِياً بجرة قلم 14 قرنا من تمازج وتلاقح الحضارات البشرية في العالم وفي كل ما يعود بالخير على البشرية جمعاء في العالم كله ، و التي فرضت نفسها شاء من شاء وكره من كره ... في الجزائر قبل ثورة 1954 كنا مسلمين بالفطرة ، وجدنا أنفسنا مسلمين في مجتمع مسلم ، نصلي كما وجدنا آباءنا وأجدادنا وأمهاتنا يصلون ، ونصوم شهر رمضان كما وجدنا آباءنا وأجدادنا وأمهاتنا يصومون ونَحُجُّ إلى بيت الله الحرام كما كان يحج آباءنا وأجدادنا وأمهاتنا ، كانوا جميعا متسامحين معنا في ممارسة ديننا الحنيف البسيط السليم النقي الخالي من الشُّـبُهَات ... بهذه الصورة البسيطة جمع فينا الدين الإسلامي الإيمان بروح الشعب الجزائري الواحد و النهوض به وإصلاح مجتمعه وزرع القيم و الأخلاق الإسلامية الرفيعة و المحافظة على هويته من أجل أن يكون قويا بتعاضده وأن يتبوَّأ مكانة رائدة بين الأمم وفق هويته الإسلامية والعربية.

 ولهذا السبب اتخذت جمعية علماء المسلمين الجزائرية شعارا لها وهو " الإسلام ديننا و العربية لغتنا و الجزائر وطننا " ، وقد صادف هذا الشعار هَوىً في نفوس الشعب الجزائري المسلم بفطرته والذي أدرك أن هويته أصبحت في خطر بعد طول إقامة المستعمر الفرنسي بيننا ، كذلك كانت لغتنا العربية تكاد تموت وأصبح الشعب الجزائري في غالبيته ممسوخ الهوية اللغوية ولا يتحدث إلا بالفرنسية وخاصة في المدن الكبرى أما القرى والمداشير فقد حافظت على لغة عربية تطورت نحو التدريج بعد أن دخلتها مفردات تركية وفرنسية وإسبانية وغيرها ، و لاننسى لغة البلاد الأصلية وهي الأمازيغية التي ظلت عَـصِيَّةً على المستعمر بل كان المستعمر أحيانا يتخذ منها وقودا ليشعل به نار الفتنة بين الأمة الجزائرية الواحدة لكنه فشل في ذلك لأننا كنا أمة موحدة قبل نوفمبر 1954 ... ومن هنا نمت عقيدتنا الوطنية الصافية النقية وترعرعت ونضجت في أعماق الشعب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ، نضجت في أعماقنا عقيدة الوطنية الجزائرية الصادقة والراسخة ... عقيدة قوية إلى أن حان وقت تفجيرها في وجه المستعمر الغاشم فكانت عقيدة الجهاد ضد المستعمر قد بلغت أوج نضجها في عام 1954 وتفجرت في وجه المستعمر انطلاقا من مبادئها الفطرية الصادقة كما وضعها قادتها الأولون ... لكن ماذا حدث أثناء ثماني سنوات من جهاد المجاهدين ؟ وماذا كانت تطبخ لهم عصابة بومدين حينما كانوا أي  ( المجاهدون  ) يقاتلون ويستشهدون هناك بعيدا عن مركز قرارات قيادة الثورة ؟ قيادة الثورة التي لم تكن قط في عمق المعمعة بل كانت مهمة بعضهم منذ 1958 وهي السنة التي كانت بداية للمفاوضات السرية مع المستعمر ، قلنا كانت مهمة بعضهم هي التخطيط للوصول إلى اتفاق مع المستعمر بسرعة لإيقاف الجهاد أولا و تعبيد الطريق لانقضاض عصابة بومدين على السلطة بسرعة وقبل بلوغ الهدف الاستراتيجي الذي وضعته مبادئ الثورة ورجالاتها الأحرار ، ثانيا وهذا هو المخطط الوحيد الذي نجح فيه بومدين طيلة حياته وهو حينما تواطأ مع الجنرال دوغول وتسلم منه السلطة التي لا تزال تحكم الجزائر إلى 2019 ؟

