ما هو أهم عامل في استتباب الامن والاستقرار في البلدان الديمقراطية وسر تقدمها؟ لا ريب من إن عامل سيادة القانون وكون الشعب بمختلف مكوناته خاضع له دونما تمييز، إذ لا يتمكن رئيس دولة ديمقراطية بحد ذاته من تجاوز أبسط قانون وإنتهاكه ما لم يجبر على تحمل العقوبة رغما عنه وهو صاغر، والقانون يصبح سائدا ومهيمنا على الجميع عندما يكون زمامه بيد الدولة لوحدها ويكون هناك في نفس الوقت فصل بين السلطات الثلاث حتى يكون لكل سلطة ولاسيما القضائية دور وقوتها وتأثيرها المتميز بحيث تبعث على الطمأنينة والثقة الكاملة لدى الشعب كله على حد سواء.

كيف يمكن أن يكون زمام القانون بيد الدولة؟ أهم شرط لذلك هو استقلالية وحيادية القوات المسلحة والامنية بمختلف أصنافها، ذلك إنها لخدمة الشعب والوطن بصورة عامة ولا تمثل تيارا أو حزبا أو طيفا أو عرقا ما، لكننا بتسائل؛ هل إن هذا الشرط متوفر في العراق ولاسيما عندما يٶكد السيد حيدر العبادي، رئيس الوزراء مٶخرا قائلا بهذا الصدد عن: "اهمية الحفاظ على حيادية ومهنية القوات المسلحة وابعاد تأثير الاحزاب عليها"، علما بأنه قد قال قبل ذلك: "هناك جماعات استغلت الحرب على داعش لخزن السلاح من اجل تهديد الدولة وان يكونوا اقوى منها ويبتزوا المواطنين وهذا الامر لن نسمح به وهناك تخطيط عال وحكمة للوقوف بوجه هؤلاء وحصر هذا السلاح". ومع إن هذا الكلام صحيح ودقيق لكنه في الوقت نفسه ليست الحقيقة كلها وانما نصفها، والنصف الآخر هو إن هناك أحزاب وجماعات كانت لديها مخازن أسلحة وليس "مخزنا واحدا". ولا ريب من إن السٶال المهم الذي يجب طرحه هو: من أين حصلت هذه الاحزاب على الاسلحة والعتاد؟ ولا نعتقد بأن السٶال صعب بحيث لايمكن الاجابة عليه، بل هو واضح الى أبعد حد، فهذه الاسلحة والاعتدة تأتي من دولة مجاورة للعراق!

أية دولة تنتهك السيادة الوطنية للعراق وإستقلاله أرضا وجوا وبحرا دونما رادع؟ أية دولة أدخلت وتدخل الاسلحة والاعتدة الى العراق لأعوانها وأتباعها بل وحتى تستخدم العراق كمعبر لإرسال الاسلحة والاعتدة لدولة ثالثة حليفة لها؟ هذه الدولة التي لا نذكرها اليوم على وجه التحديد والكل يعرفها كما يعرف إسمه، هي من كانت ولازالت أكبر عامل سلبي على استتباب الامن والاستقرار وعدم السماح للدولة العراقية بأن تكون صاحبة القرار والممسكة بزمام الامور، لأنها تعلم إن ذلك يعني سحب البساط من تحتها فلن تتمكن من تفجير مرقد شيعي أو مسجد أو ضريح سني، وطالما كان لهذه الدولة دور بهذا الاتجاه فإن ألف خطاب وتوجيه وإرشادات مختلفة لن تكون سوى مجرد هواء في شبك!

منى سالم الجبوري