إثنوغرافيات يوم وطني مشهود

عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحا ... يبدو أن المشهد في باب العلو ليس اعتياديا، فالرباطيين الذين ألفوا أن تطلع عليهم شمس كل يوم في هذا المكان من العاصمة، لم يكن صباح يوم الأربعاء 29 غشت 2018 بالنسبة إليهم ككل صباح. فما إن تتطلع إليهم حتى تتراءى لك بوادي دهشة وقد ارتسمت على وجوههم، ويكفي أن تلقي نظرة خاطفة على عيونهم لتقرأ فيها سؤالا واحدا عريضا: من هم هؤلاء الزوار غير المألوفين، وما الذي جاء بهم إلى هنا؟

شيئا فشيئا أصبح المشهد يكتمل وعناصر الكلية تأتلف فيما بينها لتضفي على الأشياء معنى؛ يتعلق الأمر بأفراد يحملون على أكتافهم حقائب متوسطة الحجم ومتشابهة إلى حد ما. بعضهم يرتدي قبعات واقية من حر الشمس الحارقة، لاسيما الجنس اللطيف منهم. كانوا يتقاطرون على المكان من كل الاتجاهات، لكن زرافات منهم كانت تفد إلى المكان من صوب واحد، مشكلة ما يشبه سيلا يشق طريقه نحو وجهته بثبات، قادما إليها من جهة الشرق عابرا ساحة باب الحد، التي كانت تتوسطها نافورة قبل أن تبدأ بها أشغال التهيئة الحضرية، التي ستحولها إلى مرآب كبير، عساه يحل مشكلة الازدحام واختناق حركة السير التي تشهدها المدينة في هذه النقطة السوداء، التي بإمكانها أن تستقبل الوافدين على المدينة القديمة من جميع الاتجاهات . يبدو أن هذا السيل من الأقدام، الذي ينتهي بتشكيل حشد كبير على عتبات أسوار باب العلو وأقدامها، قد قطع مسافات طويلة منطلقا من مختلف المدن المغربية ليصل إلى محطتي القطار: الرباط –المدينة وأكدال، وإلى المحطة الطرقية بالقامرة قبل أن يستعمل مختلف وسائل النقل العمومي، التي يمكن أن تقله إلى النقطة السوداء المعلومة. وهي فرصة لمن لم يكن قد زار الرباط من قبل، أن يستعمل الترام الذي يشق بدوره المكان مضيفا إليه جرعة لا بأس بها من الاختناق.

ما كاد السيل يبلغ نقطة الوصول حتى انتشر مشكلا ما يشبه ضاية كبيرة. فبمجرد ما وصل الأفراد المذكورين إلى عين المكان، حتى توزعوا على مجموعات كبيرة تلتف كل واحدة منها على لافتة من الحجم الكبير، مكتوب عليها بالبنط العريض اسم مديرية من مديريات التعليم. فهذه مديرية مراكش-أسفي وتلك مديرية طنجة-تطوان، هنا مديرية فاس وهناك مديرية درعة-تافيلالت إلخ. وحتى تسهل المجموعات التحاق الأفراد بها، أخذ ثلة من الأفراد ينتمون إلى مديرية مراكش-أسفي المبادرة وشرعوا يصيحون بصوت عال: مراكش-أسفي بإيقاع قريب من الدقة المراكشية. وبسرعة سارت على هديهم مجموعة مديرية درعة تافيلالت: واحد زوج ثلاثة درعة-تافيلالت، أما مديرية فاس فقد تكلف منهم شخص ينادي في الجموع الملتحقة: مديرية فاس هنا.. مديرية فاس هنا.

بسرعة، تقدمت مجموعة مديرية طنجة- تطوان لتحتل الشارع المؤدي إلى باب الحد، مشكلة قاطرة المسيرة؛ حيث كانت تحتل عفوا المكان المناسب، تلتها المجموعات الأخرى في نظام وانتظام مرددة الشعارات الأولى: شكون احنا؟ الأساتذة المتعاقدين ... شنو بغينا؟ الترسيم فأسلاك الوظيفة العمومية. هكذا تمكن المارة من معرفة ما يجرى، ففهموا لماذا طلعت شمس صباح هذا اليوم على غير المعتاد.

