يوما عن يوم  يتأكد أن زمام الأمور  فلت يد من الشعب الجزائري وإلا  فمن يحكمهم حتى تركوا الأمور تصل إلى حد  اللعب الصبياني بكرامتهم  وتمريغ سمعتهم  في الوحل .....

من يحكم الجزائر ؟

أمْرٌ لا يُحسد عليه  حكام الجزائر ، عاشوا طويلا باعتماد اقتصاد الريع الغازي والنفطي حتى استمرأوا  منتشين  بالكسل الاقتصادي والتنمية الاجتماعية  باختيارهم الوحيد والبليد وهو الاعتماد على الموارد الطبيعية بنسبة 98 %   وظنُّوا مخطئين أن دوام الحال لن يتغير ، وقديما قيل  تفنى الكنوز ولا تفنى الهِمَمُ ، و انقرض كنز  كابرانات فرانسا الحاكمين في الجزائر وتعرت عورتهم  البشعة  فور انهيار أسعار الغاز والنفط ، ولسوء حظهم  انهار معها  الحاكم  بأمر الله  السلطان بوتفليقوس الأول ودعمته  الأيادي الحقيقية التي تحكم الجزائر ليتربع على عرشٍ متحرك وإلى أن يلقى ربه  في عهدات خامسة وسادسة وغيرها ( اللهم لا شماتة ) ، فبقي الشعب ينتظر المعجزات التي بنـتها – بالخيال المريض  الذي يكره الشعب الجزائري -  بنتها لهم  مواسير الصرف الصحي  بنشر آلاف الأخبار الكاذبة عن  المعجزات الوهمية ....وبعد 56 سنة ظهرت للشعب بفطنته – ولو تأخر به الأمر -  ظهرت له حقيقة الوضع المزري في عموم الجزائر ، ونظرا لعمى البصيرة الذي  سلطه الله على حكام الجزائر، فإنه رغم التحذيرات المتتالية لهم فإن عَنْجَهِيَتَهُمْ  وتَنَطُّعَهُمْ  ونَزَقَهُمْ  وتكـبُّرهم وعمى بصيرتهم جعلهم اللهُ قَوْمَ هذا العصر الذي ختم الله على قلوبهم فجعلهم يشبهون أقوامَ نوح ولوط و موسى وكل الأقوام المارقين عن الرسل والأنبياء  – أولئك الذين سَخِرُوا من  أنيبائهم الذين كانوا  يحاولون  هدايتهم للطريق المستقيم  والظاهر لمن فتح الله  بصيرته إليه ، لكن الأقوام  المذكورة  كان الله قد أعمى بصيرتهم  - وفعلا  فقد عميت بصيرة حكام الجزائر -  كذلك  هم كابرانات فرانسا  الحاكمين  في الجزائر كانوا يمشون ضد ما ينصحونهم به  شرفاء الجزائر أحرارُها  وحرائِرُهَا  لسبب بسيط وهو أنهم  أولا : قد أعمى الله بصيرتهم ، ثانيا  قد أحاطوا أنفسهم بالجهلة  وأوباش  المجتمع الجزائري وخريجي مواخير الجزائر ودور الدعارة  الراقية  فيها من أمثال أبطال فيلم " الوهراني " لإلياس سالم  الذي فَـضَّ بكارة القداسة عن بعض المجاهدين و أبنائهم  بعد الاستقلال الذين ظهروا في الفيلم وهم يعطون صورة قريبة جدا من النموذج  الذي يحكم الشعب الجزائري اليوم في 2018  في قصر المرادية  والشياتة الكبار ، قومٌ من السكارى والمعربدين خريجي دور الدعارة والمواخير ، والمروق عن قيم الثورة الجزائرية النبيلة ( طبعا ما جاء في الفيلم لا يمثل بتاتا الشعب الجزائري في العمق عموما ، ولكنه  وكأنه  يقول لنا  هذه هي النخبة  التي خرجت من جبهة التحرير و تمثل  الطاقم العسكري والمدني الذي حكم ويحكم الجزائر طيلة 56 سنة  فماذا تنتظرون منهم ؟ )   لذلك ورغم  نصائح أحرار الجزائر وحرائرها وشرفائها  فهم لا يسمعون سوى ما يملي عليهم شياطين حاشيتهم و يستمرون في ظلالتهم يعمهون ...ومن الغباء والبلادة أن نجد مِنَ المُعَارضين الذين  يُصَدِّعون رؤوسنا بأن في الجزائر أجنحة تتصارع على السلطة والحقيقة أن الحاكم الفعلي للجزائر هم حفدة فرنسا من جميع  فئات المجتمع الجزائري متحالفون في سرية لا يعلم  مقرها  إلا الله ولكن هم الذين لهم  القرار النهائي والأخير في التعيينات الكبرى من مؤسسة الرئاسة إلى مؤسسة الجيش وغيرها، أما ما يبدو من خلاف بين كراكيز حكام الجزائر الظاهرون للعيان فليس سوى  صُوَرٍ مصنوعة  يتلهى بها الشعب  موالاة ومعارضة  لأن الحكم الحقيقي هو من طرف الذي يتلاعب بهؤلاء الظاهرين لنا ، وكل الذين سَوَّلتْ لهم أنفسهم بأن يتبجحوا بأنهم  هم وحدهم الذين يفهمون لعبة صراع الأجحنة  الحاكمة  في الجزائر و يقسمون المقربين من نواة السلطة إلى أجنحة متصارعة على السلطة ، هؤلاء تظهر تعسفات تحاليلهم  في صناعة سيناريوهات من خيالهم مبتسرة ومتكلفة  ومُتَصَنَّعَة  ويلهون لإيهام الشعب  مستعرضين أمامه  أفلاما  من صنع خيالهم  وبأن فلان هو الذين يتآمر على علان لأن علان له حسابات مع فلان وهكذا ينسجون  أساطير سرعان ما يكذبهم  ما ينتجه الواقع فيعيدون صياغة  سيناريوهات أخرى حسب المعطيات الجديدة التي فرضها  الحكام الحقيقيون  للجزائر والذين لا يخرجون عن دائرة حفدة  الجنرال دوغول لكننا لانعرفهم بالضبط وأين مقرهم ، ولكن مع مرور الزمن  وتبني مسار كثير من السيناريوهات ،يأتي هؤلاء ويضربون كل أوهام صناع السيناريوهات في الصفر

