اعلم ان الله قد خلقنا طبقات ولو اراد لساوى بيننا جميعا.

وخلال فترات الزمن يتنقل الانسان بترتيب لا يد له فيه بين الطبقات ومهما بلغ في التدرج لأعلى فهو يشعر دائما بالدونية فهناك دوما من هو اعلى منه وحتى هذا الأعلى يظل نادبا حظه لوجود من هو اعلى وأعلى.

تستدرجنا الطبقية الى التطلع الى الارتفاع وكلما ارتفعنا درجة ازداد قلقنا ان نفقد تلك المكانة التي وصلنا لها والتي وللمفارقة كلما صعدنا اليها بأجسادنا هبطت في ذات الوقت ارواحنا واقتربت من الانسحاب فالعلاقة طردية بين الارتفاع الجسدي والهبوط الروحي.

من الممتع ان يشعر الانسان انه في مكانة مرتفعة ولكن من السيئ ان يتناسى انه كان هناك في مكانة أدنى ومن الممتع ان يتذوق الانسان طعم الرفاهية ولكن من المؤلم ان ينسى الذين تركهم خلفه ولم يلحقوا به في رحلته الى التسلق الطبقي.

وهنا يشغلني شعور دفين بمعرفة سبب هذا الانسلاخ الذي يتعرض له المرء حين يفر من الأسفل مهرولا للأعلى ونكرانه التام انه كان هناك يوما فماذا سيحدث لو ظل منتميا بعقله لبيئته القديمة في ذات الوقت الذي هو منتميا فيه بجسده الى اخرى أحدث منها وأفضل؟

هل هي الخشية من عدم احداث التوازن بين البيئتين ومن ثم تغلب الطبقة الدنيا عليه واسترجاعه اليها؟

ام هو الخوف من التحاق احد مكونات الطبقة الدنيا به فيعيق استكماله الانطلاق المتسارع الى الأعلى؟ باعتبار ان الجميع قادمون من البيئة الدنيا او الواطية كما يسميها ويصنفها المنتسبون للعليا.

لا يجرؤ احد على التأكيد ان من يتولون السلطة بمعناها الضيق والواسع يشعرون بمن يتسلطون عليهم فهم على قناعة بأن هؤلاء لو استطاعوا إعادتهم لطبقتهم الدنيا التي كانوا فيها لما تقاعسوا ولعل ذلك هو السبب الوحيد في الحرب الشعواء التي يشنها الحكام على كل من تسول له نفسه ابداء اي نوع من الامتعاض لأسلوب الحكم.

لذلك ستستمر معاناة الشعوب من ظلم حكامهم الى ان يحين الوقت وتأتي لحظة الهبوط السحيق في الهوة العميقة لهذا الزعيم الملهم او ذاك.

عادل الجوهري