تتصاعد دعوات لإغلاق دور تحفيظ القرآن الكريم لأسباب وأسباب... لا! الحل ليس في إغلاق دور القرآن؛ بل الحل في حسن اختيار وتعيين المؤطرين في تلك الدور مع إحالة بعض المؤطرين الذين تجاوزهم الزمن إلى التقاعد، لأنهم لم ينفذوا في علوم التاريخ وفي العلوم الإنسانية عامة، وظلوا حبيسي فكر منغلق متجمد متحجر؛ وهو ما أدى بهم إلى الدوران في حلقة مغلقة من التأويلات المتعصبة.

إن القرآن الكريم أحسن شيء حصل للإنسانية؛ لأنه يعلمنا الرحمة والأخوة في الدين والرحمة بالبشرية جمعاء، ويعلمنا معنى الحياة وقيمتها الغالية. لن تختلط الأشياء والأمور عندنا. نحن مؤمنون مسلمون ولا نخاف في ذلك لومة لائم.

لقد حرم الله على نفسه الظلم، مع أن الله هو من خلق كل شيء سبحانه. فكيف لضباع بشرية، تنتسب إلى الإسلام عنوة، أن تظلم وبالشكل الذي رأيناه؟ كيف لهؤلاء الجبناء أن يذبحوا ذبحا "لويزا فيستيراكر جيسبرسين" و"مارين نورسكي أولاند" البريئتين؟ ألأنهما تنتميان إلى البلاد الإسكندنافية؟ أم لأنهما "كافرتين"؟

طيب. سأحاول أن أشرح لهؤلاء الوحوش الجهلة وأمثالهم أن انخراطهم في الإرهاب خطأ لا يغتفر أبدا.

البلاد الإسكندنافية وما أدراك ما البلاد الإسكندنافية. إنها بلاد أجدادي. نعم، إنها كذلك. فلربما أن الإرهاب ذبح ابنتين بريئتين من بنات عمومتي. إنني أنتمي إلى عائلة فنيش إسكندنافية الأصل. لقد سبق أن حمدت الله كثيرا علانية، وربما أيضا في بعض من كتبي، لأن جدي الأكبر كان قد وقع أسيرا عند المسلمين في المغرب، فأصبح مسلما.

وقع جدي في الأسر في المغرب ليس لأنه جاء إليه ضيفا سائحا مسالما، ولكن نتيجة معركة بحرية ضارية بين المغاربة المسلمين وقوات الغرب آنذاك... جيء بجدي إلى مدينة سلا المجاهدة. لم يتم ذبحه، ولم يتم تعذيبه، بل تمت معاملته كأسير حرب عند المسلمين قبل قرون وقرون من اتفاقية جونيف... كانت المعاملة حسنة إنسانية، لم ير ولم يسمع مثيلا لها من قبل، فاختار جدي، وجد كل عائلة فنيش في مغربنا الحبيب، أن يدخل الإسلام.

وبعدها، أصبح اسم فنيش علامة واضحة في تاريخ المغرب للدفاع عن الإسلام والمسلمين بشرف وصبر وصدق ونخوة ورجولة وبعلم وإخلاص لجوهر الإسلام السلام السلام، حيث لا عنف خارج نطاق الحرب المعلنة ولا اعتداء على من لا يحمل سلاحا ولو وقت الحرب الضارية.

لا يتسع المجال هنا لسرد كل الوقائع التاريخية في هذا الصدد بدقة وشرح وتفسير منهجي حسب الحقب التاريخية؛ ولكنني أتمنى أن تصل الرسالة، بطريقة أو بأخرى، إلى كل مشروع وحش ضبع جاهل إرهابي قاتل ذباح، لعله يفهم أن لو ذبح المسلمون المغاربة جد آل فنيش آنذاك لما كنت اليوم مسلما، والحمد لله وحده لا شريك له. فاللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.

ولا يزايدن أحد علي في الإسلام. صحيح أنني لست معصوما من الخطأ، لأنني مجرد بشر خلقني الله جل وعلا في علاه؛ ولكنني والحمد لله دافعت عن ديني في محطات عديدة صعبة، وكتاباتي شاهدة على ما أقول. ولكنني أقول: لا للجبن، لا للإرهاب، مهما كان ومهما حصل. فنحن المسلمون رجال الشرف، لا نحقد على الأبرياء، والغدر ليس من شيمنا، كما أننا شجعان لا جبناء. فالخزي والعار للإرهاب الجبان.

دولة المغرب تدين بالإسلام دينا. فمن كانت نفسه طيبة لا شيء يمنعه من التسبيح والدعاء والذكر والصلاة. وأما من كانت نفسه خبيثة، فإنه يلجأ إلى الحقد ونشر ثقافة العنف ضد المسالمين العزل، لأنه لا يتمنى أبدا لغيره ما يتمناه لنفسه، وبئس النفس الأنانية المتسخة البغيضة.

ولا عذر لمن ينشر ثقافة العنف المجاني لمجرد أن تافهين من أصحاب الأرواح التائهة (-إلى أن يهديهم الله-)، يخرجون بين الفينة والأخرى بهرطقات فارغة ضد الإسلام، كهؤلاء "الأمازيغاويين" المعروفين أو غيرهم من بعض "العرباويين" المعروفين أيضا، الذين يتهجمون على ديننا تنفيذا لأجندات صهيونية انفصالية هدامة معروفة...

فنحن المغاربة المسلمون بكل فئاتنا لهم بالمرصاد، بكل طمأنينة ورصانة وهدوء، لأننا أقوياء بحجتنا وأدبنا وكتاباتنا الموضوعية، حسب ظروف التاريخ والزمن المتعاقب نصرة لقضايانا العادلة، والدليل هو أنهم لا يستطيعون الرد علينا من فرط ضعفهم وهوانهم وفراغ أفكارهم التافهة من المنطق والحقيقة.

وخلاصة أقول أن الإرهاب لن ينال من المغرب والمغاربة، ولن تنال النزعة الانفصالية من وحدة المغرب الترابية. سينتصر المغرب والمغاربة على الأشرار. فهنا المغرب الجميل القوي الرصين المتزن السعيد. هنا المغرب، بلد النفس الطويل الذي لا ولن يهزم أبدا بإذن الله الجميل الذي يحب الجمال. نحن المغاربة الأقوياء لا نخاف لومة لائم في الدفاع عن ثوابتنا الوطنية، أخلاقنا الاعتدال والحكمة والصبر والكرم والمحبة والفضيلة والصلاح والإصلاح. الإصلاح بالتي هي أحسن لأنه أفضل وأقوى إصلاح.

هذا قولي في المأساة التي حلت بنا مؤخرا في جبل توبقال الشامخ شموخ المغرب والمغاربة الطيبين الشجعان الأقوياء بقوة الإسلام. وأفضل عبارات التعزية لأهل "لويزا فيستيراكر جيسبرسين" و"مارين نورسكي أولاند"، وللدنمارك والنرويج.



يونس فنيش