أولا : حينما أراد حكام الجزائر تنويع مصادر الدخل السريع سقطوا في دوامة الفضائح:

لم يستيقظ  حكام الجزائر من سباتهم  وتراخيهم من أجل تتطوير معيشة الشعب الجزائري إلا حينما انهارت أسعار الغاز والنفط  ووجدوا  أنفسهم على الحديدة ، لكن فتح الله عليهم  بأن فهموا أن الاقتصاد  في العالم لا ينبنى على مصدر واحد ، أي ظهر لهم  متأخرين ولأول مرة  في عام 2014  أن الدول التي  استطاعت تحدي إكراهات  المعيشة منذ عشرات السنين وليس في 2014  أن هذه الدول أدركت أن تنويع مصادر الاقتصاد ضروري مهما كانت المصادر الطبيعية متوفرة بملايير الأمتار المكعبة من الغاز وملايير البراميل من النفط ، أما حكام الجزائر فقد استيقظوا متأخرين في 2014  وأرادوا  تنويع  مصادر الاقتصاد الجزائري ، فسقطوا في فضائح كبرى نذكر منها :

الفضيحة الأولى :

لقد كانت أولى فضائحهم مع جدتهم فرنسا حينما توهم حكام الجزائر الذين صَوَّرَهُمْ فيلم ( الوهراني)   توهموا أن المستثمر الفرنسي لا يعرف حقيقة تكوين وتربية معظم الجزائريين تربية  رخوة  حتى لا أقول أفظع من ذلك ، فهم يعرفون الجزائريين في مارسيليا مثلا وكيف يعيشون في شكل مافيات لا تتقن سوى السرقة والقتل والعيش في تجارة الممنوعات نهارا والعربدة  ليلا ، وقد أصبحت هذه هي الصورة  النمطية للجزائري في أذهان الفرنسيين هي أنهم قومٌ  لا يتقنون شيئا وليست لهم خبرة أوكفاءة في أي شيء ( طبعا نحن نستثني الذين  يعيشون في فرنسا عيشة فرنسية 100 % مع الفرنسيين واندمجوا معهم اندماجا تاما وليس في مارسيليا بل في الشتات  في كل مدن فرنسا وهم الذين قطعوا كل صلة  بأقوام  الجزائر الكسالى ، بل يكادون يتنكرون لأصلهم الجزائري لأن آباءهم وأجدادهم  جرت في دمائهم  دماء أوروبية  وتربوا تربية صارمة ، يستيقظون فجر كل يوم  قاصدين العمل بلا كلل ولا ملل لأن( كروموزوماتهم) قد تغيرت بأخرى أوروبية فأصبح منهم المحامون والأطباء والمهندسون بل وحتى الوزراء ، هذه الفئة لم تعد جزائرية بل هي فئة فرنسية رغم الذين يتبجحون بكون أصولهم  جزائرية ، وماذا بعد ؟  فهم فرنسيون وحياتهم فرنسية ولن يعودوا لديار الجزائر أبدا ، فأين سيعودون وملايين الجزائريين يحلمون ليل نهار ( بالحريك إلى أوروبا ) .. فكل النصائح والكلام  النقي الراقي  لا ولن يوقظ هِمَمَ الرخاوة والكسل في شباب الجزائر الذي أدمن الحيطان والجدران  والبحث عن ضحايا  يسرقهم  )  قلنا أصبحت الصورة النمطية للجزائري في الجزائر لا تقنع  المستثمرين ، فلا  الدولة  قامت بواجب تأهيل شباب  يفيدون المستثمرين في مؤسسات تكنولوجية  تدفع المستثمر الأجني  ليضع ثِـقَـتَهُ في رأس ماله  إذا جاء به إلى الجزائر ، وإذا فعل  فهو على يقين أنه سيرمى أمواله في صحراء قاحلة  لاخبرة ولا كفاءة  لأهلها لأنهم  مجرد جماعات لا تتقن سوى الملاججة  وتدبير المؤامرات والمكائد  للسطو على أرزاق  الناس وعلى  رأسهم  المستثمرون  في الجزائر ، فهل الدولة الفرنسية اختارت الجزائر لإنشاء معامل ( دانون ولا موطارد )  فقط مع معمل " لنفخ عجلات  السيارات " في الجزائر عبثا ؟ وحتى هذه المصالح مهددة بالإفلاس القريب ، إن في ذلك إشارة قوية  من المستثمرين الفرنسيين إلى الدولة الجزائرية ، ولا ينخدع  في الاستثمار في الجزائر من الأجانب غير الفرنسيين  إلا الذين يجهلون  طبيعة  البلاد  وشعبها ، وقد خاضت الصين تجربة مع  الجزائر لكن  الصينيين  كانوا أكثر مَكْراً من حكام الجزائر لأنهم  فرضوا  على الجزائريين  أن يقوموا  بكل الأشغال في الجزائر لكن دون أن يشتغل معهم فيها ولو جزائري واحد ، فقد أستحضرالصينيون من الصين كل اللوازم  للبناء وكل الأشغال ،أحضروا من المسمار إلى العمال إلى المهندسين ، فكأنهم  حضروا  لبناء مشاريعهم وهم في الصين ، أي  تركوا الجزائريين  يتفرجون ، وفي ذلك  معنيان المعنى الأول هوإشارة بأن الصينيين يتعاقدون على المشروع  بثمن ويؤدون أجورعمالهم ومهندسيهم لعائلات العمال الصينيين  بالعملة الصينية هناك في الصين ، بينما  المسثتمر الصيني يتقاضي ثمن  بناء المشروع  الجزائري في الجزائر ومن حكام الجزائر بالدولار ، والمعنى الثاني يقول فيه الصينيون  للجزائريين : أنتم  مجرد مستهلكين لا تثقنون شيئا  فانظروا كيف نشتغل من بعيد  واسكتوا ، فسكت حكام الجزائر حتى انتهى الصينيون من أشغالهم وجمعوا معداتهم وتركوا  مشاريعهم  في الجزائر كلها  ناقصة الجودة بل وعالية  الرداءة  مثل الطريق السيار شرق غرب الذي أصبحنا به أضحوكة  للعالم ، لأن عدة طرق وطنية تركها الاستعمار الفرنسي لاتزال متينة وذات جودة عالية رغم أن عمرها يتجاوز  القرن ....أما ما  كان  يوازي  مشاريع الصين في الجزائر فهي تلك  المصائب  التي يجب  فتح ملفاتها من جديد وهي مصائب فساد  الجزائريين الذين كانوا يشرفون على مشاريع الصين  وكيف عرف الصينيون  أنهم فاسدون مفسدون مرتشون  يكرهون الخير لوطنهم الجزائر والشعب الجزائري ، ومن هنا دخلت  السوسة  التي نخرت  اقتصاد البلاد ومشاريعها الاجتماعية ، السوسة التي ستبقى ما بقي الحاكم الفعلي للجزائر  شبحا غامضا  لا نعرفه  لأننا تأكدنا من أن السيناريوهات التي يكذب بها علينا  أولئك الذين يدعون  أنهم  معارضون يفهمون  أكثر منا  صراع الأجنحة على السلطة في الجزائر ( جناح سعيد بوتفليقة – جناح قايد صالح – جناح خالد نزار جناح الهامل – جناح أويحيى الخ الخ الخ ) وهم  واهمون  ولهم خيال مريض أكثر مرضا من  حكام الجزائر ، فمتى تعرف الجزائر من يحكمها ؟ لأن سر الثورة الحقيقية  للنهوض بالجزائر هي أن نخرج من  هذا الغموض والضبابية فيمن يحكمنا  حقيقة .لأننا مللنا  هذه الأساطير التي تتكلم عن صراع الأجنحة  الوهمي والتي تتكرر نفسها .

