قال محمد أوجار، وزير العدل، إن الإجراءات التي اتخذتها اللجنة المكلفة بتتبع موضوع "الاستيلاء على عقارات الغير" مكّنت من محاصرة هذه الظاهرة والحيلولة دون تفشّيها واستفحالها. وأضاف الوزير في لقاء بوزارة العدل، اليوم الاثنين بالعاصمة الرباط، أن الدليل على محاصرة هذه الظاهرة هو "عدم تسجيل حالات جديدة منذ بدء تنزيل قرارات وتوصيات هذه اللجنة".

ومن بين أسباب تفشي ظاهرة الاستيلاء على الغير حسب استنتاجات اللجنة؛ "اعتماد الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية العقارية، وبعض أوجه القصور التشريعي في صلاحية السلطات القضائية المختصة لمنع التصرف في العقارات محل الاعتداء إلى أن يتمّ البتُّ في القضية، إضافة إلى وجود اختلاف في العقوبات الزجرية بخصوص جرائم التزوير التي يرتكبها محررو العقود، فضلا عن وجود قصور تشريعي واضح في تنظيم عقد الوكالة والتنظيم القانوني للشركات المدنية، ولا سيما تلك التي يكون محلّها عقارات"، بتعبير وزير العدل.

وأوضح أوجار في كلمته أن اللجنة، بعد تشخيصها للظّاهرةَ، اقترحت مجموعة من التدابير والإجراءات التشريعية والتنظيمية والعملية التي تهدف إلى التصدي للممارسات التي تمس بالملكية العقارية؛ مثل إضافة الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي أو من طرف محام مؤهل للقيام بذلك بواسطة محرر ثابت التاريخ، والمشروع الذي صادق عليه المجلس الحكومي في شهر يونيو الماضي القاضي بتوحيد عقوبة جرائم التزوير بين جميع المهنيين المختصين بتحرير العقود، من موثقين وعدول ومحامين، وإعداد مشروع قانون يمنح النيابة العامة وقاضي التحقيق والمحكمة صلاحية اتخاذ قرار عقل العقار موضوع الاستيلاء خلال مرحلة البحث التمهيدي أو التحقيق الإعدادي أو عرض القضية على أنظار المحكمة في إطار الدعوى العمومية الجارية.

ومن بين الإجراءات التي اتخذتها اللجنة المكلفة بتتبع موضوع الاستيلاء على عقارات الغير؛ سد الفراغ التشريعي بتنظيم عقد الوكالة والتنظيم القانوني للشركات المدنية، ولا سيما تلك التي يكون محلها عقارات، بإعداد مشروع القانون 31.18 الذي تهدف مستجداته إلى تنظيم عملية تسجيل عقد الوكالة المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق الأخرى أو نقلها أو إسقاطها، وإعادة تنظيم الشركات المدنية التي يكون محلّها أموالا عقارية، كما قامت اللجنة بعملية جرد العقارات المهملة بتنسيق مع وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، تم على إثرها حصرُ عدد العقارات المهملة في 8299 عقارا بمختلف عمالات وأقاليم المملكة.

العقارات المهملة أصبحت، بحسب وزير العدل، محمية عن طريق وضع تنبيه خاص يتضمن عبارة "عقار مهمل" بملف الرسم العقاري المهني، وبقاعدة المعطيات العقارية المعلوماتية لدى المحافظة العقارية، مع حث المحافظين على الأملاك العقارية بالاحتراز الشديد في دراسة المعاملات والبت في الطلبات التي ترد عليهم بخصوص العقارات المهملة.

وجاء في كلمة وزير العدل، بمناسبة اجتماع اللجنة المكلّفة بتتبع موضوع الاستيلاء على عقارات الغير، أن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية أطلقت خدمة "محافظتي" التي تمكن المالكين المنخرطين فيها من تتبع وضعية عقاراتهم إلكترونيا، عن طريق تلقيهم إشعارات عبر رسائل نصية على هواتفهم المحمولة وبريدهم الإلكتروني كلما تمّ إدراج أي تقييد جديد بالرسوم العقارية التي يملكونها.

ومن بين الخدمات الإلكترونية التي أطلقتها الوكالة؛ "خدمة الإشهار العقاري الرقمي" التي تمكّن المرتفقين من الاطلاع مجانا على الإعلانات المنشورة بالجريدة الرسمية المتعلقة بمطالب التحفيظ، أو الرسوم العقارية طالما كانت ماتزال في طور النشر بالجريدة الرسمية، إضافة إلى خدمة "طلب وتسليم الشهادات والوثائق بطريقة إلكترونية" التي تمكن المرتفقين من تقديم طلباتهم والحصول على الشهادات والوثائق العقارية إلكترونيا.

ومن أجل التأكد من صحة الوثائق والعقود المبرمة بالخارج، ذكَر أوجار أنه تمّت مراسلة السلطات الأجنبية المختصة طبقا للاتفاقيات الدولية المعتمدة، وزاد أن الوزارة تسلمت 197 وثيقة من طرف الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، تم إتمام المطلوب من 173 وثيقة من بينها.

وذكّر وزير العدل بالدور الذي ستساهم به مشاريع القوانين المعروضة على أنظار البرلمان بعد المصادقة عليها في تحصين الملكية العقارية بالمملكة عن طريق سد الثغرات التي كان يستغلها المُستَوْلُون على العقارات، داعيا إلى ضرورة استمرار التعبئة الشاملة من أجل مواصلة استكمال تنزيل كافة التوصيات والقرارات، وإيجاد صيغ تراعي مبدأ استقلال القضاء وتكفل التطبيق السليم للقانون في تصفية قضايا الاستيلاء على عقارات الغير المعروضة على المحاكم، وتسريع وتيرة البت فيها.