"غزة اسقطت ليبرمان" ذلك عنوان لنصر سيُضاف إلى قائمة الانتصارات الوهمية التي انجزتها جبهة المقاومة على اسرائيل.

غزة المنكوبة بحركة حماس الاخوانية التي كانت عبر عشر سنوات عنوانا للانتهازية السياسية أجبرت وزيرا في حكومة نتنياهو على الاستقالة.

غزة التي تحولت بسبب حماس إلى كارثة إنسانية انتصرت حين اربك وقف الهجوم عليها الحكومة الإسرائيلية ودفع أحد صقورها إلى الانسحاب منها بل والتنديد بها.

ذلك ما يقوله اعلام المقاومة الذي لا يزال مقنعا بالنسبة لبسطاء الناس الذي يشكلون نسبة كبيرة في العالم العربي.

لقد انتصرنا على إسرائيل حين رفض وزير إسرائيلي الاستمرار في وظيفته لأن حكومته قررت عدم شن حرب جديدة على غزة.

وهكذا لا يُقاس انتصارنا على ما يتحقق على ضفتنا بل على ما يحدث على ضفة العدو. وبذلك فإن كل شيء في حياتنا سيظل على حاله بالرغم من انتصارنا.

ما تغير أن حكومة العدو ستستبدل وزيرا بوزير. ذلك هو النصر المبين.

ما معنى ذلك النصر ومن أية زاوية يمكن النظر إليه باعتباره نصرا؟

لو صدقنا اعلام المقاومة فإن أهلنا في غزة قد انتصروا وهو خبر سار يسعدنا. ولأنهم انتصروا فهم سادة الموقف الذين يمكنهم من خلاله أن يملوا شروطهم على الآخرين وفي مقدمتهم اسرائيل.

ولكن الواقع للأسف يقول غير ذلك.

فأهلنا في غزة ليسوا في وضع يؤهلهم للكلام بصوت عال. ذلك لأن وضعهم مأساوي. المنتصرون المزعومون وضعوهم في المزاد الدولي من أجل ابتزاز العالم. غزة التي تنتصر في كل مرة يستقيل فيها وزير إسرائيلي هي كارثة إنسانية على مختلف المستويات.

أولئك المنتصرون انتظروا أن توافق إسرائيل على أن يمر المال القطري من أجل أن يستلم الموظفون رواتبهم. تلك هي الحقيقة اما مسيرات العودة فهي الوهم الذي تسعى حماس أن تسوقه محليا.

في الماضي كانت كذبة رفع المعنويات تمر على الشعب الفلسطيني ولكن مرور وقت طويل هو زمن الانتصارات الوهمية لابد أن يكشف عن المعنويات المنهارة التي صارت تُعلق بخيط انتظار لا وجود له أصلا.

ما ينتظره فلسطينيو غزة في ظل هيمنة حركة حماس أن تعفو إسرائيل عنهم. أن تعاملهم بالحسنى. أن تسمح لهم بالحصول على المساعدات العربية والدولية. أن تعالج مرضاهم.

وكلها من بشائر الانتصار.

سؤال يمكن أن يتبادر إلى ذهن أي عاقل "ترى ما الذي يمكن أن تربحه غزة الجائعة والمحرومة والمعزولة من استقالة وزير إسرائيلي؟"

سيُقال إنها نجت من حرب مدمرة أخرى.

"ولكن هل كانت تلك الحرب ضرورية؟"

لو لم تقع تلك الحرب فإن محور المقاومة لا يملك سندا واقعيا لوجوده. فذلك النوع من الحروب تم اختراعه في هذه المنطقة من أجل أن يكون هناك مسوغ لوجود حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة.

لقد انقطعت صلة شعب غزة بالعالم الخارجي منذ أن استولت حركة حماس على الحكم وصار كل شيء تحت هيمنتها. فصار ضروريا أن تقع حرب بين حرب وآخر لتجد حماس مبررا لاستمرارها في الهيمنة على سلطة لا أحد يعترف بها. فلا شيء يمت الى الحقيقة بصلة في ما يحدث في غزة.

فما هي غزة؟

هل هي دولة أم إقليم أم مقاطعة؟ كيف يتم التعامل معها من غير تعريفها؟

غزة التي أسقطت ليبرمان حسب عبارة اعلام المقاومة تعيش على المساعدات وهي حقيقة يمكنها أن تفصح عن أن ذلك الكيان السياسي الهزيل الذي استولى على غزة لن يتمكن من اسقاط ذبابة.

وبصراحة يمكنني القول إن الإيرانيين يضحكون علينا من خلال ما يسمى بمحور المقاومة. فغزة التي انتصرت عليها حركة حماس لن تقوى على هزيمة أحد. غزة في حاجة إلى من ينقذها. ليذهب ليبرمان إلى الجحيم غير أن غزة التي انتصرت عليه من وجهة نظر المقاومة هي الجحيم بعينه.