أهلنا في جنوب ليبيا تم تهمشيهم لأنهم لم يشاركوا في الثورة، باستثناء بعض الشواذ الذين كانوا سببا في استدعاء الناتو لتدمير البلد، فأصبحوا يستغشون ثيابهم. استباح الحكام الجدد كامل تراب الاقليم، اعتبروا سكانه سبايا، وثرواته مغنما، ارسلوا لهم ميليشيات اجرامية (القوة الثالثة) لكي تسومهم سوء العذاب وتتصرف بمقدراتهم، يتدخلون في كل كبيرة وصغيرة. السكان يعانون منذ سنوات من انعدام الوقود والسيولة وتفشي البطالة بين صفوف الشباب، إضافة الى النقص الحاد في الأدوية بالمستشفيات، والارتفاع الفاحش في الاسعار لكافة السلع، وتوقف حركة النقل الجوي المدني بين الاقليم وشمال الوطن بسبب حالة عدم الاستقرار والانفلات الأمني، ما يجعل التنقل عن طريق البر محفوفا بالمخاطر، بسبب نقاط التفتيش الوهمية التي تقيمها العصابات الاجرامية، والتي وراح ضحيتها عديد الابرياء، وانتشار جماعات مسلحة لدول الجوار تعمل على السلب والنهب والقتل والتهجير.

طالب الجنوبيون بحقوقهم المشروعة أكثر من مرة، وعندما لم يحصلوا عليها نتيجة تهور ألمسئولين منعدمي الضمير والإنسانية. نواب الجنوب بالكونغرس، بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الدولة، لم يرفعوا الصوت مجاهرين بالظلم والاستعباد بل الاسترقاق الذي يمارس بحق ناخبيهم. قام بعض الشباب بالاحتجاج وإغلاق حقلين من حقول النفط في الجنوب. اقام المتسلطون في العاصمة الدنيا ولم يقعدوها. احد اعضاء المجلس الرئاسي يصف أهلنا في الجنوب بأنهم خونة! (كبرت كلمة تخرج من افواههم)، فالخائن هو الذي قام بتنصيبه المستعمر ليكون اداته في تدمير الوطن.

رئيس مؤسسة النفط (بمرتبة وزير) من جانبه اتهم حرس المنشات النفطية بالتواطؤ مع المحتجين لأنهم اوقفوا ضخ النفط ولربما الغاز ما يسبب في تخفيض الايرادات. كيف لحرس المنشات ألا يتضامن مع بيئته المعدمة وهو يشاهد ايرادات النفط والغاز تذهب الى البنك المركزي ومن ثم الى العصابات الاجرامية التي تحمي الرئاسي؟ ترى ما قيمة الايرادات ان لم يستفد منها المواطنين في كافة ارجاء الوطن ام ان سكان الجنوب ليسوا مواطنين؟ بالأمس القريب اوقف الجضران ضخ النفط بمنطقة الهلال النفطي لأكثر من عام، عندها لم يتعرض له أي من الحكام بسوء بل كانوا يخطبون ودّه ويغدقون عليه الاموال لأجل اعادة ضخ النفط!

نتمنى ان يستمر المحتجون في ايقاف ضخ النفط والغاز، وان تتضامن معهم كافة قطاعات الشعب بكامل تراب الوطن لإيقاف هدر المقدرات الضخمة التي سخرها الصعاليك لمصالحهم، فلهم في كافة ارجاء العالم وبالأخص الدول التي ساهمت في دمار الوطن، دارات ومنتزهات واستثمارات تدر عليهم الربح الوفير. فالانتخابات التي يؤمّل عليها لن تجرى في القريب العاجل، والمتصدرون للمشهد يسعون بكل قواهم (يدعمهم في ذلك اسيادهم اولياء نعمتهم) الى التمديد لأنفسهم فترة انتقالية اخرى، ليستمروا في السلب والنهب، ولتزداد معاناة المواطن، هذه هي الحال في بلدي المليء بالخيرات، نواب يعيشون حياة الترف وناخبين بطونهم خاوية.

عامة الشعب لم تستفد من ايرادات النفط رغم تجاوزه المليون برميل يوميا، ارتفاع الاسعار لا يزال على حاله، لذلك فالأفضل ان يبقى النفط بباطن الارض لا ان يستفيد منه اصحاب المعالي والسمو والبكوات، علّ الاجيال القادمة تستفيد منه وتترحم على الشرفاء الذين اوقفوا تصديره وتحملوا ضنك العيش.

ليكن حراك "غضب فزان" بداية النهاية للطبقة التي افسدت الزرع والضرع على مدى سبع سنوات عجاف، ورفع الضيم، وليعيد للشعب كرامته التي امتهنت ومحاكمة كل من اجرم في حق الشعب وما ذلك على الشعب بعسير.


ميلاد عمر المزوغي