بتاريخ 30-11-2018 نشرت صحيفة ديلي تلغراف اللندنية تقريراً عن اعتزام ايران تشكيل فرق للقيام باغتيال الشخصيات السياسية وغير السياسية من المغضوب عليها لديها في العراق ومن الذين يناصبون المصالح الايرانية وسياساتها العداء. وبعد ترجمة التقرير الى العديد من لغات العالم وبثه في اكثر من قناة اعلامية، انشغل الكثير من السياسيين والمعلقين بالخبر، ووقف بعضهم، ومنهم السياسي العراقي المخضرم مثال الالوسي رئيس حزب الامة العراقية، عند النقطة في التقرير والتي نصت على تهديد ايران بحرق بغداد والذي ورد في رسالة تهديد لها الى اميركا التي اتهمتها ايران بالسعي لتقليل دورها وتحجيمه.

من الطبيعي ان تكون الاداة المنفذة للتهديد الايراني الميليشيات الشيعية الموالية لايران في العراق التي تتخندق في الخط الامامي دفاعاً عن مصالح طهران ومخططاتها. والملاحظ في نشاطات فرق الموت الايرانية انها تستهدف المعارضين الايرانيين فقط، وليس المنتقدين لها من ابناء الامم الاخرى. فتلك الفرق قتلت اكثر من 460 معارضاً كردياً ايرانيا على امتداد الاعوام الماضية في محافظة السيلمانية وحدها، وامتدت اغتيالاتها في الاسابيع والشهور الاخيرة الى محافظة اربيل حين اقدمت على محاولة فاشلة لاغتيال حسين يزدان بنا قائد ومؤسس حزب حرية كردستان وجناحه العسكري (بيشمركة الحزب) وذلك على الشارع 120 في اربيل، وفي منطقة بنصلاوة الى الشرق من اربيل اغتالت مسؤولاً عسكريا للحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني وفي قضائي سوران ورانية نفذت اعمالاً مماثلة وطالت الاغتيالات الايرانية حتى المعارضين الايرانيين في خارج العراق. ففي اوروبا مثلاً اغتالت الدكتور عبدالرحمن قاسملو وفيما بعد الدكتور صادق شرف كندي قائدا الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني ولم تقتصر الاغتيالات على هاذين المعارضين الكرديين في اوروبا، بل انها حصدت ارواح اكثر من 75 ايرانياً معارضاً ومن مختلف الجنسيات في اوروبا ايضا. وعبرت الاغتيالات الايرانية الاطلسي الى الولايات المتحدة التي قتل فيها نحو 36 معارضاً ايرانيا.

نعم ايران تركز على قتل معارضيها من الجنسية الايرانية وتعطي الاولوية لقتلهم. والملاحظة الثانية لكاتب المقال، ان ايران تترك امر تصفية المعارضين لسياساتها من ابناء الامم والدول الاخرى الى الاحزاب والميليشيات التابعة لها. فعلى سبيل المثال وذلك وفق تقرير اميركي نشر يوم 12-9-2018 ان حزب الله الموالي لايران تورط بخطف 91 اجنبياً في لبنان عام 1982 بينهم 25 اميركيا، وتورطه ايضاً في تفجير السفارتين الاميركية والفرنسية في الكويت عام 1983 وفي العام نفسه، فجر الحزب المذكور السفارة الاميركية في بيروت وتسبب التفجير في قتل 63 شخصاً كانوا داخل السفارة. اضافة الى ضلوعه في تفجير الخبر بالسعودية عام 1996.. الخ من اعمال قتل وارهاب نفذها الحزب المذكور بالنيابة عن ايران. وبعد سقوط نظام البعث في العراق عام 2003 قام عملاء النظام الايراني بقتل العشرات والمئات من رموز العرب السنة، من ضباط طياريين ورجال دين واساتذة جامعات وصحفيين والعديد من السياسيين في العراق.