وما أن اتخذت المسيرة شكلها النهائي، مع الكم الغفير من الأساتذة المتعاقدين المشاركين فيها، حتى قفزت إلى ذهني على الفور صورة المسيرة الخضراء؛ فقد كان عدد المشاركين يقدر ب 55 ألف أستاذا متعاقدا فوق ظهورهم حقائب تحمل على الأكتاف، تنتهي من فوق بغطاء ملفوف على شكل أسطوانة للوقاية من البرد والرطوبة، اللذين قد يميزان ليلا رباطيا يعانق النجوم من دون عائق إسمنتي؛ حيث قرر الأساتذة المتعاقدون السير في مسيرة باتجاه وزارة التربية الوطنية تنتهي بمعتصم ومبيت ليلي في الهواء الطلق. كان الجميع يرتدي الوزرة البيضاء وفي أيديهم بطاقات صفراء مكتوب عليها "الرمز 29-30" يلوحون بها كما كان آباؤهم، وربما أجدادهم، يرفعون المصاحف القرآنية عاليا في المسيرة الخضراء. أكيد أن البطائق الصفراء ليست هي المصاحف القرآنية، لكن الرسالة واحدة: لقد قطعنا عهدا إراديا وحرا بأن نشارك في هذه المسيرة، وها نحن نفي بالعهد ونشهد الناس، وأنفسنا أولا، أننا جئنا إلى الرباط يومي 29-30 غشت فذاك رمزنا وذاك عهدنا وهذا وفاؤنا. وليس القياس على المسيرة الخضراء محض تأويل مغرض، فالمعركة التي يخوضها الأساتذة المتعاقدون هي معركة الكرامة لكنها هي نفسها، برأيهم، معركة التحرير . لقد رددوا منذ اللحظات الأولى من انطلاق المسيرة: جماهير خطوة خطوة.. نحو العز والكرامة، جماهير سيري سيري.. نحو النصر والتحرير.

أدركت مقدمة المسيرة النقطة السوداء المذكورة عند ممر الترام بباب الحد، بينما مؤخرتها لم تبرح نقطة الانطلاق بباب العلو، بل ويبدو لي، أنا الذي كنت أرى المسيرة من مقدمتها، أن ذيلها يلتوي يسارا على الدوار أمام باب العلو قبل أن تصير المسيرة بعد لحظات موازية تماما لسور المدينة القديمة حين همت مقدمتها بعبور سكة الترام. حشود غفيرة من الشبان والشابات تزحف في مشهد مهيب باتجاه مقر وزارة التربية الوطنية. وكل ذلك لم يدفع السلطات العمومية إلى إخلاء الطريق بشكل وقائي واحترازي تلافيا لتوقف مفاجئ لحركة السير ، كما تفعل عادة لتيسير مرور موكب وزاري مثلا، خصوصا أن نقطة العبور التي ستقطعها المسيرة تشهد في أوقات الدروة اختناقا كبيرا، كما تم وأشرنا إلى ذلك. لقد كان رجال الأمن يتعاملون مع الموقف في حينه، فربما كانت السلطات العمومية تنتظر أن تتعرقل حركة السير، أو أن يحدث ما يترك لدى الناس شعورا باليأس والامتعاض من الأشكال "الفوضوية" و"الصبيانية" التي يخلقها شباب "أناني يفتقد للحس الوطني". إلا أن رجال الأمن لم يجدوا أي عناء في تنظيم حركة السير؛ حيث كان الأساتذة المتعاقدون يساعدونهم، لقد أحدثوا منافذ وممرات عرضية تسمح للسيارات بالمرور وللمسيرة بالتدفق على جرعات بين الطرقات. وكذلك كان بالنسبة للترام الذي اخترق المسيرة، ففصل بين رأسها وبدنها دون أدنى عرقلة، ثم شقها مرة أخرى إلى نصفين دون أن يتوقف الترام، ودون أن تتوقف المسيرة.

