بعد الاستجابة الفورية لعقد مفاوضات مباشرة تحضرها كل الأطراف المعنية بقضية الصحراء بجنيف يومي 05 و06 من الشهر الجاري، وعلى إثر بدء مسار هذه المفاوضات بحضور وفود عن كل الأطراف المعنية بالقضية، سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وبغض النظر عن الأبعاد السياسية وانتظارات ساكنة الصحراء لمصير هذه الجولة من التفاوض الذي شكل استثناء بامتياز، بحضور وازن للمرأة الصحراوية ممثلة عن الوفدين معا، وبالرغم من وجود امرأة واحدة مقابل أربعة رجال على عكس الوفد الموريتاني، الذي احترم مبدأ المناصفة بامتياز، حيث حضرت سيدة إلى جانب مسؤول عن الوفد، يمكن القول إن أهم رهان تحقق في هذه الجولة الأولى هو الحضور النسائي المتميز في بعده الرمزي والسياسي، وعلاقة ذلك بتطور مسار المفاوضات، والوصول إلى نتيجة توافق الأطراف مجتمعة لحل سياسي ينهي حالة النزاع.

أولى الملاحظات التي يمكن تسجيلها بخصوص الحضور النسائي في مفاوضات جنيف هي حضور ممثلات عن وفود المغرب وجبهة بوليساريو وموريتانيا، وغياب تمثيلية المرأة عن الوفد الجزائري، وهنا يمكن طرح سؤال: لماذا لم تحضر سيدة ممثلة عن الوفد الجزائري؟ وما علاقة ذلك باختيارات صانعي القرار؟ وما موقفهم من تمثيلية المرأة سياسيا؟

الملاحظة الثانية أن حضور المرأة بزيها الصحراوي (الملحفة) بالعاصمة السويسرية كانت له دلالة رمزية، ونتيجة لذلك قوبلت بالاحترام التام، ولم تكن في حاجة إلى وضع بطاقة التصريح بالدخول عكس الرجال الذين اضطروا إلى حمل بطاقة السماح بالدخول (badge). وهي وإن كانت ملاحظة شكلية، إلا أنها تحمل في طياتها أكثر من دلالة سياسية، أقلها أن المرأة بزيها الصحراوي الأصيل ليست في حاجة إلى شروط أو إجراءات شكلية، فـ"الملحفة" تعفيها من ذلك باعتبارها دلالة للاحترام والتقدير لشخصية كل امرأة بالصحراء.

الملاحظة الثالثة أن اختيار المرأة ضمن المشاركين بالوفد يشكل إضافة نوعية وذات قيمة بالنظر إلى مكانة المرأة بالصحراء، فحين تسأل كتب التاريخ والأدب والشعر الحساني ستعرف بأن المرأة في زمن البدو من حياة أهل الصحراء كانت صاحبة القرار نظرا إلى المهام التي كانت توكل إليها داخل المجتمع آنذاك، وبالنظر إلى المكانة الاجتماعية التي كانت تحتلها، والتقدير الذي يكنه أهل الصحراء للمرأة بصفة عامة، وستخلص إلى نتيجة مفادها أن المرأة هي صانعة القرار بالنظر إلى المؤهلات الشخصية والاجتماعية التي تحظى بها، والقبول والرضى من المجتمع بصفة عامة.

هذه الملاحظات عن مشاركة المرأة الصحراوية في مفاوضات جنيف، يمكن أن تشكل مادة دسمة للنقاش الأكاديمي والإعلامي من خلال استحضار دلالات ذلك على المستويين السياسي والرمزي، وتأثير ذلك على مسار المفاوضات بشكل عام.



خديجة أبلاضي