مع نهاية العام، يقفزُ إلى واجهة النقاش العمومي سؤال الحصيلة السياسية للأغلبية الحكومية. وإذا كان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، طمأنَ المغاربة بمزيد من الإصلاحات خلالَ الأعوام المتبقية، مُنافحاً عمّا قدّمه من إجراءات استثنائية في ظرفية "صعبة"، فإنَّ أصواتاً معارضة انتقدت بقوة هذه الحصيلة، رافضةً "الفجائية التي بصمت إجراءات وعمل الأغلبية، خاصة في ظل غياب الانسجام بين مكوناتها".

وبلغة واثقة قدّم رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، خلالَ أشغال آخر مجلس حكومي لسنة 2018، حصيلته السياسية والاقتصادية، التي تميّزت بحسبهِ "بدينامية كبيرة"، موردا أن "أوراشا عديدة فتحت وإنجازات كثيرة تحققت، رغم ظهور عدد من التحديات والإشكالات"، ومشيراً إلى أن "السنة التي نودعها تم خلاها إطلاق عدة أوراش مهمة؛ منها أوراش برعاية مباشرة من الملك محمد السادس".

ورغمَ غياب الانسجام الداخلي بين مكوناتها، يقرُّ العثماني بأن حكومته "أطلقت إصلاحات كبرى، وقامت بإعداد قوانين مرتبطة بها؛ من أبرزها ميثاق اللاتمركز الإداري الذي سينشر قريبا في الجريدة الرسمية، ومشروع قانون الإطار للتربية والتكوين الذي عرض في مجلس الحكومة وصودق عليه في مجلس وزاري وسيناقش انطلاقا من اليوم في البرلمان".

ولعلَّ أهم ما ميّزَ حصيلة العثماني خلال السنة المنصرمة هو ارتدادات الزلزال الملكي الذي أعفي بموجبه وزراء، والذي مازالت تداعياته حاضرةً في ظلّ حديث عن احتمال إعفاء بعض المسؤولين الحكوميين نتيجة اختلالات وتسجيل قصور في أداء الواجب المهني.

ويرَى الأستاذ الجامعي خالد البكاري أنَّ "حصيلة العثماني سياسية، باعتبار أنها توضح صفقة حلّ "البلوكاج"، وباعتبار أنها استمرارية لتعطيل روح الدستور على علاته، وباعتبارها ثالثا محصلة وضع فريد يتميز بممارسة المعارضة من داخل المجلس الحكومي ومن داخل الأغلبية البرلمانية".

ويشير السياسي والحقوقي إلى أنَّ هذا الوضع يُبيِّنُ أن "الحكومة وقراراتها هي نتاج وضع ملتبس مازال فيه النظام بحاجة إلى العدالة والتنمية، ولكن مع إضعافها أكثر بهدف التمهيد للاستحقاقات الانتخابية القادمة، سواء الانتخابات الجماعية أو التشريعية".

ويعتبرُ البكاري أن الإجراءات الحكومية غير عادية، لأنها كانت مبنية على "المفاجأة دون حوار مجتمعي أو سياسي مسبوق"، مضيفاً: "يكفي الرجوع إلى عودة التجنيد الإجباري، وتثبيت توقيت غرينتش +ساعة، والقانون الأساسي لموظفي الأكاديميات الذي رسم نهائيا التوظيف بالعقدة في وزارة التربية الوطنية، وكذا ما يرتبط بالوضع الجديد للكنوبس في أفق رسملة صناديق التضامن؛ هذا دون الحديث عن العجز عن تسقيف أسعار المحروقات"، مردفاً: "لقد كانت سنة التدابير الاستثنائية المفاجئة".

ويبرزُ البكاري: "هي حصيلة سياسية من جهة وإجراءات حكومية غير عادية من جهة أخرى".

ويقارنُ الباحث في الشأن السياسي بين حصيلة العثماني وبنكيران، ويقول: "من حيث تنزيل قرارات من خارج الحكومة فليس هناك اختلاف كبير؛ الفرق أن بنكيران كان يخرج ليفسر للمغاربة، إما بتبريرات شعبوية عاطفية، وإما بالتلميح إلى أن مركز القرار في جهة أخرى هي القصر؛ بينما تفتقد الحكومة الآن إلى عنصر قادر على التبرير أو على الشغب..بنكيران كان يشاغب المحيط القريب من الملك".