  وإذا خرجنا من الجزائر نجد دولا  شمرت على سواعد الكد والجد ليل نهار منذ أكثر من نصف قرن ، وقد ربحت الكفاءات والخبرات وما يعرف ب ( le savoir faire (  من استثمارات  بعض الدول فيها وعبر مرور السنين ربحت  أولا  ثقة المستثمر الأجنبي وها هي تصدر الملايين من السيارت بعد أن اكتفت ذاتيا ونوعت صناعاتها حتى أصبحت تقريبا كل صناعاتها عند تركيبها  تقترب من 65 %  من إنتاجها المحلي أي أصبحت تستورد من الخارج من قطع الغيار لتركيب السيارات أقل من 40 % فقط ،  وثانيا هذا يعني أن تلك الدول كانت تفرض أن  تَـتَضَمَّنَ بنودُ اتفاقياتها  مع  المستثمر أن ينقل خبراته حتى يكتسب شبابها ورجالها  أكبر قدرمن ( le savoir faire ( في أي ميدان صناعي ، وقد  انتقلت مثل هذه الدول إلى الصناعات التحويلية للطائرات ولم تكتفي بخبرة  دولة واحدة بل تنوعت  مصادر الدخل عندها  ومعه  تنويع خبرات كثير من الدول شرقا وغربا  حتى لا تبقى سجينة  خبرة  دولة واحدة ... أما نحن فقد  دفننا أنفسنا في قصة  51 %  للجزائر حتى نتحكم في أساليب الفساد الجزائري ( الماركة المسجلة  جزائريا ) على الصعيد العالمي  وحتى يؤكد كراكيز حكام الجزائر أنهم  يكرهون الشعب الجزائري 100%  ولا يريدون  به خيرا أبدا ، وهو الدليل القاطع على أن من يحكم الجزائر هو جسم غريب عن الجزائر  باليقين التام والمطلق .

الفضيحة الثانية :

