إذا كانت المسيرة الخضراء من المنجزات التي قامت بها وحققته شريحة من المجتمع المغربي وعلى رأسهم الفقراء الذين كان عددهم تلاثمائة وخمسين ألف متطوع فهل تم إنصافهم والإحتفاء بهم وتكريمهم؟!، بل والبحث والسؤال عنهم أين هم وكيف يعيشون ؟ وما أحوال أبناءهم وأحفادهم ؟ كما يسأل عن غيرهم ممن يزعم أوقدم شيئا أو ساهم في تقديم شيء للبلد.!!

 

إن يوم 6 نونبرهو يوم تخليد ذكرى المسيرة الخضراء، هو يوم يعتز به كل المغاربة حتى أصبح يوما مشهورا في العالم على شاكلة المسيرات الكونية ومنجزات الأمم هنا وهناك. ولا يوجد مغربي صغيرا كان أو كبيرا لا يعتز بهذا الإنجاز ولا يفوت أحد فرصة الإحتفال بهذه المناسبة المجيدة؛ فترى المغاربة يترقبون ذكراها وخطابات جلالة الملك لشعبه كل سنة والقنوات الإعلامية تبث لحظات تخطي الحدود الوهمية في الصحراء من طرف المتطوعون الذي لم يتأخروا ولولحظة واحدة في تلبية نداء ملكهم .ولم تكن مشاركتهم على وجه الإستجمام والترفيه أوالسفر من باب الكماليات وفي أعلى المستويات الخدماتية بل كانوا شجعانا إمتطوا طرقا معبدة طويلة في اللصحراء القاحلة والفيافي على متن شاحنات عارية وهم واقفون تحت الشمس الحارة وبين أياديهم جرعات ماء وقشرات خبزلا تسد إل رمقهم اليومي بشكل تقشفي، لا زيادة فيه وهم أمام فواهات أسلحة العدو المستعمر الذي كان بين قوسين أو أدنى من إطلاق نيرانه اتجاه المتطوعين المغاربة من الطبقة الفقيرة لولا حفظ ورعاية الله لهم ..وكانوا قد تركوا أسرهم وعائلاتهم وأهلهم في يد الله لا معيل لهم ولاتعويض إلا الله دون أن تخصص لهم مساعدات ولا عويل ولو حعلى الأقل ما يغني أسرهم و أزواجهم وذويهم عن الطلب ..

 

غير أن الأمر الغير المعقول هو أن تمر تلاثة وأربعون سنة على هذه المسيرة الخضراء المضفرة ولم يتم التفكير من طرف الدولة بهؤلاء المتطوعيين الذين يوجد أغلبهم في أحوال صعبة قد تكون مزرية؛ من شدة الفقر وغياب ضروريات العيش من عمل ومسكن وتفشي المشاكل الصحية بينهم وغير ذلك، بالرغم من كونهم يترقبون كل مرة وفي كل خطاب بهذه المناسبة إلتفاتة إليهم وعناية بهم واحتفاء وتكريما لهم عوض الإقتصار على ذكر عددهم وما قاموا به وفقط، وتكريم أشخاصا على رؤوس الأصابع دون كلهم ممن هم معروفين وميسورين أصلا أو ممن برز في ميادين غير موضوع المناسبة والذكرى ...

 

 

هكذا لا يمكن إعطاء مناسبة المسيرة الخضراء مكانتها الكاملة العادلة إلا بإعطاء من قام بها وحققها بعضا مما يستحقون ويصبون إليه كعربون اعتراف لهم وبشكل جماعي لا أن يتم الإقتصار على شخصيات معروفة في مراكز المدن الكبرى أو الذين هم أصلا في المناصب الوظيفية سيرا على منوال من يوشحون ويكرمون ويمنحون الرعاية في مناسبات مختلفة ومحطات وطنية متعددة. ليبقى السؤال؛ ألا يستحق من ضحى بنفسه تاركا أسرته وأهله لله فاتحا صدره في الصحراء أمام المستعمر الغاشم وأسلحته الفتاكة لا لشيء إلا تلبية لنداء ملكه ووطنه ودينه ألا يستحق أن يسأل عنه ؟!! ألا يستحق كل المتطوعون الإحتفاء والتكريم اللائقين لأنهم استرجعوا الصحراء ورفعوا فيها راية بلدهم ونصروا ملكهم ومثلوا كل المغاربة في شجاعتهم ووطنيتهم أمام العالم أحسن تمثيل؟!!

 

مولاي علي الإدريسي