ثانيا : ما هي الجرائم التي اقترفتها عصابة بومدين لتصبح الجزائر اليوم في الحضيض الأسفل ؟ قطعا لم تكن الجزائر في حالة من التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي أكثر مما هي وصلت إليها في السنوات الخمس الأخيرة ، ومما يزيد من شدة الغُـصَّةِ في القلب والعقل والمزاج هو أننا مررنا بفترة من البحبوحة المالية لا ولم ولن نحلم بها أن تعود إالجزائر ولو إلى عُشُرِ مِعْشَارِ ما بلغناه من الغنى المالي أثناء تلك البحبوحة المالية....المال والغنى الذي نسمع عنه ولا نرى أثره في البلاد ... فلو كانت الجزائر في أيادٍ طاهرة نقية مخلصة للوطن مُحِبَّةً لهوائه ولِمَائِهِ وسَمَائِه لَمَا بلغت الجزائر هذه المرحلة من القهر والفقر المذقع والحضيض السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهي تملك كل هذه الخيرات الطبيعية ... لكن لا بد من طرح السؤال التالي : حينما قامت ثورة نوفمبر 1954 هل كان الفرد الجزائري يتصور أن تكون نهاية الثورة ونتيجتها هي هذا الكابوس المزعج لمستقبل حالك السواد ؟ لقد كنا نتصور كل النتائج التي يمكن أن تسفر عنها ثورة نوفمبر 1954 إلا خيانة الثورة وسرقتها وسرقة مبادئها بل سرقة الجزائر برمتها شعبا وأموالا وجماجم بها أمخاخ ، أما  ( الفكر  ) فمن المُخْجِلِ أن يُذْكَرَ الفكر في الحالة الجزائرية الآن ، لأنه عنصر معدوم في الجزائر لسبب بسيط وهو أن الحالة الجزائرية والفكر لا يلتقيان أبدا وإلى ما لا نهاية ... فماذا حصل أثناء ثماني سنوات من الثورة  ( 1954 – 1962  ) حتى انزلقنا عن سكة ثورة قَـدَّسَهَا كثير من المُغَـفَّـلِينَ في العالم ، وهي لم تكن مع الأسف سوى سلسلة من المؤامرات والنذالة والدناءة والخزي والغدر والاغتيالات لتنفيذ مخطط فرنسي جهنمي قادته ونفذته عصابة بومدين ؟ ومن يكذب هذا الكلام فما عليه إلا أن يتتبع هذا التحليل الدقيق ليرى كيف تآمرت عصابة بومدين مع الجنرال دوغول لتبقى الجزائر فرنسية شاء من شاء وكره من كره ... أو عليه أن يرى بعينيه - اليوم - كيف تشرئب الأعناق إلى البحر طريق فرنسا والتضحية بالغالي والنفيس للوصول لذلك الفردوس الذي يقول كثير من الشياتة اليوم بأننا نحن الذين فرطنا فيه واليوم ها نحن نرى شبابنا يموتون في أعماق البحار من أجل الهروب من الجزائر وتحقيق حلم الوصول إلى ذلك الفردوس ... فهل يستطيع جزائري أحمق أن يُكَذِّبَ كلامي هذا الذي أصبح حديث القاصي والداني ؟

 فماذا حصل أثناء ثماني سنوات من الثورة  ( 1954 – 1962  ) حتى خرجنا من ثورة نوفمبر 1954 لنبني كيانا اسمه الجزائر أضحوكة العالم ؟ 1

1) لقد كان أول الخطة الشيطانية التي بدأت بها عصابة بومدين في حق الشعب الجزائري عموما و المجاهدين منهم على الخصوص هي إفراغ الشعب والمجاهدين من عقيدتهم التي اكتسبوها من جمعية علماء المسلمين و التي بَـنَـتْـهَا في نفوسهم طيلة ربع قرن تقريبا ، كانت خطة عصابة بومدين تبدأ بنشر إشاعة خبيثة تقول إن : جمعية علماء المسلمين كانت مع المستعمر وترفض محاربته ولم تشارك قط في ما يسمى  ( ثورة الفاتح نوفمبر 1954  ) ، وهذا كذبٌ صُرَاحٌ بل بالعكس كان دليلا ضدهم وليس ضد جمعية العلماء المسلمين ، لأن الفرد الجزائري لم يُفَرِّطْ قط في عقيدته الإسلامية على المذهب السني المالكي أبدا ، بل بسبب تَرَسُّخِ تلك العقيدة في نفوس الشعب الجزائري وإيمانه القوي بأنه يسير نحو فقدان هويته الإسلامية ، ولولا إحساسه بمؤشرت تدل على أنه في الطريق نحو فقدان هويته العربية الإسلامية ، فلولا ذلك الإحساس ما كان ليؤمن بمبادئ ثورة نوفمبر 1954 ولما خرج ليجاهد في سبيل الحفاظ على هويته تلك وطرد المستعمر من وطنه