 أما الفضيحة الثانية في مشوار القفز السريع  من أجل تنويع  مصادر الدخل في الجزائر وحتى يقال عنا بأننا  لم نعد  سجناء  الموردين الطبيعين الغاز والنفط ،  فهي تبدأ بحقيقة لا ينكرها إلا جاحد ، فقد حاول بومدين أن يجعل شمال الجزائر ذي التربة الخصبة  وكل المناطق  الفلاحية الجزائرية  التي طَوَّعَهَا الاستعمار الفرنسي ونقل إليها الفرنسيون المُعَمِّرُونَ – عبر 130 سنة -  كل خبراتهم  من فرنسا الدولة الفلاحية بامتياز ، قلنا حاول بومدين أن يبني فلاحة عصرية  معتمدا على  ما سماه " الثورة الزراعية " ومحاولة بناء أكبر سد في إفريقيا وهو  " السد الأخضر" وقصته معروفة لأن هذا المشروع مات بموت صاحبه الذي كان  يدبر شؤون البلاد بالقوة والعنف مما جعل الجزائريين يدفنون المشروع مع صاحبه الديكتاتوري ، ولم يأتي بعده من يتمم ذلك الحلم ، ونفس الشيء حصل مع مشروع الصناعات الثقيلة الكبرى التي كانت مشروعا فاشلا منذ بدايته ...وبعد أن عاش الجزائريون طويلا باعتماد اقتصاد الريع الغازي والنفطي حتى انهارت أسعارها  واستيقظوا على صفعة الاعتماد على  المصدر الوحيد  وهو ( الغاز والنفط ) ، وفرغت خزانتهم وقام  المتظاهرون يطالبون  بعدم  قطع أرزاق الريع الذي عاشوا عليه عشرات السنين ، وأصبحوا اليوم  بين ضرورة استيراد كل شيء حتى يضمنوا الحد الأدنى من المعيشة اليومية ،وبين جهلهم  المطلق بإنتاج أبسط  موارد العيش الفلاحية ، فاضطرت الدولة أن تحيي  بعض القطاعات الفلاحية  بارتجال وجهل وعلى مضض ، فكانت الفضائح الكبرى ، فبعد أن " صَدَّعَتْ "  رؤوسنَا  مجاري الصرف الصحي الإعلامية  الغبية بأن  الجزائر بدأت في تنويع  مصادرها  الإنتاجية  ولم تعد  تعتمد على مصادر الطاقة  بل وأن الجزائر  أصبحت من الدول المصدرة  لبعض المواد الفلاحية  رغم حاجة الشعب الجزائري إليها ، لكن ما كادت  تفعل  حتى كانت  الفضيحة  التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وهي الصفعة  الاقتصادية التي يندى لها جبين الأحرار أما  الشياتة فلا ضمير لهم  حتى تندى جباههم ألا وهو العنوان الذي تصدر كثيرا من الجرائد والمجلات العالمية الذي يقول " كندا ترفض تمور الجزائر.. روسيا وقطر تعيدان البطاطا وفرنسا تحرقها " ... كل شيء في الجزائر يتم إما عن جهل أو ارتجال أو بهما معا ، فطالما لايزال الشعب في حاجة ماسة  للبطاطا  ويشكو من غلاء المعيشة أليس من الأفضل أن يشبع الشعب أولا  من بطاطيسه التي أنتجتم له كيفما كان نوعها ولو لم تكن  حسب المواصفات الدولية ( لأنه بيننا وبين المواصفات الدولية في كل الميادين مئات السنوات الضوئية ) لكن  تهور ونَزَقَ حكام الجزائر ، والتسرع في التسويق لصورة ( مزورة ) بكون الجزائر قد أصبحت في بضعة شهور  من المصدرين  للبطاطا ، كل هذا جاء بنتائج عكسية  وهي أن حكام الجزائر قد  رسخوا في أذهان العالم أنهم  كما كانوا يتصورونهم " شعب عاش في اقتصاد الريع ولا يتقن شيئا ولن يتقنه أبدا " إنه التهور والصبيانية مثلما  وُصِفَ به عبد القادر مساهل  حينما قال بأن الجزائر أفضل من كل الدول العربية أما ولد عباس زعيم الحزب الوحيد الحاكم  في الجزائر  فقد قال بلا خجل بأن الجزائر أفضل من السويد والدانمارك والنرويج ...( بصفتك وزيرا يا مساهل هل بقي عندك ذرة من كرامة أن تتجرأ وتعمل على تصدير البطاطا إلى السويد والدانمارك والنرويج  بل أن تعطيها  لها  كهدية مجانية ) لعنة الله على من لا حياء له ، ومتى كان لخريجي المواخير الراقية  ذرة من حياء ؟؟؟؟

 فالجزائرُ لم تبلغ درجة الاكتفاء الذاتي من بعض المواد مثل الحليب والبطاطا ، ولم تَتْرُكْ أمورها تنضج بهدوء وِصَمْتٍ  وثباتٍ ، وطورت إمكانياتها  الفلاحية وأحيت مشاريع بومدين  بهدوء وروية وكتمان ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن طبيعة  حكام الجزائر هو  الظهور بالفخفخة  والجعجعة  والنزق والضجيج  الفارغ  وحب التظاهر  والرياء ،  لذلك فهم  يتلقون الصفعات تلو الأخرى .

الفضيحة الثالثة : هي  التورط  في  تنويع  مصادر الدخل  باستيراد المخدرات الصلبة علانية :

وهذه الفضيحة تحتاج لموضوع مُرَكَّزٍ لأن أبعادَه خطيرةٌ جدا على المنطقة المغاربية والأوروربية .

