بدأ الوقت ينفد أمام الحكومة الفرنسية لاحتواء حراك السترات الصفراء الذي يواصل احتجاجاته ويحشد لاحتجاجات أوسع تبدأ السبت القادم، فيما يستعد الزارعون وأيضا الطلبة للخروج في مظاهرات من شأنه أن تفاقم متاعب الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون.

وقد أعلنت حركة السترات الصفراء في فرنسا الاثنين، أنها لن تشارك في المفاوضات مع حكومة بلادها غدا الثلاثاء لـ"دواع أمنية"، حسب إعلام محلي.

وقال موقع تلفزيون "بي إف إم تي في" الفرنسي، إن وفد حركة السترات الصفراء الذي تم استدعاؤه للمشاركة في الحوار مع الحكومة أعلن أنه لن يلتقي رئيس الوزراء إدوارد فيليب، غدا الثلاثاء لدواع أمنية.

وكان من المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء الفرنسي بقادة سياسيين لأحزاب ممثلة في البرلمان وممثلين عن الحركة التي تنظم مظاهرات في البلاد احتجاجا على أسعار الوقود وغلاء المعيشة.

وبحسب الموقع، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ألغى زيارته إلى صربيا نظرا للأوضاع في فرنسا.

ويعتزم المزارعون الفرنسيون من جهتهم تنظيم احتجاج الأسبوع المقبل، حسبما أعلنت رئيسة "الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين" كريستيان لامبير.

وقالت لامبير الاثنين "سنكون في الشوارع قريبا جدا لنقول قفوا عن ضرب المزارعين، ولجعل الحكومة تلتزم بوعودها بشأن قانون الغذاء"، دون أن تقدم المزيد من التفاصيل.

وفي وقت سابق اليوم الاثنين، ذكر بيان للرئاسة الفرنسية أن رئيس الوزراء سيستقبل الثلاثاء وفدا من "السترات الصفراء".

احتجاجات طلبة المعاهد تزيد من متاعب الحكومة الفرنسية
طلبة المعاهد يخرجون في مظاهرات ويحشدون لاحتجاجات أوسع

وأشار البيان إلى أن الرئيس الفرنسي وجه رئيس الوزراء بإجراء لقاءات مع زعماء أحزاب المعارضة التي اتهمت مؤخرا الحكومة بمحاولة "إلحاق الضرر بشرعية أصحاب السترات الصفراء" التي تقود الاحتجاجات في البلاد.

وكان ماكرون قد اعتبر المشاركين في احتجاجات باريس السبت الماضي، "مجموعة غوغاء لا علاقة لهم بالتعبير السلمي عن مطلب مشروع".

وتشهد فرنسا احتجاجات ينظمها أصحاب "السترات الصفراء" منذ 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ضد رفع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة تخللتها أعمال عنف، حيث استخدمت الشرطة القوة ضد المحتجين.

وقتل في المظاهرات المتواصلة منذ 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، شخصان وأصيب ألف و43 شخصا بجروح بينهم 222 من رجال الأمن وتوقيف 424 شخصا.

وتجد الحكومة الفرنسية نفسها في سباق مع الوقت لإيجاد مخرج لأزمة "السترات الصفراء"، هذا التحرك للفرنسيين العاديين احتجاجا على سياسة إيمانويل ماكرون الضريبية والاجتماعية، بعد أعمال العنف الخطيرة التي واكبت التحركات الاحتجاجية في قلب باريس.

واستقبل رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب الاثنين رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو وبعدها قادة الأحزاب السياسية الفرنسية الرئيسية، فيما كان مقررا أن يلتقي الثلاثاء ممثلي "السترات الصفراء".

والحكومة التي تواجه دعوات جديدة للتعبئة والتظاهر السبت المقبل وبدء تحرك احتجاجي طلابي، لم تنجح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في إقامة حوار مع "السترات الصفراء" لوقف هذا التحرك غير المنظم.

وامتنع ماكرون الذي عاد الأحد من الأرجنتين عن الإدلاء بأي تصريحات بعدما عاين الأضرار الجسيمة التي لحقت بنصب قوس النصر والمناطق المجاورة له في باريس جراء أعمال تخريب.

وأعنلت الرئاسة الفرنسية الاثنين أنها "تدرس" إمكانية تأجيل زيارة ماكرون لصربيا يومي الأربعاء والخميس بسبب الأزمة الحالية.