2)  لم تبدأ عصابة بومدين في تنفيذ تحطيم عقيدة المجاهدين الإسلامية حتى وجدت البديل ، وما هو البديل ؟ كلنا يعلم أن بومدين وعصابته كانت تتردد على مصر ، بل نشروا أن القائد الهمام إبراهيم محمد بوخروبة المعروف ببومدين كان يدرس في الأزهر وهي منه براء وهذا كذب  ( فهل يتخرج من الأزهر الشيوعيون والاشتراكيون ؟  ) بل الجميع كان يعرف أنه كان مختبئا في مدينة وجدة المغربية حتى شرع في تنفيذ مخططه مع الجنرال دوغول .. وقد كانت الإشاعة التي أطلقوها على بومدين بأنه كان يدرس في الأزهر الشريف لأن عصابة بومدين تعلم مكانة الأزهر الشريف في نفوس الشعب الجزائري حتى يسهلَ تـَقَـبُّـلُ كل ما يصدر عن الطاغية بومدين ، وأطلقوا تلك الإشاعة أيضا لتغطية نشاطه الشيطاني لتدمير الثورة الجزائرية من الداخل التي انطلقت في الحقيقة على أساس بناء متين وهو العقيدة الإسلامية على المذهب السني المالكي... كانت تلك الإشاعة عنصرا من عناصر مخطط عصابة بومدين لِـتَـعْـبِـيدِ الطريق للانقضاض على السلطة بعد أن ينجح في تَوَاطُؤِهِ مع الجنرال دوغول لتنفيذ شرط هذا الأخير  ( دوغول ) وهو توقيف الجهاد قبل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للثورة وهذا ما يسميه المتتبعون لثورة الجزائر  ( باغتصاب الثورة  ) أو سرقة الثورة الجزائرية من طرف عصابة بومدين .... ثم ألا يحق لنا أن نتساءل : كيف نسعى لتدمير عقيدة إسلامية متينة في نفوس الشعب المجاهد وهي العقيدة التي كانت هي المحرك الجوهري للإحساس بالانتماء لوطن مسلم سني مالكي  ( الجزائر  ) لو لم يكن الهدف من تدمير هذه العقيدة الإسلامية لدى الشعب هو توقيف ثورته الهائجة ضد اللاستعمار الفرنسي ؟

 3)  وإذا عدنا إلى مصر التي كان يتردد عليها بومدين في تلك الفترة نجد أن جمال عبد الناصر في ذلك الوقت كان قد قاد انقلابا على الملك فاروق في 23 جويلية 1952 ، وللحقيقة أن الذي كان قائداً لهذه الحركة في مصر هو الجنرال محمد نجيب و قد تم اختياره من طرف ما يسمى الضباط الأحرار كواجهة للثورة لِمَا كان يتمتع به الرجل من سمعة حسنة داخل الجيش وكان هو الجنرال الوحيد في التنظيم الانقلابي ، وكان انضمام محمد نجيب لهذه الحركة سببا مهما في انضمام الكثير من ضباط الجيش المصري لهذه الحركة ، و في نفس الوقت كان أَحَدَ أهم عوامل نجاح انقلاب الجيش المصري على النظام الملكي في مصر . لكن صراعا على مفهوم السلطة بعد نجاح الانقلاب كان قد نشأ بين محمد نجيب وبين جمال عبد الناصر لأن رأي محمد نجيب كان هو ضرورة تسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة بعد نجاح الانقلاب  ( أرجوا أيها القراء الكرام أن تحافظوا في ذاكرتكم على الجملة الأخيرة وهي : أن محمد نجيب كان يرى ضرورة تسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة بعد نجاح الثورة على الملكية