هذه مسيرة الأساتذة يا سادة الرباط ! لقد جاؤوا ليثيروا الانتباه إلى قضيتهم، وليس لعرقلة السير أو لسب رجال الأمن وشتمهم أو لتعطيل عمل مرافق عمومية أو غير ذلك من الانفلاتات والأعمال، التي يمكن أن تتخلل هذه المسيرة أو تلك. جاؤوا إليكم من أقاصي المغرب: من العيون وامسمرير، ومن طنجة وتطوان ومن الحسيمة والرشيدية ليعلموا أهل الحضر كيف تكون الأشكال النضالية الحضارية، وكيف يكون الاتزان والتوازن والالتزام. فهل يتصور أحدكم كيف يمكن أن تعبر حشود من الشباب تقدر ب 55 ألف شاب وشابة نقطة عبور تختنق فيها حركة السير يوميا، لاسيما في أوقات الدروة كما هو الشأن بالنسبة لوقت عبور المسيرة، ولا تتوقف حركة السير أو تعترضها أدنى عرقلة؟ هل يتصور أحدكم كيف يمكن أن ينتظم 55 ألف شخص في مسيرة سلمية بيضاء، شكلا ومضمونا، وتجوب شوارع الرباط من دون أدنى عرقلة للسير؟ إنها مسيرة الأساتذة يا سادة الرباط، تلك المسيرة التي اختارت أن تقتسم الشارع طوليا مع السيارات، بالرغم من أن قضيتهم تستحق وقفة من المارة، وكذلك، وبخاصة، ممن يجلسون على مكاتبهم داخل قاعات مكيفة يصدرون القرارات بتجاهل في غالب الأحيان ولا مبالاة. إن إحساس الأساتذة بالظلم والغبن لم يفقدهم، ولو للحظة واحدة، الحس السليم وروح الانضباط.

على هذا الإيقاع وصلت المسيرة إلى نهايتها عند مقر وزارة التربية الوطنية بأكدال...تدفقت سيول من الشباب مرة أخرى معمرة الحديقة الأمامية لمقر الوزارة عن آخرها، وحناجرهم تصدح بصوت عال مرددة شعارات لا تمس قضيتهم على نحو مباشر بالضرورة، بل تعبر عن موقفهم من الاختيارات اللاشعبية التي تميز السياسات العمومية بالمغرب: ولادكوم فينا هوما.. فواشنطون وفي روما، وولادنا فينا هوما.. في عكاشة وفراس الحومة. باي باي زمان الطاعة.. هذا زمان المقاطعة.

اختار كل واحد مكانه بين الحشود، وتفنن البعض، ممن أصابهم التعب وشعروا بالتراخي يجتاح عضلاتهم، في تهيئتهم لبيتهم الصغير تحت أغصان الأشجار القصيرة التي تزين واجهة الوزارة، فشرعوا يتناولون وجبة الغداء، فيما استمر آخرون في ترديد الشعارات وكأنهم انتقلوا، على شاكلة العدائين في المنافسات الأولمبية إلى النفس الثاني، بعدما اعتقدوا أن قواهم خارت عند نهاية النفس الأول. استرعى انتباهي حس التضامن الذي ساد بين الأساتذة في المعتصم: الكل يتضامن مع الكل، مستجيبين لشعار هوبسي معكوس، لا فرق بين دكر و أنثى. لقد كان المعتصم مختلطا، لا جنس ولا لون إيديولوجي له. كل ما هنالك، وكل ما أحسسته، أنني وسط مجتمع حقيقي، في الوقت الذي كدنا، نحن السوسيولوجيين، نسلم بنهاية المجتمع أمام تعاظم الانانيات الفردية ومختلف أشكال التفكك الاجتماعي.

