خيّبت حركة «طالبان» آمالاً في أفغانستان أمس، إذ رفضت دعوة من الرئيس أشرف غني لتمديد وقف للنار بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، فيما استهدف تفجير انتحاري ثانٍ تجمعاً ضمّ مسلحين وقوات أمن ومدنيين في ولاية ننغرهار شرق البلاد، موقعاً عشرات القتلى والجرحى.

وبعد ساعات على رفض «طالبان» تمديد الهدنة، أعلن غني تمديدها أحادياً 10 أيام، علماً أنها كانت ستنتهي بعد غد. وقال ناطق باسم الرئيس إن «قوات الأمن الأفغانية يمكنها أن تدافع عن نفسها ضد أي هجوم».

وحذر ديبلوماسيون من أن لقرار «طالبان» عواقب «قد تكون كارثية»، فيما نبّه قائد سابق لجهاز الأمن القومي إلى أن غني ارتكب «خطأً فادحاً»، بسماحه لمسلحي الحركة بدخول مناطق تسيطر عليها الحكومة.

وأسفر هجوم نفذه انتحاري خارج مكتب محافظ ولاية ننغرهار، في عاصمتها جلال آباد، عن مقتل 18 وجرح 49. وذكر ناطق باسم المحافظ أن الانتحاري استهدف عناصر من «طالبان» وشخصيات ومدنيين، أثناء مغادرتهم مجمّع مقرّ المحافظ، حيث كانوا يحضرون مناسبة خاصة بالعيد. وكانت عملية انتحارية في الولاية تبنّاها تنظيم «داعش» أوقعت السبت 36 قتيلاً و65 جريحاً، وسط حشد يحتفل بالهدنة.

ولليوم الثاني، تحرّك مسلحو «طالبان» بحرية أمس في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة، رافعين راياتهم والتقوا مدنيين، علماً أن الحركة أمرتهم بتجنّب تجمّعات قوات الأمن والمدنيين، بعد التفجير الانتحاري السبت. وكتب الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد على «تويتر»: «لتجنّب إيذاء أبناء بلدنا، وأن نصبح سبباً في ذلك، على جميع القياديين منع المجاهدين تحت إمرتهم من المشاركة في تلك الحشود والتجمّعات. العدوّ أساء استغلال وقف النار وهناك احتمال لمزيد من الحوادث السيئة».

وأعلن مجاهد أن «وقف النار» انتهى أمس، وزاد: «لا نية لدينا لتمديده، ستُستأنف عملياتنا». وتحفظ قياديون في «طالبان» على زيارة مسلحيهم مناطق تسيطر عليها الحكومة، وتقرّبهم من قوات الأمن.

وكان غني أعلن السبت تمديد وقف النار مع الحركة، وحضّها على اتخاذ خطوة مشابهة. ودعا محمد كريم خليلي، قائد «المجلس الأفغاني الأعلى للسلام» (هيئة فوّضتها الحكومة مناقشة السلام مع المتمردين) «طالبان» إلى «أخذ رغبات الشعب في الاعتبار» وتمديد وقف النار، معتبراً أن الأمر سيضع «أسساً جيدة لبدء مفاوضات مباشرة بين الجانبين».

لكن نواباً أفغاناً عارضوا خطوة غني، لافتين إلى أنه لم يستشر ساسة في الأمر ولن تكون أمامه فرصة للتراجع، بعد رفض «طالبان» تمديد وقف النار. واعتبر أمرالله صالح، وهو قائد سابق لجهاز الأمن القومي، أن الرئيس ارتكب «خطأً فادحاً» بسماحه لمسلحي «طالبان» بدخول مناطق تسيطر عليها الحكومة.

ورأى ديبلوماسي غربي في كابول أن قرار غني «خطوة جريئة»، منبّهاً إلى أن لرفض الحركة طلبه تمديد وقف النار «عواقب قد تكون كارثية». ولفت ديبلوماسي ثان إلى أن تمديد الهدنة سيُلزم الحركة بالتفاوض، وزاد: «أعتقد بأنها ليست مهتمة بذلك، (بل) تسعى إلى نصر» على الأرض. وأشار ديبلوماسي ثالث إلى أن «طالبان قادرة دوماً على استغلال وقف النار، بوصفه فرصة لشنّ هجمات على أجانب». وتابع: «لا أحد يعلم عدد مسلحيها المختبئين الآن في المناطق المدنية».

لكن ديبلوماسياً بارزاً التقى مسؤولين أفغاناً أمس، شدد على أن «غني يحظى بمباركة كاملة من الإدارة الأميركية»، مضيفاً أن «من الحيوي بالنسبة إلى المسؤولين الأميركيين أن يثبتوا أن سياسات (الرئيس دونالد) ترامب تنجح وأن المحادثات مع طالبان وشيكة».

واعتبر ناطق باسم قوات الحلف الأطلسي والقوات الأميركية في أفغانستان أن ما شهدته البلاد خلال اليومين الماضيين «كان استجابة إيجابية جداً من جميع الأفغان للسلام»، فيما وصف الاتحاد الأوروبي الهدنة بأنها «تاريخية».