في إجراء أممي جديد، استفسرت لجنة حقوق الإنسان، التابعة لهيئة الأمم المتحدة، السلطات الجزائرية عن دواعي السماح لتنظيم البوليساريو بتسيير منطقة تندوف التابعة ترابيا لنفوذ الدولة الجزائرية؛ وذلك بعد أن تمكنت منظمات مغربية من تقديم تقارير موازية للأطروحات التي قدمتها الجزائر بخصوص الوضع الحقوقي في الجارة الشرقية.

خبراء لجنة حقوق الإنسان، الذين اجتمعوا بمقر الأمم المتحدة في سويسرا، شددوا على مسؤولية الدولة الجزائرية في حالات تعذيب واختفاء واغتيال معارضين لإبراهيم غالي داخل مخيمات تندوف، وأبدوا تحفظهم على عدم ملاءمة القانون الجزائري لمقتضيات العهد الدولي لحقوق الإنسان، وعلى مدى تنفيذ الحكومة الجزائرية للتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة.

وأشارت توصيات اللجنة إلى أن تفويض سلطة تدبير منطقة تندوف لجبهة البوليساريو مثير للقلق، معتبرة عذر خصوصيات المنطقة وملاءمتها لظروف الصحراويين، الذي قدمته الجزائر لتبرير منح التسيير للانفصاليين، متنافيا مع المواثيق الدولية، خصوصا على مستوى التقاضي، حيث لا يتحكم المسؤولون الجزائريون في سير المحكمات والعدالة بتندوف رغم نفوذهم القانوني عليها.

وأردفت التوصيات أن الجزائر مطالبة بحماية وضمان حرية الأشخاص في تندوف، فضلا عن إنصاف جميع المتواجدين بأراضيها الذين يتعرضون للتمييز والتعذيب والاحتجاز التعسفي، ولا يسمح لهم بتأسيس جمعيات وبالتجمع السلمي من أجل التعبير عن مواقفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا السياق، قال نوفل بوعمري، خبير متخصص في قضية الصحراء، إن "الجديد في ما قدمته لجنة حقوق الإنسان هو الحركية المدنية الحقوقية على مستوى الأقاليم الصحراوية التي أصبحت متخصصة في تتبع ورصد وضعية حقوق الإنسان، والتي يعود لها الفضل في إحراج الجزائر ودفع الهيئات التعاقدية الأممية إلى مساءلتها وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في شقه المتعلق بالحق في التنظيم والرأي".

وأضاف بوعمري، أن "الجزائر، وفي محاولة منها للتهرب من مسؤوليتها القانونية أمام المنتظم الدولي، عمدت إلى ادعاء أنها فوضت تدبير المخيمات للبوليساريو، وهذا ليس له أي تفسير غير تأكيد مسؤولية النظام الجزائري في الجرائم التي ترتكب داخل المخيمات باسمه وبتغطية سياسية وأمنية منه، كما أنه كشف أن المخيمات يتم السيطرة عليها من طرف تنظيم مسلح لا يتوانى في ترويع الساكنة وترهيبها".

واعتبر المتحدث أن "حالة ابراهيم ولد السالك، الذي اغتيل بسجن الذهيبية خلال الأيام القليلة الماضية، ليست سوى واحدة من بين العشرات من الأمثلة المُبيّنة لما يتعرض له النشطاء الشباب بسجون البوليساريو السرية التي تمارس فيها شتى أنواع التعذيب"، بتعبير نوفل بوعمري، الخبير المتخصص في قضية الصحراء.