اعتقد  بأن القرار الذي اتخذه مجلس وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين الماضي ببروكسل،   القاضي بالمصادقة على اتفاق الشراكة  بين هذا الاتحاد و المغرب، بشكل يدمج - صراحة- أراضي و مياه  الصحراء الغربية في هذا الاتفاق، قد هدم كل قلاع الأحلام التي  بنيت على ضوء قرار محكمة العدل الأوروبية .

فبعد أن أصدرت  تلك المحكمة، بتاريخ 27 فبراير 2018، رأيها الاستشاري بعدم قانونية  إدراج  الأراضي و المياه الإقليمية للصحراء الغربية ضمن الاتفاق الفلاحي بين الاتحاد الأوروبي و المغرب، اعتبرت القيادة الصحراوية و معها العديد من المنابر الإعلامية التابعة لها، الأمر بكونه قرار تاريخي  و منصف؛ سيعيد الحقوق لأصحابها و سينتصر لمطلب الشعب الصحراوي في وقف استنزاف خيراته المعدنية و البحرية، وتم الترويج للقرار كأهم مكسب حققته القضية الوطنية خلال هذه السنة و أنه يعتبر مرجعا مهما  ستعتمده القيادة الصحراوية في معاركها القضائية الدولية ضد  المغرب.

و من الوجوه  الإعلامية التي تجتهد  أكثر من اللازم تملقا للقيادة الصحراوية في كل مناسبة، أذكر "الساهل اهل اميليد"، صاحب موقع "راديو اميزرات"، الذي اعتاد بث تسجيلات صوتية له ، يحاول من خلالها أن يعطي تحليلا حالما و مبالغا فيه لكل حدث، يجمل فيها صورة القيادة الصحراوية، و خصوصا ولي نعمته الوزير الأول "محمد الولي اعكيك"، الذي لم نر له أي اثر في الحياة السياسية منذ توليه هذا المنصب... و هنا أتذكر الصوت الأنثوي لـ "الساهل" و هو يمجد في "فتح الكركرات".

و كان آخر إبداعاته كذلك التسجيل الصوتي الذي روج له إبان القمة الإفريقية بنواكشوط و الذي حاول من خلاله أن يعطي بعض التحليلات السياسية لأمور اكبر من ثقافته، ليجعلنا نعتقد بأن الاتحاد الإفريقي عازم على مناصرة الشعب الصحراوي و انه قاب قوسين أو أدنى من أن يحشد قواته لمحاربة المغرب، ليتبين في الأخير بأن القمة انتهت لصالح المغرب عندما نجح في تقليم أظافر مجلس السلم و الأمن الإفريقي، عبر تحديد مهمته  في الجانب الاستشاري فقط من قضية الصحراء الغربية و أن الملف هو  اختصاص للأمم المتحدة دون غيرها من المنظمات القارية و الجهوية.

ليطرح السؤال ما قيمة  أي قرار حين يكون عاجزا مشلولا؟!!... ربما كان المكسب الوحيد الذي  جاء به  قرار  محكمة العدل الأوروبية  بالنسبة للشعب الصحراوي، هو  تاريخ  إصداره الذي تزامن مع الذكرى الثانية و الأربعين لإعلان الجمهورية الصحراوية، وهذا الأمر (تاريخ الإصدار) ينطوي على مناورة خبيثة استغلها كل طرف لتحقيق مكاسب معينة ؛ فالقيادة الصحراوية  استغلت التاريخ إعلاميا و روجت له على أنه إشارة قوية من الاتحاد  الأوروبي للمغرب على انه سيغير من موقفه  من قضية الصحراء الغربية... و الاتحاد الأوروبي استغل القرار لممارسة نوع من الضغط على المغرب خلال مفاوضاته معه بخصوص  الاتفاق الفلاحي ... و الأخير بطبيعة الحال  قدم تنازلات لتجديد الاتفاق، لنفهم في الأخير بأن القرار كان مجرد توطئة للعبة اكبر تدور حول مصالح  اقتصادية بين الاتحاد الأوروبي و المغرب.

إن الفرح بأي قرار ينبغي ألا يشغلنا عن مرارة الواقع، وما تثيره  القيادة الصحراوية - بين الفينة و الأخرى-من ضجة وجدل حول مواضيع جانبية لا يرمي إلا إلى خلق أيهام رخيص بتحقيق نصر في خضم متتالية الهزائم والنكسات... فحين يطبق الذئب بأنيابه ومخالبه على عنق النعجة المستسلمة فإنه قد يترك لها لحظات محدودة لتطلق صرخاتها وتصم الآذان بعويلها وثغائها، ومن يدري فربما كانت الوليمة لا يطيب بها الذئب نفسا إلا على وقع أنغام هذه السيمفونية الحزينة !

الغضنفر للجزائر تايمز