اقتحم مئات المتظاهرين الجمعة مقر القنصلية الإيرانية في محافظة البصرة الجنوبية التي تشهد احتجاجات منذ أربعة أيام على خلفية مطالب اجتماعية وخدمية أسفرت عن سقوط تسعة قتلى.

وكان هذا أحدث تصعيد في وتيرة العنف المرافق للاحتجاجات الشعبية المتواصلة في محافظات وسط وجنوبي البلاد، منذ يوليو/تموز والتي تطالب بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد.

وتجمهر آلاف المتظاهرين أمام القنصلية الإيرانية، فيما اقتحم مئات منهم المقر وأضرموا النار فيه. وشوهدت سحب دخان كثيف تتصاعد من المبنى.

وسبق أن أضرم متظاهرون النيران في عدد من المباني الحكومية ومقار حزبية مساء الخميس، في حركة احتجاجية تعكس غضبا شعبيا متناميا على الأحزاب السياسية وعلى الحكومة الاتحادية.

وذكرت مصادر محلية أن مسكن المحافظ ومقار أحزاب سياسية وجماعات مسلحة اشتعلت فيها النيران. كما قال مصدر في شركة لوك أويل ومصدر في شرطة النفط في مدينة البصرة العراقية إن محتجين دخلوا منشأة لمعالجة المياه تابعة لحقل غرب القرنة2 النفطي الذي تديره شركة لوك أويل واحتجزوا موظفين عراقيين اثنين اليوم الجمعة قبل أن يغادروا الحقل بهدوء.

ويقع غرب القرنة2 على بعد 65 كيلومترا شمال غربي البصرة التي تشهد احتجاجات منذ عدة أيام.

وقال المصدر في لوك أويل إن الحقل ينتج ما بين 390 ألفا و400 ألف برميل يوميا وإن تعطل العمل لثلاثة أيام سيكون كافيا لإغلاق الحقل بالكامل. وتقدم محطة المعالجة إمدادات المياه اللازمة للضخ في آبار الحقل.

وفي مطلع يوليو/تموز عندما انطلقت حركة الاحتجاج ضد الفساد في البصرة، هاجم المتظاهرون مقار الأحزاب الشيعية في المحافظة ونددوا بهيمنة إيران وتدخلها في الشأن العراقي.

وتتفاقم الأزمة الاجتماعية في البصرة والتي انطلقت على خلفية الاحتجاج ضد الفساد، بسبب أزمة صحية حيث أدى تلوث المياه في هذه المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط، إلى نقل أكثر من 30 ألف شخص أصيبوا بحالات تسمم إلى المستشفيات.

وتتزامن أيضا مع شلل سياسي في بغداد، فبعد عدة أشهر شهدت إعادة فرز لأصوات الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار ولم يتمكن البرلمان الذي عقد الاثنين جلسته الافتتاحية من انتخاب رئيسه، وأرجأ الجلسة حتى 15 سبتمبر/أيلول.

لكن مع ذلك، أعلن البرلمان العراقي أنه سيعقد السبت جلسة استثنائية بحضور رئيس الحكومة والوزراء المعنيين لمناقشة الأزمة الاجتماعية والصحية في البصرة.

ولم تنجح الإجراءات التي اتخذتها حكومة حيدر العبادي في تهدئة الأوضاع حيث يعبر المتظاهرون باستمرار عن عدم ثقتهم في الحكومة وفي الأحزاب السياسية.

وتتجه الاحتجاجات في المحافظة النفطية إلى تصعيد أكبر حيث بدأ المئات من المتظاهرين، اليوم الجمعة اعتصاما مفتوحا وسط المدينة جنوبي العراق، احتجاجا على تردي الخدمات وقمع الاحتجاجات المناوئة للحكومة. 

وبدأ المتظاهرون في نصب خيام الاعتصام في ساحة الطيران وسط البصرة.

وقال رافد الكناني أحد المتظاهرين إن الاعتصام سيشارك فيه جميع شرائح مجتمع بالبصرة، بينهم أساتذة جامعيون وأطباء ومهندسون إلى جانب شيوخ القبائل، اضافة الى نشطاء المجتمع المدني.

وأضاف أن "الاعتصام سيبقى قائما حتى تستجيب الحكومة لجميع مطالب الأهالي وأبرزها توفير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء إلى جانب الوظائف والتوقف عن قمع الاحتجاجات الشعبية".

وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان إن "الدولة حريصة على حماية المتظاهرين، وأن مهمة قواتنا الأمنية هي توفير الحماية للمواطنين وعدم السماح بالاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة".

ودعا العبادي خلال ترؤسه اجتماع أمني رفيع في بغداد إلى "إبعاد الصراعات السياسية عن وضع البصرة ورفض الاستغلال السياسي لمطالب المواطنين الحقة في المحافظة وعدم استخدام الملف الأمني في التنافس السياسي".

وخلفت الاضطرابات وأعمال العنف في البصرة، 11 قتيلا في صفوف المتظاهرين منذ مطلع سبتمبر/أيلول و26 قتيلا منذ بدء الاحتجاجات في 9 يوليو/تموز الماضي، حسب أرقام المفوضية العليا لحقوق الإنسان (مرتبطة بالبرلمان).

وتقول الحكومة العراقية إن مندسين بين المحتجين يعملون على تخريب الممتلكات العامة، وأنها لن تسمح بذلك، لكن المتظاهرين لطالما اتهموا قوات الأمن بإطلاق الرصاص عليهم لتفريقهم بالقوة.