يبدو أن عمليات الاختفاء والتعذيب والاختطاف التى يشهدها العالم بين الحين والآخر بفعل مجهول، أصبحت اليوم تقع تحت غطاء تركى فى ظل رئاسة حزب العدالة والتنمية، والتى يقودها الديكتاتور العثمانى رجب طيب أردوغان للقضاء على أنصار فتح الله جولن.

ما تعرض له المعارضين لأردوغان فى الداخل والخارج كشفت عنه مؤسسة "CORRECTIV"، الألمانية المعنية بالتحقيقات الصحفية.

وتناولت المؤسسة فى تحقيقها، عمليات الخطف والاختفاء القسرى الذى تمارسه الحكومة التركية بحق مدنيين، وقامت بتوثيق تلك العمليات بشهادات ومقاطع فيديو.

واستندت المؤسسة فى تحقيقها إلى شهادة تولجا أحد المعارضين الذى تم التنكيل به واختطافه قسريا عام 2017 من قبل مجهولين فى وضح النهار.

وقد وثق مقطع فيديو لكاميرا مراقبة عملية الخطف هذه، حيث توقفت سيارة سوداء اللون بالقرب منه، ثم خرج منها رجلان يرتديان ملابس مدنية، وأمسكا به واقتاداه إلى داخل السيارة التى انطلقت مسرعة.

وأوضح تولجا أنه حاول المقاومة، لكنه تعرض للضرب، وتمت تغطية رأسه وتكبيل قدميه، مضيفا: "استوعبت بسرعة أنه لا فائدة من محاولة الدفاع عن نفسى، وكان يتوجب على أن أبقى هادئا وأن أتصرف بطريقة محسوبة".

وأشار تولجا إلى أنه تم اقتياده إلى منشأة غير معروفة، استُخدمت كسجن، وقال: "كانت مساحة الزنزانة لا تتعدى مترين x متر ونصف، وكانت هناك قطع ملابس تغطى الأرض والجدران، لتمنع المعتقلين من محاولة الانتحار بضرب رؤوسهم بالجدران أو الأرضية".

واستكمل المعارض التركى حديثه: "فى البداية، تعرضت لتحقيقات مكثفة تخللتها عمليات تعذيب، حيث تم ضربى وصعقى كهربائيا، وتهديدى بالاغتصاب، وبالقيام بالمثل لعائلتى، كما كانت غرف التحقيقات مجهزة بوسائل وأجهزة للتعذيب، مثل وجود حلقات معدنية على الأرض والسقف، لتثبيت اليدين والقدمين فيها".

المؤسسة نوهت إلى أن كل عمليات التحقيق كانت تتعلق بانضمام تولجا لجماعة رجل الدين فتح الله جولن، المقيم فى الولايات المتحدة، والذى تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.

وحاول المحققون دفع تولجا للوشاية بزملائه وأصدقائه، إذ أروه صورا لهم وطالبوه بتقديم معلومات عنهم، وتقديم شهادة فى المحكمة دون الكشف عن هويته.

وأكد تولجا أن مختطفيه عرضوا عليه فرصة تقديم شهادة فى المحكمة من وراء ستار للحفاظ على سرية هويته، ومنحه هوية جديدة ونقودا، وتوجيه أمر للمحكمة بإسقاط كل التهم الموجهة عنه.

ومع اقتراب نهاية احتجازه، ادعى المعارض التركى، أنه سيتعاون مع مختطفيه وسيقدم المعلومات اللازمة، ما أدى إلى تخفيف عمليات التعذيب.

وفى يوم ما وبشكل مفاجئ، بعد أشهر من احتجازه ومنعه من التواصل مع أسرته أو أى شخص، تم أخذه بسيارة إلى وسط العاصمة أنقرة وإطلاق سراحه، بحسب المؤسسة الألمانية.

وبعدها، نجح تولجا فى الهرب إلى إحدى دول غرب أوروبا، وحصل على صفة لاجئ للحفاظ على حياته.

يذكر أنه طوال فترة احتجازه، حاولت عائلة تولجا الوصول إلى مكانه، وقد أطلقت العديد من النداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام، إلا أن الحكومة التركية لم تقدم أية إجابات.

كان أردوغان شن حملة اعتقالات وحشية بعد الانقلاب المزعوم الذى شهدته البلاد عام 2016، أسفرت عن اعتقال 160 ألف شخص، منهم مدرسين وقضاة وصحفيين ورجال شرطة، بالإضافة إلى طرد 150 ألف شخص من مناصبهم.


  • شريف على
  •