وعنونت صحيفة لو فيغارو "فرنسا تحت الصدمة تنتظر إجابات" فيما عرضت صحيفة ليبراسيون على صفحتها الأولى وجه ماكرون "يغمره" اللون الأصفر. وكتبت لوموند أن "على ماكرون نزع فتيل الأزمة".

وأعلن أوليفييه فور السكرتير الأول للحزب الاشتراكي بعد لقاء رئيس الوزراء "حتى الآن لم نتلق ردا".

وقال لوران فوكييه زعيم المعارضة اليمينية ("الجمهوريون") "لا يمكن للرئيس أن يبقى صامتا".

رئيس الحكومة الفرنسية ادوارد فليب يواجه أسبوعا حافلا بالمتاعب
رئيس الحكومة الفرنسية ادوارد فليب يواجه أسبوعا حافلا بالمتاعب

وخفض الضرائب من التدابير التي قد تتخذ لإرضاء المحتجين. والاثنين قال وزير الاقتصاد برونو لومير "يجب تسريع خفض الضرائب. ولتحقيق ذلك يجب تسريع خفض النفقات العامة. وإننا مستعدون لسلوك هذا النهج".

وحذر برونو كوتري الباحث في مركز الأبحاث السياسية في جامعة "سيانس بو" من "أنه كلما مر الوقت كلما كان الثمن السياسي باهظا".

وأضاف "لكن يمكننا أن نطرح تساؤلات حول قدرة الحكومة على استيعاب ما يحصل"، ملمحا إلى أنه سيكون من الصعب ردم الهوة التي تفصل بين الحكومة والمحتجين.

وتظاهرات "السترات الصفراء" التي انطلقت احتجاجا على زيادة الضرائب على الوقود، هي أخطر أزمة يواجهها ماكرون منذ تسلمه السلطة.

ويطالب معظم الأطراف بتأجيل دخول الزيادة في سعر البنزين والديزل حيز التنفيذ لما بعد الموعد المقرر في الأول من يناير/كانون الثاني.

وجعلت جاكلين مورو وهي من أبرز وجوه المتظاهرين من ذلك شرطا مسبقا للدخول في محادثات مع الحكومة.

وبين المطالب الأخرى التي يطرحها المتظاهرون معاودة فرض الضريبة على الثروة بشكل فوري، بعدما خفضها ماكرون بنسبة كبيرة.

الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون في وضع صعب
الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون في وضع صعب

وكان لقطع الطرقات آثار على الحدود مع إسبانيا حيث كانت الطوابير تمتد على كيلومترات وآلاف الشاحنات متوقفة بحسب السلطات في الجانب الإسباني.

ومشاهد السبت التي نشرت في كافة أنحاء العالم، لا تزال تحتل حيزا كبيرا الاثنين في الصحافة الدولية في حين يرتسم في الأفق يوم جديد من التحرك السبت المقبل.

والاثنين سيستمع النواب إلى وزير الداخلية كريستوف كاستانير ووزير الدولة لوران نوني لشرح طريقة تعامل الحكومة مع أعمال الشغب خاصة بعد تعرضها لانتقادات من قبل نقابات الشرطة.

وطلبت نقابات الشرطة الاثنين لقاء ماكرون لعرض "خطورة الوضع" عليه وليضع إستراتيجية لحفظ النظام العام تكون مناسبة في حال حصول تحرك جديد. وسيستقبلهم الثلاثاء وزير الداخلية.

في الأثناء تواصل "السترات الصفراء" تحركها خصوصا قطع الطرقات في الأرياف.

وخلال الأسبوعين الماضيين ارتفع عدد الضحايا إلى أربعة مع وفاة امرأة مسنة في مرسيليا بعد إصابتها بقنبلة مسيلة للدموع على هامش الحوادث.

ويستعد القضاء لمحاكمة موقوفي السبت بعد حوادث باريس. وسيحاكم 57 موقوفا على الأقل من أصل 378 الاثنين أمام محكمة باريس الجنائية.

ويواجه الموقوفون تهم ارتكاب "أعمال عنف ضد أشخاص يتولون السلطة العامة وأعمال تخريب ضد أملاك ذات منفعة عامة والتجمع بغية ارتكاب أعمال عنف وحمل سلاح"، وهي جرائم يعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات، بحسب ما أوضح المدعي العام.