شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي Popular media طفرة حاسمة في حياة الشعوب، بعد أن هيمنت التكنولوجيا الرقمية وانتشرت بين أفرادها؛ فقد فتحت التكنولوجيا الرقمية الباب على مصراعيه للولوج إلى عالم المعرفة واقتفاء أثر المعلومة أو اقتحام عوالم افتراضية كانت في الماضي ضربا من الخيال العلمي ومحاطة بسياج من السرية والاحتكار.. فأصبح بالإمكان قراءة كتاب ولم يمض على صدوره أكثر من شهر، بعد أن كان الأمر من قبل يتطلب انتظار سنة أو أكثر، فضلا عن إجراءات لوجيستيكية معقدة.

وقد جاءت هذه الشبكات والمواقع المعلوماتية لتوجه ضربة قاصمة إلى ما عداها من الوسائل الإعلامية التقليدية، كالقنوات الفضائية والإذاعة الصوتية والإعلام المكتوب على شاكلة الجريدة الورقية والمجلات والأسبوعيات..

توظيفها في التعريف بالقضايا

تبعا للملاحظة الأمبريقية، يمكن القول إن مواقع التواصل الاجتماعي عملت على تقريب القاصي البعيد، واستكشاف المجهول والتعريف بالقضايا مهما كانت موغلة في الجغرافيا المحلية الضيقة، كأن يتبادل الآسيوي والأمريكي معلومات تخص قضايا اجتماعية أو منتوجا اقتصاديا محليا.. فهي، بمعنى أو آخر، بوابة لقرية عالمية فسيحة الأرجاء، كل شيء فيها متاح للاطلاع والمعرفة والاقتناء والاستهلاك والبناء والنشر؛ فحجم المعلومات يصل، عبر قنوات هذه المواقع، حدا يفوق آلاف المليارات معلومة كل ثانية، وفي إمكانها الوصول إلى المستهلك بسرعة تفوق كل تصور مقارنة لها بالوسائل التقليدية التي كانت تستغرق أياما إن لم نقل شهورا قبل أن تكون متاحة للعموم.

توظيفها للضغط السياسي

يمكن الجزم بأن زمن "النشاط النقابي" بالمفهوم السياسي التقليدي قد ولى أمام اكتساح الميديا الرقمية لكل المجالات وهيمنتها على كل نشاط مهني في كل القطاعات، حتى إن الضغط السياسي أو المهني والاجتماعي الذي يمر عبر هذه الشبكات الرقمية صار من الفعالية والنجاعة درجة يمكن معها أن تشكل تهديدا مباشرا لكل هيئة سياسية، حكومية كانت أو حزبية أو قطاعية وفي زمن قياسي، دونما حاجة إلى التمهيد لها باجتماعات ولقاءات ماراطونية كما عودتنا الهيئات النقابية، فأصبحنا نعايش "حملات رقمية" ذات مطالب سياسية واقتصادية؛ كما مر معنا منذ أشهر من خلال "حملة مقاطعة" بعض المنتوجات الاستهلاكية بالمغرب.. أو كما تتبع العالم وما زال من خلال تشكيلها لقوة ضاغطة على الحكومة الفرنسية عبر "حملة أصحاب الوزرات الصفراء" والتي ذهبت بعيدا في مطالبها حد محاكمة سياسة قصر الإليزيه..

توظيفها سلاحا للتشهير

لا غرو في أن العديد من الفضائح السياسية والاجتماعية كان وراء تفجيرها هذه الوسائط الرقمية، لا سيما منها الفيسبوكية Face booked، إما بقصد التشهير بأشخاص معينين وابتزازهم، أو للتمويه ومقارعة حملة بأخرى مضادة، أو لاختراق جهة أو هيئة معينة وتسميم أجوائها وشيطنة علاقاتها.. فكم من صورة رقمية ودية وعائلية سقطت بأيدي عابثة لتوظفها وتستغلها في التشهير بصاحبها أو تركيبها في وضعيات خاصة بقصد الابتزاز أو إلحاق أذى بسمعة حاملها، فتقنية "تركيب الصورة"technique Photoshop غير خافية على أحد في التلاعب بتفاصيلها وقسماتها وتوظيفها في الوشاية بصاحبها. فحذار من الوقوع في فخاخها !

عبد اللطيف مجدوب