 4) في الحقيقة استولى عبد الناصر على الحكم في عام 1953 بعد أن حَلَّ الأحزاب السياسية في نهاية عام 1952 واستبدلها بما يسمى " الاتحاد الاشتراكي " الحزب الوحيد في مصر ، وذلك ما فَـطِنَ إليه محمد نجيب ، بمعنى أنه فَـطِنَ للتوجه العام لمجلس قيادة الثورة المصري مما يعني أن جمال عبد الناصر قد رفض تسليم السلطة إلى المدنيين بعد نجاح الانقلاب العسكري واختار الحكم الشمولي الديكتاتوري ، فأعلن محمد نجيب استقالته من هذا المجلس في 25 فبراير 1954 ، طبعا وافق عبد الناصر على استقالة محمد نجيب بسرعة البرق ، بل وفرض على محمد نجيب الإقامة الجبرية في منزله ، ويعتبر تاريخ 25 فبراير 1954 هو التاريخ الرسمي لِمُبَايَعَةِ مجلس قيادة الثورة المصري للرئيس جمال عبد الناصر حاكما مطلقا على مصر رسميا حتى نهاية حياته ، أما تاريخ 23 جويلية 1952 فهو يوم الانقلاب على الملك فاروق ، و دامت أمور تركيز النظام الجديد في مصر حوالي سنة ونصف وبعدها أصبح عبد الناصر هو ملك مصر الجديد

5) من حديثنا عن مصر ستبدو للقارئ الكريم ملامح خيانة عصابة بومدين وجرائمها وزلاتها في حق الثورة الجزائرية المُفْتَرَضَة وفي حق الشعب الجزائري منها الملاحظات التالية : أولا تاريخ مبايعة مجلس الثورة المصري لجمال عبد الناصر كملك جديد على مصر و هو فبراير 1954 وبعدها بتعسة أشهر تقريبا أعلنت الجزائر قيام ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 في الجزائر ، ثانيا كانت تلك المدة  ( وهي تسعة أشهر تقريبا  ) كافية لتغيير عقيدة المجاهدين الجزائريين ، أي تغيير عقيدة المجاهد الجزائري من كونه جزائريا مسلما سنيا مالكيا إلى جزائري يكره الدين ويسخر من المسلمين ، لأن الموضة في ذلك الوقت كانت تقتضي أن يرفع المثقف بين قوسين والعسكري المؤمن بالثورة الجزائرية ومبادئها سواءا في مصر أو في الجزائر أن يؤمن بشعار دخيل على المسلمين وهو  ( الدين أفيون الشعوب  ) وكانت تلك عقيدة جمال عبد الناصر التي ينشرها على لسان المجرم حسنين هيكل المستشار الإعلامي لجمال عبد الناصر والذي كان يكره الدين و رجال الدين ويرفع دائما شعار " التناقض بين رجال الدين ورجال السياسة " ، وتبعه قوم جمال عبد الناصر و تبعته أيضا عصابة بومدين التي لا تعرف الإبداع وإنما تُـتْـقِنُ فقط التقليد إلى الآن .. قلنا بدأت عصابة بومدين تنشر مبادئ الاشتراكية على الطريقة المصرية بتخاريفها وخزعبلاتها وعلى رأسها والوعود الوردية الكاذبة ، ومن الوعود الكاذبة التي انتسرت عندنا هنا في الجزائر مثلا مما لا نزال نتذكره إشاعة تقول بأنه بعد خروج المستعمر ستعمل النساء الفرنسيات خادمات ذليلات لدى الجزائريات الحرائر اللائي سيعشن عيشة الرفاهية في بيوتهن الفاخرة لا يَعْمَلْنَ أي شيء  ! ! ! بل سمعنا أيضا أن ساعي البريد سيوزع كل صباح مقداراً من المال على الجزائريين وهم في منازلهم قاعدون يعيشون عيشة الرفاهية المترفة ولا يشتغلون أبدا لأن الشغل عيبٌ ومذلة للرجل الجزائري  ( الحر  ) بعد خروج فرانسا من الجزائر و لا يشتغل الرجال سوى في الدول المتخلفة الفقيرة المعدمة ، أما الجزائر فهي دولة غنية جدا جدا و تمتلك من الخيرات العميمة بأنها ستصبح قريبا جدا هي يابان إفريقيا ، وسوف لن نحتاج لا إلى العمل ولا إلى التجارة لأن خيرات الجزائر الهائلة ستكفينا وسنصدر منها الكثير إلى كل بلاد العالم لأننا بلد غني جدا ، ونحن الجزائريون قد نحكم فرنسا في يوم من الأيام لأننا أقوى منهم و أكثر غنى منهم بكثير ... طبعا لا يصدق مثل هذه التخاريف سوى الجهلة من الشعب

