لغة جديدة وردود فعل إيجابية وجميلة بزغت في مواقع التواصل الاجتماعي الجزائرية والعربية و كذلك مقالات وتصريحات مشجعة ومثنية أطلت علينا من وسائل الاعلام الدولية تجاه المغرب بعد الخطاب الملكي الأخير لذكرى المسيرة الخضراء الذي دعا فيه العاهل المغربي إلى لحم وبناء المغرب العربي الكبير ووضع حد لنزاع الصحراء المغربية الذي استنزف كلا من المغرب والجزائر و عطل كثيرا انطلاق قطار الوحدة المغاربي ... ترحيب وإشادة بشجاعة وجرأة المغرب.. وترقب كبير لموقف المسؤولين الجزائريين. 

المؤكد إذن امام هذا الابتهاج الجماهيري بمضامين الخطاب أنه لا يمكن بتاتا أن نستمر كبلدان إخوة على هذا المنوال إلا اذا كنا نريد الاصطدام بالحائط أو كنا عاجزين على تجاوز مناكفاتنا و تخطي حواجزنا النفسية، أو كنا لاعقلانيين حتى النخاع لا نفهم منطق التاريخ، فقد اضعنا على أنفسنا ما يكفي من التنمية والتقدم وربما من الرخاء الاجتماعي، وما يكفي من الفرص الاقتصادية التي كانت ستعود بالنفع الكبير على الشعبيين.

والاستمرار في اقفال الحدود هو في الحقيقة عدم معرفة وعدم تقدير صارخ للتحديات الاستراتيجية والمصيرية التي تواجهها منطقتنا المغاربية والعربية ،بل وجريمة ترتكبها القيادات المتعنتة فينا عن سبق إصرار في حق الأجيال المغاربية القادمة.

حين طالب جلالة الملك بإحداث آلية مشتركة بين البلدين سيكون من مهامها أولا إحصاء الخسائر المحققة من هذا التنافر والتباعد غير الطبيعي بين البلدين، ثم تصور الممكن بينهما من التعاون والتنسيق، فإنه يكون قد القى حجرة في بركة ماء العلاقات الراكدة بين البلدين منذ زمن طويل ستؤتي نتائجها طال الزمن اوقصر ، والمهم من هذا انه دعا إلى طرق تتجاوز التقليدي في الممارسة السياسية الديبلوماسية لحلحلة الوضع المأزوم بين الرباط والجزائر. انه العلاج بالصدمة يلجأ إليه الملك في وقت دقيق نحتاج فيه لكل إمكانياتنا وطاقاتنا لتجاوز الاحتقانات الداخلية والاستجابة للمطالب الملحة للشباب والنساء والمواطنين بصفة عامة في مجالات السلم والبناء لا مجالات الحرب والتسلح وإعادة الوشائج القديمة .أي.علاج الحاضر بترياق التاريخ والمستقبل .

لم يعد مسموحا امام الوعي المتزايد لمواطني البلدين الاستمرار

في تجاهل أماني الشعوب وإجهاض الأحلام و هدر المستقبل بصراع تافه تجاوزه الزمن.فاي حدود هذه التي نستمسك في زمن العولمة الطاغية التي تنزع وتحطم كل الحدود جغرافية كانت او ثقافية أو اقتصادية أو حضارية.

إنه صراع غير ذي موضوع هذا الذي يستمر حول صحرائنا تغذيه الكبرياء الخادعة وأوهام الزعامة والحسابات المحدودة الأفق فقط .فعندما تذوب الحدود، وتبنى النخب المحلية وتطبق الديموقراطية، وتنشأ المشاريع الاقتصادية العملاقة المشتركة، ونشعر اننا في فضاء مفتوح لا مغرب ولاجزائر فيه بل مغرب كبير ، ستضمحل التوترات، وتذوب التناقضات وينهض البلدان معا ويبعث المغرب العربي من موته السريري.

يقدم الملك محمد السادس هذه المرة وكعادته وصفة جديدة للتقارب ثم للانصهار فيها نبرة تحدي للوضع المازوم تتجلي في الانطلاق من البوابة الاقتصادية للولوج إلى خط الوصول السياسي.وفي الانضباط للمشاعر الجياشة للشعوب التي تبصر خيرها بلقبها. على الاقتصادي والشعوري من الآن أن لا ينتظر السياسي في نظر محمد السادس الذي لايقدم حلا سياسيا فقط بل حلا نهضويا تنمويا لكلا البلدين . فالشعوب قلقة ومتوجسة من المستقبل المحفوف بالمخاطر من كل نوع. وما يجري على أرض غيرها من فتن أو ثورات، ولا داعي للوقوف كثيرا عند التوصيف، يوترها و يدق لديها ناقوس الخطر لإنجاز الإصلاحات الضرورية قبل فوات الأوان .وفي حالتنا كدول مغاربية يكون الإصلاح المثالي والانجع هو ذاك الإصلاح الذي ينجز في إبانه من القمة وينزل إلى القاعدة والى المعترك الشعبي.إنه الإصلاح المأمون يبقى فقط ان تدرك ذلك كل القيادات.

محمد السادس بيده الممدودة واقتراحه الوجيه للجزائريين سواء كان ذلك نابعا عن رؤية ثاقبة أو عاطفة جياشة بالمشاعر الوحدوية أو بصيرة نافذة ،يدعو حكام الجزائر إلى تجريب الحل الوحدوي للتمكن من تذليل الصعوبات الداخلية .انه كمن يجهض الأزمات القادمة إلى منطقتنا المغاربية ويشير بالأصبع إلى ثورة ممكنة منتجة فاعلة ، هي ثورة كسر الحدود فكلما كبرت الرقعة كلما كبرت الآمال وتطاولت الانجازات .

أن جزءا كبيرامن أزمات تونس ونكبات ليبيا ومصاعب موريتانيا واحتقانات الجزائر وقلق المغاربة ناجم عن هذا اللاتفاهم المزمن بين الرباط وقصر المرادية .

ثورتنا نحن المغاربيون كما قال العاهل المغربي يجب أن تتجلى اولا في التئام بلداننا.... في تحقيق مغربنا العربي الكبير

 

هذه مهمة الحكومات في البلدان الخمسة ومهمة النخب التي ينبغي أن تعقلن سلوكات الجماهير وترتب لها الأولويات وتعلن أن لا مشروع يسبق مشروع الوحدة ولا تنمية ممكنة مع بقاء الحدود.لامغرب بدون جزائر ولا جزائر بدون مغرب ولا مغرب عربي مع بقائهما متصادمين.