اختلالات تسم التدبير الحكومي

منح الدستور المغربي للملك صلاحيات حيوية واسعة بوصفه "" رئيسا للدولة ، يضطلع بوظائف عديدة من بينها إعمال مبدأ الرقابة على أعمال الحكومة وتوجيهها لضمان دوام الدولة واستمراريتها ... "" ، بيد أن العمل الحكومي ؛ على الأقل في راهنيته ؛ يشهد اختلالات عميقة على أكثر من مستوى ، سواء تعلق الأمر بتنفيذ الأوراش التنموية الكبرى أو ضبط الحكامة في سير القنوات الإدارية ، أو تدبير ملفات الاحتجاجات الشعبية والتي عرفت في الآونة الأخيرة انفجارات واسعة على صعيد مقاطعة بعض المنتجات الاستهلاكية . هذا دون أن نستثني جملة من الاختلاسات والتلاعبات التي همت مشاريع ؛ تميزت مراسيم توقيع انطلاق أشغالها بالإشراف الملكي المباشر وحضور عدة شركاء وأطراف حكومية ، إلا أن تدشينها من طرف الملك ؛ فيما بعد وفي حالات عديدة ؛ لم تكن لتنال استحسانه ، وهو ما كان يترجم غضبه تجاه جهات وأطراف مقصرة .

ولعل أبرز مثال لظاهرة التقصير والاختلاسات التي تطبع السير العام للأوراش الحكومية المفتوحة حراك الريف وما فجره من ملفات ساخنة اتسمت بسوء التدبير والتقاعس في تنفيذها ، وكذا الاختلاسات المالية التي عرفتها بعض القطاعات الحكومية ، فضلا عن مشاريع أخرى كإنقاذ مدينة فاس أو التي ظلت تحت المراقبة المباشرة لجلالته ؛ وهي من التعدد والتنوع حيث لا يمكن إحصاؤها في هذه الورقة ، منها تدشينات للعديد من المرافق الحيوية ؛ كمحطات القطر والمرافئ والمطارات وشق الطرق ومد الجسور وتشييد المساجد ...

ملفات تدبير هذه الأوراش ، وما ينجم عنها من تقصير واختلالات أصبحت مثار تساؤل عريض حول أهلية جهاز المراقبة في تتبع مراحل تنفيذ دفاتر التحملات ، والعوائق الإدارية التي تحد من نجاعته ، رغم التعليمات الملكية التي تصاحب ؛ في كثير من الحالات ؛ بداية انطلاق أشغالها .

إحداث وزارة بتنزيل الخطب والتعليمات الملكية

في ضوء هذا الواقع الحكومي الميداني المختل ، ومن أجل تصحيح مساراته والقطع مع أساليب التقصير أو بالأحرى الحد من تغوله واستهتاره بمصالح الشعب ، جاء الدور الحيوي للخطب والتعليمات الملكية مستهدفة ؛ في أبرز فقراتها ؛ البدائل والمقاربات الناجعة لاستصلاح هذه الأوراش أو الكشف عن ضوابط جديدة للنهوض بقطاع معين أو استشراف المستقبل في ضوء المستجدات القائمة.

بيد أن هذه الخطب ؛ وتبعا للملاحظة الأمبريقية ؛ وبالرغم من حمولتها الناجعة في تلقيح راهنية العمل الحكومي وتغذيته بدماء ونفس جديدين ، تلاقي في البداية اهتماما صوريا لا يتجاوز استصدار الحكومة لدوريات أو بالأحرى توصيات إلى المؤسسات والمرافق المعنية بغرض التجاوب مع فحواها ، لكن سرعان ما ينمحي أثرها وتعود حليمة إلى عادتها القديمة !

لذا أصبح ؛ من الحيوية بمكان ومن أجل تبديد الحواجز الإدارية والتداخل في الاختصاصات ؛ إحداث وزارة مستقلة يعهد إليها بتنزيل الخطب والتعليمات الملكية وتتبع آثارها في كل القطاعات المستهدفة .



عبد اللطيف مجدوب