يشكل مشروع إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار فرصة سانحة للنهوض بالاستثمارات الجهوية، خصوصا تلك التي تتعلق بدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة والتي تمثل 95 بالمائة من النسيج الاقتصادي الوطني. ويندرج هذا الإصلاح في إطار التنزيل الفعلي للتدبير اللامتمركز للاستثمار، والذي يهدف إلى مواكبة النسيج المقاولتي وإنعاش الاستثمارات على المستوى الجهوي.

ويرتكز مشروع الإصلاح المذكور على ثلاث محاور أساسية، منسجمة ومتكاملة، تتجسد في إحداث اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، هيكلة المراكز الجهوية، وتبسيط المساطر والإجراءات المرتبطة بالاستثمارات. ومن أجل تشكيل فضاء استثماري منسجم، مبني على التشاور والتعاون والشراكة والتنسيق، سيتم تحويل المراكز الجهوية إلى مؤسسات عمومية يترأسها ولاة الجهات، مدعمة بمجالس إدارة منفتحة، قصد خلق دينامية جديدة مع مختلف الفاعلين الجهويين بالقطاعين العام والخاص.

كما ستلعب المراكز الجهوية للاستثمار دورا جوهريا في مواكبة المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة منها، عبر المساهمة في بلورة وتنزيل الاستراتيجيات الجهوية لإنعاش الاستثمار. وستكرس المراكز الجهوية كشبابيط وحيدة لمعالجة الملفات الاستثمارية الجهوية، إذ يتعين عليها اعتماد مقاربة مندمجة، مبنية على الشفافية والاستباقية والتتبع، قصد جذب الاستثمارات التنموية وتجاوز المعيقات الإدارية المرتبطة بالعقليات السلبية والأساليب البيروقراطية المتجاوزة لبعض المصالح الإدارية.

ويبقى وضع استراتيجيات استثمارية منسجمة مع التوجه العام للدولة والسياسات العمومية القطاعية رهينا بفعالية التنسيق الأفقي ما بين الوزاري مع مختلف الأجهزة اللامتمركزة المعنية بالاستثمار. ومن أجل وضع المستثمر في قلب العملية الاستثمارية، يتعين على المراكز الجهوية توفير الدعم الضروري والارشاد والنصح لرجال الأعمال، وذلك قصد خلق مناخ مناسب لإنجاح الاستثمارات التنموية المجالية من جهة، ولجعل مشاريع المستثمرين رافعة للنمو الجهوي من جهة أخرى.

ولإنعاش وتنمية الاستثمار على المستوى الترابي، يتوجب على المراكز الجهوية القيام بدراسات محلية "علمية" و"ذات بعد عمودي"، بتنسيق مع مختلف الجمعيات المهنية الجهوية، حول مشاريع الاستثمارات المنتجة للثروة والمدرة للربح، قصد عرضها على المستثمرين وتسويقها داخل مجال نفوذ المراكز الجهوية للاستثمار.

كما يجب الأخذ بعين الاعتبار الثقافة المحلية لسكان المناطق المعنية بمشاريع الاستثمارات الجهوية، وذلك لملاءمتها مع المتطلبات الترابية للمواطنين بغية الاستجابة، وبطريقة ذكية، لجزء من مطالبهم الاجتماعية. ويبقى تجويد طرق عمل المراكز الجهوية للاستثمار (رقابة التدبير، رقمنة مساطر العمل، التدبير المرتكز على الأهداف، التتبع العرضاني للأنشطة...) من أهم التحديات التي ستمكنها من ممارسة مهامها الجديدة بفعالية ونجاعة، من أجل النهوض بالاستثمارات الجهوية وجعلها قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.