6) طبعا من الغباء أن نعتبر كل قيادات الثورة الجزائرية لهم نفس تفكير عصابة بومدين حيث كان بينهم من يستعمل تفكيره وعاش شريفا مثل حسين آيت أحمد عاش شريفا ومات شريفا ، و كذلك المرحوم محمد بوضياف الذي عاش شريفا إلى أن اغتيل غدرا في وطنه الجزائر وفي مدينة عنابة بالضبط وذلك بعدما قضى 30 سنة في المملكة المغربية مُعَزَّزاً مُكَرَّماً ، وغيرهما كثير ، وحتى نضع القارئ الكريم في الصورة الحقيقية لما يسمى بثورة الجزائر فقد كانت لهذه الثورة حكومة مدنية مؤقتة برئاسة فرحات عباس ،  ( حكومة مدنية  ) ... ومنذ أن بدأت المفاوضات مع فرنسا من أجل استقلال الجزائر حسب مرجعيات مبادئ الثورة التي اتفق عليها قادة الثورة ويقال كان عددهم  ( 22  ) قائدا ، قلنا منذ أن بدأت تلك المفاوضات مع فرنسا سواءا في شِـقِّهَا السِّري الذي بدأ عام 1958 أو في شقها العلني فيما بعد ، فقد كان الوفد الذي يمثل الجزائر منبثقا عن الحكومة المدنية المؤقتة التي كان يرأسها فرحات عباس ، ومعلوم أن بومدين كانت له صفة رئيس أركان جيش التحرير الجزائري ضمن أجهزة الثورة وقياداتها كما كان قائدا للناحية الخامسة ، ولما ظهر لعصابة بومدين أن المفاوضات مع فرنسا بدأت تعرف كثيرا من الصعوبات ، وبدأ وفد الحكومة المدنية المؤقتة يشد الخناق على وفد الجنرال دوغول حتى أصبح هذا الوفد عقبة صعبة التجاوز لأنها كانت متشددة في تنفيذ مبادئ الثورة من أجل تحقيق استقلال تام وتحقيق الكرامة الحقيقية الكاملة للشعب الجزائري وليس المذلة والهوان الذي سعىت إلى تنفيذه عصابة بومدين ، وفي هذا الوقت كان الخناق يشتد على عصابة بومدين أيضا التي كانت تستعجل الانقضاض على الحكم في الجزائر وتتمنى أن يكون ذلك في أسرع وقت ممكن وبأي ثمن طبعا بعد أن تتوقف الحرب بين المجاهدين الجزائريين والاستعمار الفرنسي وهو الهدف الأول للجنرال دوغول ، هنا لم يتردد بومدين في التفكير في حَلٍّ جذري لتجاوز هذه العقبة .... ومن أجل ذلك قام بالانقلاب على الحكومة المدنية المؤقتة برئاسة فرحات عباس في 15 جويلية 1961 وأصدر بومدين بنفسه ما يعرف بالبيان رقم 1 الذي صدره بالعنوان التالي " استقالة هيئة الأركان العامة في 15-7- 1961 البيان رقم 1 في الانقلاب على الحكومة المؤقتة " ... هكذا بلا خجل ولا وجل ، إعلان رسمي عن انقلاب رسمي على الحكومة الجزائرية المدنية المؤقتة قبل انتهاء المفاوضات مع المستعمر الفرنسي .... حتى الحمير هنا يجب أن تفهم ما تدبره عصابة بومدين للشعب الجزائري ، هذه العصابة لم تقم بذلك الانقلاب العسكري داخل الجبهة قبيل انتهاء مفاوضات إيفيان الثانية للضغط على الجنرال دوغول بل بالعكس لِـتُـنْـقِـدَهُ من تشدد الوطنيين الجزائريين الأحرار الذين لم يتنازلوا عن مبادئ ثورة الفاتح نوفمبر 1954 ، وكذلك للتعجيل بالانقضاض على السلطة وفق مؤامرتها مع الجنرال دوغول

