لاحت أمس بوادر حلحلة لملف محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، مع تدخل دول غربية وازنة للجم عمل عسكري يتأهب له النظام السوري، بالتزامن مع استمرار الجهود التركية لحل عقدة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) التي علمت «الحياة» أنها تعاني انشقاقات في صفوفها، ما يمثل مزيداً من الضغط على قادتها لحلّها.

وبالتزامن مع زيارة الموفد الأميركي الخاص بسورية جيمس جيفري إلى دول الجوار، شددت باريس على أن رئيس النظام السوري بشار الأسد «لن يفوز بالسلام» من دون حل سياسي برعاية دولية، فيما عبّرت لندن عن قلقها من الوضع في إدلب، محذرة من احتمالات استخدام أسلحة كيماوية. وفي الفاتيكان، حض البابا فرانسيس الأطراف المؤثرة في سورية على الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين في إدلب.

على صلة، أكد القيادي في حركة «أحرار الشام»، المنخرطة في «الجبهة الوطنية للتحرير» المدعومة من أنقرة، خالد أبو أنس، نجاح الجهود التركية لتجنيب إدلب الدمار، لافتاً إلى أن تلك الجهود في انتظار قمة ضامني آستانة في طهران الجمعة المقبل للتصديق عليها. لكن مصادر عدة في المعارضة تحدثت إليها «الحياة»، رفضت الجزم بنجاح أنقرة في شكل كامل تجنيب إدلب معركة.

في الوقت نفسه، أكد قيادي بارز في الجيش الحر لـ «الحياة» أمس «انشقاق عدد من الفصائل عن هيئة تحرير الشام (النصرة) وانضمامها إلى تنظيم حراس الدين، كأولى ثمار حل تركي معقد يجمع بين خيارات سياسية وعسكرية متنوعة، بعد إعلان الهيئة منظمة إرهابية بالتنسيق مع روسيا». وكشف أن «كتائب جند الشام، مجموعات من قوات النخبة في قطاع درعا سابقاً، وفرسان الإيمان، ونحو ست مجموعات أخرى، انضمت إلى حراس الدين» (التي انشقت عن النصرة بعد تغيير اسمها، وتضم عناصر أكثر قرباً من تنظيم القاعدة). ورأى أن الخطوة تعني أن جهود تركيا في حل الهيئة ودمجها مع قوى الثورة «تتقدم». وزاد: «ما جرى يعني أن التيار المتشدد ذا التوجه القاعدي، بدأ بمغادرة صفوف الهيئة بعد إعلانها منظمة إرهابية، ما يفتح المجال أمام فصل جغرافي لمناطق وجود الهيئة، تتبعه خطوات أخرى بالتنسيق مع روسيا والبلدان التي ينتمي إليها المسلحون الأجانب».

وتوقع مصدر في المعارضة مطلع على ملفات أمنية حساسة، أن «تتواصل عملية الفرز في الأيام المقبلة نتيجة الجهود التركية المتواصلة»، مرجحاً أن «التيارات المتشددة المنخرطة داخل الهيئة ستنضم إلى حراس الدين، وأخرى جاهزة للانخراط في صفوف الثوار». وتوقع أن الحل النهائي لقضية «هيئة تحرير الشام» سيكون مزيجاً من «القتال وترحيل بعض العناصر إلى أماكن باتت شبه محددة في ريف حماة الشمالي الشرقي في منطقة مغلقة بعيداً من المدنيين، أو إلى الخارج بمفاوضات ثنائية بين الاستخبارات التركية واستخبارات البلدان التي يتحدر منها أعضاء التنظيمات التي تتبنى فكراً قاعدياً».

وشدد القائد العام لحركة «تحرير الوطن» العقيد فاتح حسونة على أن «الوقت يمضي، ويجب خلال أيام سحب ذريعة الروس والنظام بالهجوم على إدلب». لكنه أوضح أن «الوضع ما زال معقداً، ولا يوجد وضوح في شأن حل هيئة تحرير الشام نفسها حتى الآن». وأشار إلى أن «تركيا عززت نقاط المراقبة العسكرية في الأسابيع الأخيرة، وفي وقت سابق أنشأت قوة عسكرية موحدة للفصائل تحت مسمى الجبهة الوطنية للتحرير، ما يعني أنها جاهزة للحسم العسكري مع الهيئة في حال واصلت تعنتها».