نجحت الضغوطات التي قادها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في إقحام قضية الصحراء في جدول الأعمال الخاص بالقضايا التي سيناقشها مجلس الأمن الدولي لشهر شتنبر الجاري، مستغلاً اضطلاع بلاده بالرئاسة الدورية الشهرية لمجلس الأمن خلفا لبريطانيا.

وكشفت الرئاسة الأمريكية لمجلس الأمن الدولي أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، سيقدم يوم 28 شتنبر المقبل تقريراً حول نزاع الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو أمام أعضاء مجلس الأمن لمناقشته؛ وذلك قبل التمديد لمهمة بعثة "المينورسو"، والتي تنتهي صلاحيتها في 31 أكتوبر المقبل.

مصادر مقربة من جبهة البوليساريو الانفصالية اعتبرت أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمدت في آخر لحظة تقديم تقرير الأمين العام للأمم المتحدة خلال فترة ترؤسها الدورية لمجلس الأمن من أجل إعطاء نفس جديد لنزاع الصحراء، خصوصا مع عزم هورست كولر، المبعوث الأممي، على توجيه دعوات رسمية جديدة إلى جميع أطراف النزاع في غضون الأسابيع المقبلة.

ويرتقب أن يتطرق تقرير غوتيريس إلى نتائج افتحاص فريقه الأممي لبعثة "المينورسو" بالعيون، في إطار الافتحاص الشامل الذي شمل 16 بعثة أممية في العالم؛ وذلك من أجل تقييم عمل هذه البعثة المسؤولة عن مراقبة وقف إطلاق النار بالصحراء والوقوف على الإمكانات السياسية والعسكرية والمادية المتوفر لها.

خلاصات غوتيريس حول مهمة البعثة الأممية ستكون من بين المحددات الرئيسية في القرار المرتقب أن يتخذه مجلس الأمن حول عهدة "المينورسو" نهاية شهر أكتوبر المقبل.

وتتخوف الرباط من التحركات التي يقوم بها مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد، المعروف بمواقفه المناصرة لحق تقرير المصير، في ظل التقارير الدولية التي تشير إلى الضغوطات التي يقوم بها من أجل قيام بعثة "المينورسو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير وتوسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.

ويرى الدكتور المصطفى الرزرازي، أستاذ إدارة الأزمات والدراسات الاستراتيجية، أنه من المتوقع جدا أن يتناول تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، المبني على إفادات مبعوثه الشخصي كوهلر هورست وممثله الخاص ورئيس بعثة المينورسو كولين ستيوارت، نتائج الزيارات التي قام بها الوسيط الأممي للمنطقة، مشيرا إلى أن المناقشات المقبلة ستتركز حول مقترح كوهلر الداعي إلى استئناف المفاوضات، بالرغم من عدم توافر الشروط السياسية والمناخ السياسي الإقليمي العام.

وأضاف الرزرازي أن دول الجوار أصبحت اليوم معنية بالانخراط الفعلي في المفاوضات أكثر من أي وقت مضى، مؤكدا "أن موريتانيا والجزائر وكذا قيادة الجبهة الانفصالية لها مواعيد انتخابية عام 2019، لإعادة انتخاب قياداتها؛ وهو ما قد يثير تخوفات من تغير الأداء السياسي لكل الأطراف المعنية بالتفاوض"، لافتا إلى أن مناقشات الأطراف داخل مجلس الأمن قد تشمل الاستفزازات التي تقوم بها عناصر الجبهة الانفصالية بالمنطقة ومحاولاتها الفاشلة في تغيير الواقع، خاصة بالمنطقة العازلة.

وسجل الرزرازي، الباحث الأول بمركز "أوسي بي" للدراسات، أنه بالتزامن مع ترؤس الولايات المتحدة لدورة مجلس الأمن شهر شتنبر الجاري قد يكون موضوع المينورسو موضوعا ذا حساسية شديدة، سواء في الشق المتعلق بتمويل البعثة أو في أداء مهامها؛ وهي المناقشات التي ستحدد مصير البعثة وتجديدها، مشددا على ضرورة العودة إلى المدة الزمنية الأولى، معتبرا تغيير تمديد مدة ولاية المينورسو من سنة إلى ستة أشهر سيؤثر لا محالة من الناحية السيكولوجية على عمل وأداء البعثة الأممية.

وكان هورست كولر أعلن، في جلسة سابقة أمام مجلس الأمن، عزمه تقديم دعوات رسمية من أجل بدء المفاوضات إلى كل من المغرب وجبهة البوليساريو باعتبارهما طرفين مباشرين، وإلى الجزائر وموريتانيا كدولتين لهما عضوية مراقب في الملف، في شهر شتنبر المقبل، مع بدء المفاوضات في حالة الموافقة في أكتوبر.

وجدد الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب، تأكيده أن المغرب يواصل، بكل ثقة والتزام، انخراطه في الدينامية التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، بالتعاون مع مبعوثه الشخصي، بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة.

وأوضح العاهل المغربي: "هذا الالتزام يقوم على أساس نفس المرجعيات التي حددناها في خطاب المسيرة الخضراء الأخير"، مسجلا جلالته "بارتياح الانسجام المتزايد بين هذه المبادئ والمواقف الدولية".

وأضاف الملك محمد السادس أن "القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، ولقمة الاتحاد الإفريقي، تؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في رعاية المسار السياسي".