 7) منذ ذلك التاريخ أصبح تيار العسكر هو الحاكم المسيطر داخل جبهة التحرير قبيل نهاية المفاوضات مع فرنسا ، وكم كانت فرحة الجنرال دوغول كبيرة حينما عَـلِـمَ بأن الأمور داخل الــ FLN قد أصبحت في يد العسكر الذي يفضل الجنرال دوغول التفاوض معه  ( عفوا التواطؤ معه  ) ، ولا يمكن أن نَمُرَّ على هذا الحدث دون أن نشير إلى دفعة لاكوست التي كان من ضمنها الجنرال الجزار خالد نزار وغيره كثير لنتساءل : كيف يمكن للجنرال دوغول أن يغض الطرف عن أفواج دفعة لاكوست لتلتحق بعصابة بومدين هكذا حبا في مجاهدي الجزائر ومن أجل تدعيمهم لمحاربة الجيش الفرنسي في الجزائر  ! ! ! ! إنه منظر سريالي وعبثي وحماقة من الجنرال دوغول أن يفعل ذلك ، وهو لن يفعل ذلك عبثا أبدا وهو الفرنسي الشوفيني الذي أقسم أن تبقى الجزائر فرنسية إلى الأبد ، وقد نجح في ذلك  ! ! !... لقد غض دوغول الطرف لهروب دفعة لاكوست إلى الجزائر لدعم المخطط الاستراتيجي الذي ستظهر نتائحه بعد توقف القتال بين المجاهدين والجيش الفرنسي بل ظهرت نتائجه جلية ونحن في 2019  (  لولا ضباط دفعة لاكوست ما عرفت الجزائر مذابح العشرية السوداء  ) و لأن إطلاق فوج لاكوست ليلتحق بالمجاهدين كان ضمن المخطط الإجرامي الذي كانت عصابة بومدين تنفذه مع الجنرال دوغول ... عفوا أيها الجزائري لا تفكر كثيرا فقد تصاب بالجنون ...نعود إلى مصر ونسأل هل يتذكر القراء الكرام الخلاف الذي كان بين محمد نجيب وجمال عبد الناصر بسبب خذلان عبد الناصر ورفضه تسليم السلطة للمدنيين ، بل كشر عبد الناصر عن أنيابه وحَلَّ الأحزاب السياسية وأزاح محمد نجيب وفرض عليه الإقامة الجبرية وأقام نظاما دكتاتوريا بحزب وحيد هو الاتحاد الاشتراكي الذي سيقابله في الجزائر الحزب العتيد الوحيد حزب المذلة والهوان الجزائري جبهة التحرير الوطني الذي سيحكم الجزائر إلى الأبد ، ومن جهة أخرى إذا تتبعنا انقلاب عصابة بومدين أي التيار العسكري داخل جبهة التحرير على الحكومة المدنية المؤقتة لِـيَـنْـقَـضَّ على السلطة فيما بعد أي في انتظار لحظة توقيف الحرب بين المجاهدين والمستعمر الفرنسي ، لذلك سنجد أن عصابة بومدين كانت تسير على خطى ما فعل عبد الناصر وخاصة فيما يتعلق بقلب كفة ميزان القوة داخل جبهة التحرير الجزائرية لصالح الجناح العسكري الذي لا يزال يجثم على صدر الشعب الجزائري إلى اليوم.  

ثالثا: الأعمال الخبيثة التي قامت بها عصابة بومدين ونتائجها المفضوحة في المجتمع الجزائري:

أولا : تغيير عقيدة الجهاد لدى الجزائري المسلم ، تلك العقيدة التي كانت مُحركا للثورة على المستعمر ، حيث بدأوا بإفراغ الشعب الجزائري والمجاهدين خصوصا من عقيدتهم التي اكتسبوها من آبائهم وأجدادهم بفضل يقضة جمعية علماء المسلمين و المسلمين المحيطين بهم جميعا شرقا وغربا و التي استغرق ترسيخها في نفوس الشعب الجزائري أكثر من 25 سنة لتنهض ثورة نوفمبر 1954 بعد ذلك ... و من أجل زعزعة عقيدة المجتمع الجزائري الإسلامية تلك ، فقد شرعت عصابة بومدين في نشر إشاعة خبيثة تقول بأن جمعية علماء المسلمين كانت مع المستعمر وترفض محاربته ولم تشارك قط في ما يسمى  ( ثورة الفاتح نوفمبر 1954  ).. وقد سبق الرد على ذلك سابقا في الفقرة الأولى من جرائم عصابة بومدين التي أوصلت الجزائر إلى الحضيض الأسفل من التخلف في جميع الميادين ...