لقد استغلت الاوساط المخابراتية الايرانية السياسات الاميركية المائعة والذليلة حيال التصرفات الارهابية الايرانية منذ عام 1979 اذ جابهت اميركا احتلال ايران لسفارتها في العام المذكور واستيلائها على اكثر من 7000 وثيقة سرية بما يشبه الصمت في حين رأيناها (اميركا) كيف هبت عام 1986 لقمع انقلاب مجموعة من الضباط اليساريين في غرينادا في اميركا الوسطى وقبله شنت هجوماً على كوبا لأرغام حكومة فيدل كاسترو على التراجع عن سياساتها الموالية للاتحاد السوفيتين السابق.

الذي جعل ايران تتمادى في مشاريع الاغتيالات والتدخلات هو استمرار اميركا على سياستها المشبوهة والمعيبة حيال ايران. فالاجراء الذي اتخذته لتغيير سفيرها وطاقم سفارتها في بغداد، لم يكن الهزيمة الوحيدة لأميركا امام التهديدات الايرانية. فقبل اسابيع من الان وفي 29-9-2018 عندما قام عملاء طهران بتويجه صواريخ نحو القنصلية الاميركية في البصرة فان اميركا بدلاً من ان ترد بالمثل سرعان ما قامت بمطالبة دبلوماسييها بمغادرة البصرة. نعم ان الموقف الاميركي المائع والمشبوه والمساوم شجع ايران اكثر فاكثر للقيام بالاغتيالات وقصف مناطق كردية في كويسنجق وحاج عمران وسيدكان بين فترة واخرى. واذكر انه على اثر قصف ايران لبلدة كويسنجق الى الشرق من اربيل، هدد محمد حسين باقري رئيس اركان الجيش الايراني بمعاودة القصف "ان لم يقم العراق بتسليم النشطاء الكرد لإيران".

أعود الى عنوان المقال واقول واكرر، ان القول، باعتزام ايران على تشكيل فرق للاغتيالات في العراق، يبدو كاكتشاف متأخر للغاية، بحيث يثير في النفس التهكم، اذ منذ نحو 30 عاماً اي بعد ازاحة النظام الشاهنشاهي عن الحكم في ايران عام 1979 فان ايران وفي اطار تصديرها للثورة الاسلامية الى العالم الاسلامي وبالذات العالم العربي، ان القول هذا سابق على خبر ديلي تلغراف بسنوات وعقود وطوال السنوات والعقود هذه لم يكن هناك من رادع لإيران والسنوات والعقود هذه لم يكن هناك من رادع لإيران خلال تلك الاعوام والى الان فان تهديدات ايران لأميركا والعالم لم تتراجع بل وترجمت الى افعال واعمال.

بتاريخ 30-11-2018 ورد في خطبة امام جمعة طهران سيد محمد حسن ابو ترابي دعوة الى تعبئة المستضعفين في العراق وكل من سوريا لبنان وفلسطين واليمن وتحت امرة مرشد الثورة الاسلامية علي خامنئي. وسبق الدعوة هذه اخبار عن قيام حلف خماسي يضم العراق وسوريا وقطر وتركيا اضافة الى ايران وسمي الحلف ايضاً بالقوة الاقليمية، ما يفيد ان ايران لاتتوقف عند الاغتيالات والتصفيات الجسدية لخصومها انما ستكون حربها اوسع واكبر على العالم وسط هزال الموقف الاميركي. وبعد كل الذي رأينا وعلى خلفية الاستعراض الموجز للشقاوة الايرانية ترى من الذي يمنع ايران من مواصلة الاغتيال والقتل والتدخل وشن الحروب؟

 اكرر ان فرق الاغتيالات الايرانية سابق على تقرير ديلي تلغراف وان ايران تملك من العدة والعتاد واسباب الحرب الكثير، بحيث بدفع بها الى ارتكاب عظائم الامور.


عبدالغني علي يحيى