كل الموبقات تدخل من بين أفخاد حكام الجزائر ويتهمون الأيادي الخارجية :

أصبحت هذه الفضيحة  حديث العالم ولم تبق حديث الجزائر أو المنطقة المغاربية  فقط ،لأن عيار هذه الفضيحة الجزائرية  ثقيل جدا لدرجة  أن الإدارة الأمريكية  والصحف الأمريكية  والعالمية جعلت منها مبررا  تنخر بها  في دواليب أجهزة الحكم في الجزائر ، وأول شيء يتبادر للدهن – رغم  التعنت الجزائري – أن  الأيادي الخارجية بعد مصيبة القرن هذه – أصبحت بريئة  من  ترهات  رمطان لعمامرة وعبد القادر مساهل وأويحيى و عبد المالك سلال وكل  حثالات الحكم في الجزائر الذين دَوَّخُوا  الشعب الجزائري بأن  المخدرات  تغزو الجزائر البريئة  الوديعة النقية الطاهرة  هي وحكامها الأتقياء ، هذه المخدرات مصدرها  الأيادي الخارجية ، لكن الله يمهل ولا يهمل ، حتى  فضحهم  وثبت  للعالم – وتلك هي الطعنة النجلاء – أن العالم كله  عرف كيف شرع  حكام الجزائر يُنَوِّعُونَ موارد  الدخل  عوض الاعتماد على الغاز والنفط الذي لا طائلة منه  لإخراج الجزائر من حضيض التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي  حتى ولو بلغ  سعر البرميل 200  دولار ، وكشف الله عورتهم  أولا بأن الأيادي الخارجية المتربصة بالجزائر بريئة  براءة  الذئب من دم ابن يعقوب ، ثانيا إن كل الموبقات دخلت في الماضي ولاتزال تدخل في الحاضر وستبقى هذه الموبقات تدخل في المستقبل من بين أفخاد حكام الجزائر النجسة من أصغر كركوز  فيها إلى أكبر جنرال في الجيش الجزائري الملطخ بدماء الشعب في العشرية السوداء  وها هو يساهم في تخريب المجتمع  الجزائري ، ولولا افتضاح أمره لمرت جريمته  بصمت .

من أجل تنويع مصادر الدخل حكام الجزائر يفتحون أفخادهم النجسة للكوكايين والهريروين:

أكباش الضحايا في النظام الجزائري الذين  ساهموا  في التفكير في تنويع مصادر الدخل  بفتح أفخادهم  النجسة  لدخول الموبقات إلى الجزائر ، هؤلاء الضحايا  أولا  يثق الشعب الجزائري أنهم متورطون في فضيحة  باخرة الكوكايين ، لكن الشعب   - وفي أعماقه  لن يثق بأنهم  هم رؤوس الأفخاد النجسة  وحدهم -  الشعب الجزائري يعرف جيدا أن  البلاد  سائرة نحو الهاوية  الاقتصادية ، واليوم تأكد أن كراكيز الحكام  قد فكروا وبحثوا عن البديل الذي يقفزون به وبسرعة  إلى  إعمار الخزينة  الخاوية ، لذلك قرروا  وبثقة كبيرة في النفس التي تدل على الغرور والتهور الصبياني أن يدخلوا  إلى سوق تجارة  المخدرات الصلبة  وخاصة أن لهم علاقات جيدة مع  المنتجين الكبار للمخدرات الصلبة في أمريكا اللاتينية ، و إن إقالة  الهامل  المدير العام للأمن الوطني الجزائري وإلقاء القبض على حوالي31   قاضي ووكيل الجمهورية في المحكمة الإدارية  بالعاصمة المدعو بن رشيد ، كما يقال بأن ابن الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون ، ووالي سابق و بعض رؤساء البلديات وحوالي 40 مسؤول في الإدارة  العمومية ولا حتى كمال البوشي صاحب حاوية اللحوم المحشوة بالكوكايين، أقول إن الشعب الجزائري يعرف جيدا أن هؤلاء ليسوا سوى  أكباش فداء لأن الدولة  هي دولة  مافيوزية تدير شؤون البلاد  بأسلوب المافيات ، ومن ليس معها  تعمل على تصفيته  مثلما  تصفي المافيات  كل مارق عنها  وترميه  مثل الكلب في الخلاء ، وإذا  تيقنت من كونه  يمسك عليها  ملفات  خطيرة جدا فإنها  تبقيه على قيد الحياة لكنها  تهدده  بين الفينة والأخرى بالتصفية الجسدية ، وفي كل مقالاتنا  ننعت  حكام الجزائر  المجرمين وبالمافيا وبالقتلة وبكل أنواع الصفات الدنيئة التي تضعهم مع أعتى  مجرمي أمريكا  وأوروبا والعالم ، حكام الجزائر يجب أن  يتم تقديمهم  لمحكمة الجنايات الدولية ، ليس فقط  من أجل  قضية باخرة  الكوكايين الفضيحة بل من أجل كل  الجرائم التي  اقترفوها  في حق الشعب الجزائر طيلة 56  سنة ،مثلا أين تبخرت مئات الآلاف من ملايير الدولارات ؟ لماذا ذبحوا  أكثر من ربع مليون جزائري ما بين 1992 و 1999 ؟ وأين  ذهب المختفون الذين يقدرون بحوالي 50 ألف جزائري وجزائرية ؟  وهذا غيض من فيض  يستحق أن يقدم  من أجله كل من له صلة  بالسلطة عسكرية كانت أم مدنية  لمحكمة الجنايات الدولية....

