ألقت الولايات المتحدة بثقلها في الملف السوري، وسُجل أمس نشاطٌ ديبلوماسي على جبهات عدة في مسعى منها لاستعادة نفوذها في الترتيبات المستقبلية للتسوية. وعلمت «الحياة» ان «الخط الساخن» الاميركي – الروسي تم تفعيله للجم العنف على الجبهة الجنوبية. وأفيد ان واشنطن طالبت موسكو بممارسة ضغوط لابعاد ايران من سورية، الأمر الذي قايض عليه الروس بمحاولة انتزاع اعتراف بشرعية النظام. بالتزامن، طالبت واشنطن فص-ائل الجنوب بعدم الرد على «استفزازات النظام»، وتحدثت عن «جهود جبارة لتثبيت خفض التصعيد»

وزار وفد عسكري أميركي مدينة منبج (شمال سورية) حيث التقى قيادات «مجلس منبج العسكري»، وجال في شوارع المدينة وأسواقها. ونُقل عن الوفد تعهداته بـ»البقاء في منبج وعدم دخول القوات التركية إليها». لكن وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو سارع إلى الرد، مؤكداً ان «الجنود الأتراك سينتشرون في كل مكان داخلها».

وعلى وقع تطورات ميدانية على الجبهة الجنوبية التي تشهد تصعيداً دخل يومه الرابع أمس، اذ عاد النظام السوري للمرة الأولى منذ عام إلى استخدام البراميل المتفجرة في قصف استهدف ريف درعا، علمت «الحياة» من مصادر ديبلوماسية غربية ان الادارة الاميركية أكدت للمسؤولين الروس «تمسكها بالضغط على النظام لاخراج ايران من سورية»، وان «الانسحاب الايراني اصبح اولوية في سياسة البيت الابيض في الملف السوري». واشارت المصادر الى ان «موسكو اجابت على الطرح الأميركي بطلب تقديم شيء للنظام السوري في المقابل، مثل الاعتراف بشرعيته». واضافت ان «واشنطن ما زالت على موقفها من ان الاولوية هي لمغادرة ايران من سورية من دون شروط، والعودة الى مسار جنيف عبر المبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا، وفكرة ان يكون الرئيس بشار الاسد جزء من المرحلة الانتقالية، وفق السياسة الاميركية، قد تكون موضوع تفاوض بعد مغادرة ايران من سورية».

ومن المتوقع تغيير المسؤول عن الملف السوري في واشنطن، مساعد وزير الخارجية للشرق الاوسط دافيد ساترفيلد الذي يترك منصبه لتسلم منصب سفير في تركيا، على ان يخلفه في الخارجية الباحث في مؤسسة «بروكنغز» ديفيد شنكر.

إلى ذلك، كشفت واشنطن أمس عن جهود وصفتها بـ «الجبارة» لتثبيت «خفض التصعيد» في المنطقة. وأفادت مصادر في المعارضة السورية أمس، أن الولايات المتحدة وجهت رسائل إلى فصائل الجنوب حضتها فيها على «عدم الرد على استفزازات النظام». وكشفت تلك الرسائل عن «جهود ديبلوماسية جبارة للحفاظ على وقف النار». واعتبرت أن الرد على الاستفزازات «لا يؤدي سوى إلى تسريع السيناريو الأسوأ للجنوب السوري وتقويض جهودنا».

في غضون ذلك، شددت وزارة الخارجية الروسية على ضرورة أن تكون قائمة ممثلي المعارضة لتشكيل لجنة الدستور السوري «شاملة»، وأن «تضم مرشحين عن كل فرق المعارضة الرئيسة في الداخل والخارج». وأوضحت في بيان عقب مشاورات جمعت نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ونائب رئيس لجنة التفاوض السورية المعارضة خالد المحاميد، أن الجانبين تبادلا وجهات النظر حول القضايا المعقدة لتسوية الأزمة السورية.

وفي موسكو، وقبل أيام على اجتماع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية المقرر في لاهاي، جددت روسيا دفاعها عن النظام السوري، وشككت في مهنية تقرير أممي اتهم الحكومة السورية بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية واستخدام الأسلحة الكيماوية أثناء عملية سيطرته على الغوطة الشرقية في نيسان (أبريل) المقبل. وعقدت وزارتا الخارجية والدفاع الروسيتان مؤتمراً صحافياً مشتركاً عرضتا فيه «أدلة وبراهين» على ضلوع المعارضة السورية في إنتاج أسلحة كيماوية، وتبرئة النظام من ذلك. وفي اتهام مباشر للبلدان الغربية بمساعدة المعارضة على «الإعداد لاستفزاز»، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن «المسلحين في سورية أنتجوا أسلحة كيمياوية باستخدام معدات مصنوعة في بلدان أوروبا الغربية». وأشارت إلى «العثور على هذه الأجهزة في مدينة دوما». وأكدت استعداد بلادها تقديم أدلة على وصول هذه المعدات والأدوات من أوروبا، كما عرضت ما وصفته بأنه «أجهزة يدوية خطيرة لصناعة السلاح الكيماوي».