لقد فهمت من خلال سلوكات الأساتذة وتصرفاتهم أن قضيتهم غير المعلنة هي قضية جميع المغاربة: شعور عميق بأننا نفقد كل شيء.. لم يعد لدينا ما نستطيع أن نخلق به مجتمعا آمنا. غير أن القدر حمل الأساتذة المتعاقدين إلى أن يجسدوا المثال الناصع لهذه الحالة؛ لأنهم، في وضعية التعاقد الهشة، جردوا من أهم شيء تتحقق به الحالة الاجتماعية؛ ألا وهو الأمان. ولعل إحساسهم العميق بهذا الأمر جعلهم أكثر من غيرهم حرصا على التشبث بقيم التضامن والتعاون والإيثار؛ فمن الحكم المأثورة للمغاربة أنه "ما حاس بالمزود غير لي مضروب بيه".

لم يكن التضامن محصورا بين المعتصمين، بل فاض على حدود المعتصم ووصل إلى رجال الأمن؛ فقد قام أحد الأساتذة من زاكورة يفرق التمر على المعتصمين، ولما اقترب من رجال الأمن ناولهم بعض التمر ، لكنهم رفضوا أن يتسلموه؛ فربما شعروا أنه لا يحق لهم أن يتناولوا طعاما ممن يمكن، بين الفينة والأخرى، أن ينهالوا عليه ضربا في طاعة عمياء للأوامر. ربما شعروا، هم كذلك، بما يفقدونه يوميا في عملهم من قيم الشهامة، فرفضوا، على الأقل، أن يكونوا منافقين، ما دام لا يمكن أن يرفضوا تنفيد الأوامر.

ليس التضامن هو القيمة الوحيدة التي عمت المعتصم، بل الاحترام المتبادل بين الشبان والشابات. وهذا لعمري دليل على أن الصورة التي تروجها بعض الجهات، بنية مبيتة، عن أساتذة يتحرشون بالتلميذات وأستاذات يربطون علاقات جنسية مع تلامذتهن محض افتراء. هنا في المعتصم يعطي الأساتذة دروسا للجميع، وبخاصة إلى أولئك الذين يحققون رعشتهم الكبرى حينما يسمعون أن أستاذا تحرش بتلميذة أو إحدى حكايات "من القلب إلى القلب" فيجدها فرصة للنيل من قيمة رجل التعليم ونبله، مفجرا كل مشاعر الحقد والكراهية اتجاهه.

تركت الحشد لبضع ساعات وعدت لمتابعة الأحداث. هناك من أخذ قسطا من الراحة وهناك من فتح حلقية نقاش. لكن الغرابة كل الغرابة، وأنا ألتحق مرة أخرى بالمعتصم، هو حجم التعزيزات الأمنية المثير للاستفزاز، التي تم إرسالها إلى المعتصم، وكأن الأمر يتعلق بمواجهة عصابة مافيا تحتجز رهائن أو مجموعة إرهابيين تعتزم تفجير مقر وزارة التربية الوطنية. عدد كبير من الناقلات تقل عناصر من "البلير " وسيارات شرطة وقوات مساعدة تقف خلف درع بشري من عناصر "البلير" تحمل دروعا واقية ضد أي رشق بالحجارة، علاوة على قاذفة مياه لتفريق المحتجين ورجال إطفاء وسيارات إسعاف. أثار ذلك مشاعر الاشمئزاز لدى الأساتذة، فكان ردهم أن رفعوا جميعهم أياديهم ولوحوا بأصابعهم وكأنهم يقولون: هذه أيادينا بيضاء خالية من أي شيء يمكن أن يستعمل لمواجهتكم، ثم يتبع ذلك صفير ثم تصفيق. بعدها شق شعار ساخر فضاء المعتصم: سيروا سيروا .. حرروا سبتة ومليلية!

طلب مني أساتذة أن أجلب لهم بعض الأغطية للاحتماء من برد الليل ورطوبة الهواء فاستجبت لطلبهم. وعند عودتي إلى المعتصم، وضعت سيارتي في مرأب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وتسللت من الجهة الخلفية للمعتصم؛ فنحن- الإثنولوجيين- نعرف جيدا أنه من أراد أن يكون فكرة جيدة عن أي منزل، ما عليه إلا أن يلجه عبر الغرفة الخلفية.