عود على بدء:

منذ انقلاب بومدين على الحكومة  المدنية المؤقتة  قبيل الاستقلال بعام واحد أي في 15 جويلة 1961، حيث أصدر البيان رقم واحد  عقب الانقلاب المذكور ، هذا الانقلاب الذي نزع الشرعية الثورية المدنية من  المدنيين وَرَكَّزَ  زمام كل الأمور بيد العسكر ولا أحد  سوى العسكر ، منذ  ذلك الوقت إلى اليوم 2018، لماذا لم يسائل أي جزائري نفسه : لماذا تم  قلب النظام  المدني المؤقت  قبيل الاستقلال  أي عام 1961 ؟  لماذا تم تركيز كل السلطات في يد العسكر ؟  لن يستطيع أحد أن  يجيب على هذا السؤال رغم مشروعيته ... وبومدين لم  يكن يريد أن يظهر في الصورة منذ البداية لأنه كان يخطط للغدر بصاحبه ورفيق دربه ( في الكفاح المتفرى عليه والذي ذهب ضحيته  الأبطال الذين كان من حقهم هم الذين يدبروا أمور هذه البلاد بعد الاستقلال ، وحتى الذين بقوا مخلصين لمبادئ ثورة نونبر 54  تمت تصفيتهم سواءا  في زمن بنبلة ( إعدام محمد شعباني في 03 سيبتمبر 1964 - و محمد خميستي في 04 يوليو 1963  ) أما  في زمن بومدين فقد  بدأ  باغتيال قاتل محمد خميستي الذي وُجِدَ مشنوقا في زنزانته في 20 يونيو 1965 أي بيوم واحد بعد انقلاب بومدين على بنبلة يوم 19 يونيو 1965  مما يدل على أن  بومدين متورط في اغتيال محمد خميستي ، وفي زمن بومدين  فنجد مثلا محمد مدغري  الذي اغتيل في 10 ديسمبر 1974 ، وبعد ذلك استمر العسكر الحاكم في اغتيال كل من يقول أو كل من شَمُّوا فيه رائحة  ضرورة عودة الحكم المدني في الجزائر ...

لقد سقطت الجزائر في يد كابرانات فرانسا  يتلاعبون بها  وهم  تتلاعب بهم القوى العظمى وهي ما بين فرنسا وأمريكا  وما جاورهما ، أما  ماكياج  الدستور والانتخاباب والمؤسسات فهذه لا قيمة لها  نهائيا ، فهي ليست سوى صورة  لتضبيع  الشعب  الذي ظهر  له مؤخرا  في قضية باخرة الكوكايين كيف أصبحت كراكيز حكام الجزائر  ألعوبة ومنذ زمن بعيد في يد الكبار أو أحدهم ، فقصة  باخرة الكوكايين أكبر من الفضيحة ، فمعلوم أنها قضية  لزعزعة الشعب ليعرف مع من يعيش وتحت أي صباط  يرزح ، فكما يقال إن السلطات الأمريكية  وخاصة مكتب مكافحة  المخدرات في أمريكا هو الذي أخبر إسبانيا ولم يخبر السلطات الجزائرية لأنها منخورة ولا مصداقية  لها فقد تُـقْبِرُ  السفينةَ بمن فيها قبل أن تصل ميناء وهران أي في المياه الإقليمية  الجزائرية ، لذلك أمريكا أخبرت السلطات الإسبانية  على اعتبار أن تبدأ  بفضح الأمور قبل كل شيء وأن تتنظر الدولتان ما ستسفر عنه الإجراءات  الجزائرية ، والسلطات الإسبانية لم تخبر وزارة الخارجية الجزائرية  كما هو في الأعراف الدبلوماسية ( ونحن نعلم من يكون كيس النجاسة المسمى مساهل )، بل أوكلت الأمر للجيش الإسباني الذي له قنوات مع الجيش الجزائري بقيادة  قايد صالح ، فكما هو معروف عن قضايا المخدرات يشتغل عليها  الجمارك وشرطة الحدود ، أما في هذه القضية فقد تجاوزت إسبانيا كل هذه الأعراف لأنها تعلم يقينا  حسب تقارير مخابراتها بأن  أجهزة الجمارك وشرطة الحدود ودبلوماسية مساهل فاسدة ومنخورة من أعلى جنرال فيها إلى أبسط  عسكري أو رجل أمن أو دبلوماسي ، لذلك حَمَّلَتْ المسؤولية لأعلى جهاز تعرفه إسبانيا وغير إسبانيا أنه هو الظاهر في حكم هذه البلاد على الأقل ، ثم لماذا  قامت إسبانيا بهذه الخطوة غير الديبلوماسية ؟ لأنها  أولا  لو تركت الأمر بيد جمارك  الجزائر وشرطة الحدود الجزائرية  لانتقلت تلك الشحنة  ( 700  كلغ )  من الكوكايين من الجزائر إلى أوروبا ، ولاتخدت مسارا  آخر وبوسائل أخرى  وبيد  فاسدين جزائريين في السلطلة الجزائرية  من أكبر جنرال إلى أصغر جندي في عسكر الجزائر ،  ولتم  بيعها  بالأورو  وليس بالدينار الذي لا قيمة له ، إذن  لقد وضعت السلطات الإسبانية  النظام الجزائري برمته  في  خانة المافيا  الذي افتضح أمره هذه المرة  ولن يعود  لذلك  مرة أخرى ، إنه  عقاب لكابرانات  فرانسا الحاكمين في الجزائر حتى يدركوا أنهم  تحت المجهر ولن  يفلتوا  بجريمتهم النكراء تلك ...

