من المتوقع أن يتم استئناف الحوار الاجتماعي في دورة شتنبر 2018، والحكومة ملزمة بإيجاد الحلول لكون الظرفية الراهنة تلزمها من موقعها كمدبرة للشأن العام ليس فقط بأن تتعامل بشكل إيجابي، بل بأن تجتهد لإنجاح هذه الجولة للخروج من حالة الجمود الذي استمر إلى ما يقارب سبعَ سنوات، منذ بداية سنة 2012، بسبب عدم تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011 والتشكيك في ما تضمنه، وما نتج عن ذلك من أوضاع سلبية أدت إلى خلق أجواء التوتر وانعدام الثقة بين الفرقاء الاجتماعيين؛ ما كانت له انعكاسات سلبية على كافة المستويات وتكلفة مالية أكبر مما لو كان قد تم تنفيذ مضامين الاتفاق، علما بأن الحوار الاجتماعي ظل خلال جميع المراحل السابقة ليس فقط وسيلة أساسية لإيجاد الحلول لقضايا الطبقة العاملة، بل تكون أيضا له انعكاسات تمتد إلى مختلف الفئات المتضررة من السياسات اللاشعبية، وبذلك تنوب الطبقة العاملة والحركة النقابية عن هذه الفئات عن قصد أو غير قصد، لأن مصالحها لا تتناقض مع القضايا الأساسية للشعب المغربي ويكون لها تأثير على الاقتصاد الوطني وعلى المناخ العام.

من هنا، يجب على الحكومة أن تستثمر التراكمات الإيجابية المتوفرة في مجال التعاقد الاجتماعي التي حققها الفرقاء الاجتماعيون، والتي مكنت من إبرام أربعة اتفاقات سابقة، وأن تتجه نحو إزالة حالة التوتر والتأزم، والانتقال إلى مرحلة أخرى تنعدم فيها هذه الأجواء وتؤدي إلى انطلاقة جديدة نحو مستقبل أفضل.

وحسب تصريحاتها الأخيرة بأنها ستقوم بتحسين عرضها حول الزيادة في الأجور، فإن غير كاف لأن المطلوب أن يتم التعامل مع جميع القضايا المطروحة على نفس المستوى وفق منطق استراتيجي وغير ظرفي، وهو ما يتناقض مع طبيعة المرحلة ودقتها.

كما أن أرباب العمل عليهم أن يتعاملوا مع هذه الوضعية انطلاقا من موقع المسؤولية الاجتماعية للمقاولة مع العلم بأن الطبقة العاملة ولما تتحلى به من روح وطنية ظلت وباستمرار تتعامل بمسؤولية وفق منظور شمولي يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الجميع ووضعية الاقتصاد الوطني، يتبين ذلك من طبيعة القضايا المطروحة التي ظلت قائمة منذ بداية سنة 2012 إلى الآن وتتمثل في:

- تنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011.

- احترام حق المفاوضة الجماعية.

- حماية الحق النقابي.

-احترام تشريع الشغل.

- ملاءمة الأجور والأسعار.

- تعميم وتقوية الحماية الاجتماعية.

- التشغيل.

كل هذه القضايا تعرف اختلالات كبيرة ومهولة، وبالتالي يجب العمل على إيجاد الحلول لها وفق منظور شمولي يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ويتجه نحو المستقبل، وانطلاقا من كل ذلك يتم إبرام اتفاق ثلاثي خامس.

وتبعا لما جاء به التصريح المشترك لفاتح غشت 1996، الذي نص على تشكيل لجنة ثلاثية دائمة لمتابعة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، يمكن أن يضاف إلى هذه اللجنة لجان موضوعاتية حسب طبيعة القضايا المطروحة، تجتمع بكيفية دورية وفق أزمنة متقاربة لمتابعة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه وللوقوف على التجاوزات والاختلالات التي يمكن أن تحدث مع الأجهزة الإدارية المسؤولة حسب كل مجال من المجالات.

ويمكن أن يتم الاتفاق على تكوين لجنة ثلاثية تعمل على تهييئ مشروع ميثاق اجتماعي على أن يتم ذلك بإشراك هيئات الحكامة (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي – المجلس الوطني لحقوق الإنسان)، وأن تتواصل الجهود من أجل بلورته والتوقيع عليه.


 

عبد الرحيم الرماح