يبدو أننا لازلنا لا نقيم وزنا لمفهوم الزمن، ولا ندرك معنى الحكمة العربية (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك). وخصوصا زمن قطاع التربية والتكوين، حيث الرهان كله على الطفولة والشباب. تضيع عدة أسابيع من التربية والتحصيل والتكوين خلال كل موسم دراسي، بسبب تأخر موعد الدخول المدرسي (الحقيقي)، والإسراع في الإعلان عن نهاية الموسم الدراسي قبل حتى إتمام البرامج والمناهج الدراسية المبرمجة لكل مستوى تعليمي.

ولعل ما تعيشه المؤسسات التعليمية حاليا من فراغ من الأطر والتلاميذ وعزلة، ونحن على مشارف منتصف شهر يونيو فقط. أكبر دليل على الهدر الذي يتعرض له الزمن المدرسي. فقد بصمت كل المؤسسات التعليمية بأسلاكها الثلاثة باكرا على بداية عطلة نهاية السنة الدراسية، بعد إجراء الفروض المحروسة الخاصة بالأسدس الدراسي الثاني. وأطلق معظم التلاميذ صرخة أو فرحة التخلص من الدراسة والإعداد لبرنامج الترفيه والتسلية. باستثناء تلاميذ المستويات الإشهادية، الذين وإن توقفوا عن الدراسة رسميا، فإنهم لازالوا ينتظرون مواعيد اجتياز الامتحانات النهائية الموحدة المحلية (السادس ابتدائي)، والجهوية (الثالثة إعدادي)، والوطنية الاستدراكية الخاصة بالسنة الثانية بكالوريا.علما أن مجموعة من الأساتذة لم يوفقوا في إتمام تدريس كل الدروس المبرمجة وفق جداول زمنية محددة. ومع ذلك أغلقت حجرات الدرس ودخلت المكاتب الإدارية في مرحلة المداومة. فمع بداية كل موسم دراسي، تدخل الإدارة التربوية في دوامة تسجيل وإعادة تسجيل التلاميذ، وإعداد استعمالات الزمن الخاصة بالأساتذة والتلاميذ.

ونادرا ما يلتحق بعض التلاميذ بفصولهم الدراسية بداية شهر شتنبر. ولا حتى الولوج إلى المؤسسات التعليمية من أجل أداء رسوم التسجيل والتعرف على فصولهم وزملاءهم وأساتذتهم. وقد يستمر التماطل والتلاعب لعدة أسابيع. مما يجعل الأساتذة يفضلون عدم البدء في تلقين الدروس، والاكتفاء بحصص للمراجعة والاستئناس غير المبرمجة. هدر الزمن الدراسي له تجليات مختلفة بالتعليم العالي والتكوين المهني، حيث تغيب البرامج والمناهج التعليمية والتكوينية الرسمية.

وحيث يبقى الأستاذ الجامعي والمكون وحدهما العالمين بمحتوى الدروس والزمن المخصص لها، ويبقيان وحدهما المتحكمان في الحصص الدراسية وكيفية تدبيرها على هواهما. ويرغم الطالب على الاستفادة من عطل غير مبررة قد تصل إلى نصف زمن الموسم الدراسي. كما يرغم على القبول بكل الأطباق التعليمية التي يعدها الأساتذة. وخوض امتحانات بشأنها. بل إن هناك من يرغمون على اجتياز امتحانات في مواد لم يدرسوها، أو تلقوا تقارير مكتوبة بخصوصها في غياب المدرس. وفي غياب شبه تام للدروس التطبيقية.



 بوشعيب حمراوي