محاولات حثيثة تدشنها الدبلوماسية المغربية من أجل تجاوز العثرات، التي تشوب علاقتها بجنوب إفريقيا، على مستوى العديد من القضايا الاستراتيجية، تتقدمها قضية الصحراء، حيث عمل رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، الجمعة، رفقة رئيسة برلمان جنوب إفريقيا بلانكا ماباتي، على تبادل وجهات النظر في مجموعة من القضايا، استجابة للدعوة التي قدمها الرجل الثالث في هرم الدولة إلى ممثلة بلاد نيلسون مانديلا.

وخلال هذا اللقاء أكد المالكي على "موقف المملكة المغربية من قضية الصحراء". وأوضح أن المغرب تقدم بمقترح الحكم الذاتي من أجل إيجاد تسوية نهائية لهذا النزاع، مؤكدا أن المغرب "متشبث بالشرعية الدولية، وبقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة"، وأن "من ثوابت الديبلوماسية المغربية الحرص على ترسيخ السلم والاستقرار في مختلف بقاع العالم".

من جهتها، قدمت بلانكا ماباتي تهانئها للمغرب بخصوص عودته إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي، وثمنت الدور الذي قام به في دعم نضال شعب جنوب إفريقيا ضد سياسة الميز العنصري، مضيفة أن المملكة كانت من بين أوائل الدول التي ساهمت بالمال والسلاح في تحرر جنوب إفريقيا. وأعربت عن امتنانها لكل ما قدمه الشعب المغربي في هذا الإطار.

وفي هذا السياق، أوضح هشام معتضد، وهو باحث متخصص في الدراسات الدولية والأمنية، أن "اللقاء يندرج في إطار الدبلوماسية البرلمانية، التي يسعى المغرب إلى أن تلعب دورا مهما، يرافق السياسة الخارجية للمغرب في شقها الإفريقي، مشيرا إلى أنه "بفضل الحرص على بناء دبلوماسية براغماتية قوية ومنفتحة على جميع المكونات الإقليمية والدولية، سيتمكن المغرب من تقوية الروابط المؤطرة لسياسته الخارجية، وتصحيح مفاهيم ومغالطات تمس المصالح العليا للبلد، خاصة تلك المرتبطة بملف الصحراء".

وأضاف الباحث المغربي المقيم بمونتريال بكندا أن "الاستقبال الذي حظيت به رئيسة البرلمان الجنوب إفريقي يترجم الرغبة السياسية القوية للمغرب في توطيد علاقات التعاون مع هذا البلد، رغم المواقف السياسية، وبعض المناورات القانونية، التي نهجها النظام الجنوب إفريقي على المستوى الدولي ضد بعض المصالح الاستراتيجية للمغرب".

وأوضح الأستاذ الجامعي بجامعة شيربوك الكندية أن "هذا الاستقبال له دلالات دبلوماسية أكثر منها سياسية، إذ إن المغرب بانفتاحه على مختلف الهيئات السياسية لبلدان يختلف معها على مستوى بعض المواقف السياسية، سيتمكنُ من خلق قنوات وأرضية للنقاش من أجل تقريب وجهات النظر لإيجاد حلول واقعية لملفات يراهن عليها البلدان للمساهمة في النهوض الاقتصادي بالقارة الإفريقية".

وأضاف معتضد، أن "المغرب غيّر من نهجه في تدبير ملف الصحراء على مستوى السياسة الخارجية، بفصل ما هو دبلوماسي عما هو سياسي في تدبيره للملف، مسجلا بخصوص عودة العلاقات بين البلدين على مستوى التحالف الاستراتيجي والسياسي، أن ذلك "رهين بما ستسفر عنه نتائج اللقاءات الدبلوماسية الرسمية والموازية فيما يتعلق بتقريب وجهات النظر على مستوى القضايا السياسية والتوجهات المشتركة على المستوى القاري".

وختم معتضد تصريحه قائلا: "إذا كان تاريخ التعاون الدبلوماسي للبلدين حافلا بالإنجازات السياسية ذات البعد الإنساني، فإن التقلبات السياسية، التي ميزت المشهد السياسي الداخلي لجنوب إفريقيا في السنوات الأخيرة، كان لها تأثير مباشر على السياسة الخارجية لهذا البلد فيما يتعلق بالمواقف السياسية المتذبذبة، والرهانات الاستراتيجية المتحولة، التي يتم الاعتماد عليها واختيارها كبوصلة لسياسته الخارجية".