ثانيا : بدأت عصابة بومدين بالحرب على الدين الإسلامي كله ونشر عقيدة تخاريف وخزعبلات جمال عبد الناصر لأنه سقط كثمرة عَـفِـنَةٍ في فلك الاتحاد السوفياتي وأصبح من حفظة كراريس ماركس وإنجلز ، وهي العقيدة والتخاريف والخزعبلات التي حصد بها عبد الناصر نفسه هزيمته النكراء في يونيو 1967 في حربه مع إسرائيل فيما عُرِفَ بحرب الستة أيام والتي ضاعت بسببها صحراء سيناء المصرية والقدس الشريف والضفة الغربية وغزة الفلسطينية ، وهضبة الجولان السورية ، هذا بالإضافة إلى المذلة والإهانة التي لحقت العرب بمن فيهم عصابة بومدين ، هذه هي العقيدة نفسها التي اعتنقتها عصابة بومدين عقيدة عبد الناصر المسماة بالاشتراكية ، أي الاشتراكية في الفقر و القحط الفكري والتخلف الأبدي ... والأمر ما ترون لاما تسمعون أو تقرأون ...  

ثالثا : انقلاب عصابة بومدين على التيار المدني داخل جبهة التحرير في 15-7-1961 وسيطرة التيار العسكري الجزائري داخل جبهة التحرير قبيل نهاية المفاوضات مع فرنسا بل والإعلان عن ذلك بكل وقاحة في بيان بومدين رقم 1 مما يعني أن عصابة بومدين كانت تتواطؤ مع الجنرال دوغول ضد التيار المدني داخل جبهة التحرير الجزائرية من حهة ومن جهة أخرى ليسرع الجنرال دوغول لتقديم الهدية المسمومة للشعب الجزائري المسماة باستفتاء تقرير مصير الشعب الجزائري ... ألا يذكرنا هذا بغدر جمال عبد الناصر للجنرال محمد نجيب حينما رفض عبد الناصر ضرورة تسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة بعد نجاح الانقلاب كما اشترط محمد نجيب قبل الانخراط في ذلك الانقلاب المصري المشؤوم ؟ ... هذه المقارنة تؤكد أن بيان بومدين رقم 1 يعلن بأن جزائر ما قبل بداية ثورة 1954 قد أُقْـبِرَتْ إلى يوم القيامة ، حيث ومنذ ذلك التاريخ  (15-7-1961  ) عَـبَّـدَتْ عصابة بومدين  ( أي التيار العسكري داخل الجبهة  ) عَـبَّـدَتْ الطريق لتذليل صعوبات مفاوضات الحكومة الجزائرية المؤقتة الجديدة التي يهيمن عليها عسكر بومدين ، وكانت هذه الحكومة المؤقتة الجديدة برئاسة يوسف بن خدة الذي خلف فرحات عباس رئيس الحكومة المدنية المؤقتة ، فبالنسبة للجنرال دوغول لقد أصبحت الآن الطريق سالكة لقبول كل شروطه التي كان يفرضها على الوفد السابق في المفاوضات بفضل سيطرة التيار العسكري داخال الجبهة الجزائرية برئاسة هواري بومدين ، وهكذا حقق أعداء الشعب الجزائري أهدافهم على ظهره الشعب و حقق الجنرال دوغول هدف تبعية الجزائر لفرنسا إلى الأبد لأن الجزائريين بلعوا طعم استفتاء تقرير مصير الشعب الجزائري ببلادة وغباء وجهل لا توصف ، تقرير مصير ملفوف في ورقة وحيدة مسمومة قالوا بها  ( نعم  ) لفرنسا برضاهم ، نعم برضاهم دخلوا الشبكة التي نصبها لهم دوغول بتواطؤ مع عصابة بومدين ... في ورقة الاستفتاء  ( نعم  ) بالعربية و ( oui ) بالفرنسية وليس في الورقة كلمة  ( لا  ) نهائيا ... انظروا وتمعنوا أيها الجزائريون الذين وقعتم في فخ نصبه لكم خونة منكم والحركي منكم وأذناب فرنسا في الجزائر منكم ، انظروا ما كان مكتوبا بالعربية والفرنسية في الورقة المسمومة التي كانت في استفتاء تقرير المصير التي صاغها الجنرال دوغول بنفسه ، وهذه الورقة بهذه الصيغة التي استحمرت شعب المليون ونصف شهيد هي منشورة في الانترنت على نطاق واسع ، تقول صيغة الاستفتاء على تقرير مصير الشعب الجزائري مايلي : " هل تريد أن تصبح الجزئر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962  ( نعم – oui  )......وليس هناك ولا ورقة أخرى تقول عكس ما في هذه الورقة وذلك حسب المتعارف عليه في جميع الاستفتاءات التي تجرى في العالم ، ووجود ورقة وحيدة تتضمن صيغة وحيدة واضحة المعاني وتنتهي بجواب واحد أي لا تقدم خيارين أو أكثر ... وهذه الورقة فرضت خيارا واحدا وهو ( نعم  ) وهذا دليل قاطع على تواطؤ عصابة بومدين الذي تسلم من الجنرال دوغول كيانا يسمى الجزائر المستقلة  ( المستقلة عمن ؟  ) المتعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962... ومن منكم أيها الجزائريون يعرف الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962 ؟ أو يعرف شيئا عن أي وثيقة تُـثْبِتُ اسقتلال الجزائر ؟ هل تعلمون أن الكيان المسمى الجزائر لا يملك وثيقة الاستقلال عن فرنسا ؟  