لكن قبل أن أصل إلى الأساتذة، كان علي أولا أن أمر على سيارتين من سيارات "السيمي" المرابطة في المكان. كانت أبواب السيارتين مفتوحة.. اعتزل أحد أفراد "السيمي" زملاءه لأداء الصلاة، بينما كان البعض منهم منهمكا في قراءة الرسائل على هاتفه النقال، وقد ألقى ما تبقى منهم بأجسادهم على درج باب كلية الآداب والعلوم الإنسانية هاربين من حر السيارات غير المريحة التي تقلهم. لم تكن تبدو على ملامحهم أي علامات حقد أو كراهية، فقد فهموا بالملموس أن هذه المسيرة مختلفة كليا عما يمكن أن يتصوروا، ولمسوا النضج الكبير الذي تتسم به. حتى إنهم ابتسموا في وجهي، وقال أحدهم فيما يشبه تكسيرا للجليد: وحنا مانتغطاوش؟ أجبته وابتسامة عريضة ترتسم على وجهي: إذا شعرتم بالبرد والرطوبة في آخر الليل، يمكنكم أن تنضموا إلى المعتصم وتتقاسموا الأغطية مع الأساتذة، سوف يرحبون بذلك بدون شك!

أصاب الجميع العياء فخلد قسم مهم من الأساتذة للنوم بينما تطوع آخرون للقيام بالحراسة الليلية واستمرت حلقية نقاش حتى وقت متأخر من الليل. أما رجال الأمن فبعدما تبين لقوادهم أنهم يهدرون طاقتهم في ما لا ينفع شيئا انسحبوا في هدوء تام. كنت أعتقد أن انسحابهم سيثير مشاعر السخرية لدى الأساتذة فترتفع في الهواء شعارات سخرية واستهجان، لكن شيئا من هذا لم يقع؛ فالأساتذة يدركون جيدا أن قضيتهم ليست هي رجال الأمن، بل واقع الهشاشة الذي بات يقض مضجع جميع القطاعات في المغرب. وأنا أؤكد من جهتي بأن ضرب استقرار العلاقة الأجرية لا يمس قوت الناس وقدرتهم الشرائية فحسب، بل يمس في الصميم أحد شروط إمكان الديمقراطية نفسها.

لم يتدخل رجال الأمن لتفريق المعتصمين بالرغم من أنهم قاموا ببعض التحركات التي تومئ إلى أن الأمر ممكن. سألتني أستاذة: هل سيتدخل الأمن؟ قلت لها: ممكن، لكن لا يتحول دائما الممكن إلى واقع، خصوصا إذا كان مستبعدا ! ماذا يمكن أن يترتب عن تفريق 55 ألف شخص بطريقة عنيفة؟ ما حجم الرعب الذي يمكن أن ينتشر عندئذ في المدينة؟ هل يمكن لأحد أن يتكهن بالعواقب؟ وبالمقابل، وهذا في نظري أخطر، ما هي المشاعر التي ستتولد لدى رجال الأمن أنفسهم عندما يتلقون أوامر بالتدخل العنيف إزاء أشخاص ضربوا لهم أروع مثال في الوطنية والمواطنة والإخلاص والوفاء؟ إلى أي رجل أمن نتطلع؟

طوى الليل المكان والأحداث، وما هي سوى لحظات قليلة حتى شق ضوء الفجر المكان. لا يمكن لأي شخص يمر صباحا عبر حديقة مقر وزارة التربية الوطنية أن يتوقع بأن المكان احتضن معتصم يأوي 55 ألف شخص؛ فقد حرص الأساتذة على ترك المكان كما كان، بل وأفضل مما كان. أما أنا فأخذت أتنقل بين أخبار الفضاء الأزرق أطلع على ما كتب في الموضوع، فلفتت انتباهي جملة: لولا تدخل النقابيين لدى السلطات لحصلت مجزرة! همست بيني وبين نفسي وقلت: الله ينعل لي ما يحشم !

جمال فزة