لقد حاول النظام الجزائري أن  يعمل على تنويع اقتصاده  بفتح فخديه  للتجارة الدولية  لدخول الموبقات  بعدما أصبح  مردود الغاز والبترول لا يكفيه كما قلنا حتى ولو بلغ ثمن البرميل 200  دولار ، وحاول النظام الجزائري  أن يخوض تجربة الربح السريع  بتجربة تجارة الكوكايين والهيروين أي المخدرات الصلبة التي سيربح منها اليوم مئات الملايين وغدا ستصبح مئات الملايير لإعادة البحبوحة المالية  التي كانت  تضمنها  مداخيل الغاز والبترول اللذان  فقدا  قيمتهما  في السوق الدولية ، فاختار النظام الجزائري أن يعوضهما بالأبيضين  الكوكايين والهيروين ، ومن سوء حظ النظام الجزائري أن التنسيق بين  مصالح محاربة  تجارة  المخدرات الصلبة هي في يد دول  تحب شعوبها ولا تكرههم مثل حكام الجزائر ، فقد تم إنقاذ الأوروربيين من هذه  السموم  القادمة من البرازيل ، وسقطت في يد الجيش الجزائري ولكن تحت مراقبة  الجيش الإسباني  الصارمة حتى لا تسول للعسكر الجزائري نفسه أن يتلاعب  بتلك  الملايين من الدولارات ،وحتى  لن يترك  الجيش الإسباني هذه الفضيحة  تُقْبَرُ في وهران. ومن آخر الأخبار أن عددا  كبيرا جدا جدا من ضباط الجيش الجزائري وضباط رجال الجمارك والجندرمة  وضباط رجال الأمن وضباط حرس الحدود وموظفين في الولايات  قد فروا  إلى جهات غير معلومة ، يقال إنهم  مختبئون في أماكن لن تستطيع أي سلطة  الوصول إليها وهي ( قصر المرادية )  بنفسه لأن  الفضيحة فاحت رائحتها  وتجاوزت ضباط الجيش والمخابرات وضباط الأمن لأنها  أصبحت فضيحة دولة .. فضيحة دولة مافيوزية  تخشى أن تنفجر في وجهها ..

وأنتِ أيتها الأيادي الخارجية  فما عليكِ إلا أن تتبخري  بحشيشكِ  الذي لا تساوي قناطيره المقنطرة  ولو غراما واحدا من الكوكايين ، هذا إن كنتِ – أيتها الأيادي الخارجية  – متورطة  كدولة  أما إذا كان المتورطون في دخول الحشيش إلى الجزائر من خشاش الأرض  فقد أصبحت أرض الجزائر أكثر خصوبة من  غيرها  لزراعة  الحشيش ذي الجودة العالية ، لأن القمح والشعير وغيره من البقول أصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع .


سمير كرم  خاص للجزائر تايمز