عود على بدء :  

لست أدري متى قرأت خبرا في الفيس بوك يؤكد صاحبه بأن دولة الجزائر وحدها في العالم التي تؤدي حقوق التأليف والنشر للدولة الفرنسية إلى اليوم كلما أذيع نشيدها الوطني في كل مكان في العالم و لو كان حتى في الجزائر نفسها ، ويؤكد صاحب الخبر أنه حتى ولو كان عزف النشيد الوطني الجزائري على شرف رئيس الدولة الجزائرية نفسه وفي الجزائر نفسها ، ويؤكد صاحب الخبر/ الفضيحة أن الدولة الجزائرية تتراكم عليها للدولة الفرنسية أموال من جراء بث نشيدها الوطني الجزائري  ! ! ! !.... في البداية استغربتُ الخبر كثيرا مما اضطرني الأمر للبحث في صحته ، و بحثت في الموضوع ووجدته مع الأسف صحيحا ، والمبرر هو أن النشيد الوطني الجزائري الحالي مسجل لدى شركة فرنسية اسمها  ( ساسيم  ) ... والدولة الوحيدة في العالم ، أعيد وأقول الجزائري هي الدولة الوحيدة في العالم ، التي تؤدي حقوق الاستماع لنشيدها الوطني لشركة فرنسية هي الجزائر ، وهذا دليل آخر على تآمر عصابة بومدين على الشعب الجزائري مع الجنرال دغول حتى خرجا معا باتفاقية إيفيان الثانية التي نجهل كشعب ماذا تعني تصريحات 19 مارس 1962 ، أما شرط التعاون مع فرنسا فهو مفهوم وواضح لكن السؤال الملح اليوم وكل يوم هو : لماذا يستمر بيادق فرنسا في الكذب علينا بأنها بيادق جزائرية تحكم الجزائر والحقيقة أنها بيادق فرنسية تعيش معنا في الجزائر التي تذهب أموالها لفرنسا وليتدبر الشعب الجزائري شؤون معيشته من الصخر لأنه هو الذي استفتي على شيء لم يقرأه ولم يجد من يشرح له ذلك ولم يسأل عن الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962 ؟ واليوم لا يمكن شراء ولو علبة حلويات دون قراءة مكوناتها ومدة صلاحيتها المكتوبة على ظهرها فبالأحرى اتفاقية فك الارتباط بين دولة فرنسا حكمت كيانا اسمه الجزائر 130 سنة و تدعي فرنسا أن الجزائر فرنسية ... وقد تقدم لنا فرنسا ذات يوم الحجج الدامغة بأن الجزائر لا تزال فرنسية  ! ! ! ! قبل نشر هذا المقال قرأه جزائري صديق عزيز وعلق على الموضوع ضاحكا وقال لي : ألا تعلم يا أستاذ أن دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الذي وضعه الجنرال دوغول عام 1958 لا يزال ينص في أحد بنوذه على أن الجزائر فرنسية مثلها مثل غوادلوب و بولينيزيا الفرنسية وغويانا ومارتينيك وكاليدونيا الجديدة وغيرها ، فقلت له إذن نحن فرنسيون رغم أنف فرنسا لأن دستورها يقر ذلك ، فأجابني جوابا أفحمني به : حيث قال لي : لقد كَتَبْتَ بنفسك تسأل الشعب الجزائري : من منكم أيها الجزائريون يعرف الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962 ؟ فهل أنت تعرف ما في شروط 19 مارس 1962 ؟ ما زدت ُ على ذلك سوى أنني تَأسَّـيْتُ بقوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْعَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ  ( المائدة 101  ) صدق الله العطيم ... ولكن ياربي إلى متى سنبقى لا نسأل عن حقيقة وجودنا ؟

 سمير كرم خاص للجزائر تايمز