توصيف الظاهرة

أصبح المواطن المغربي ؛ عند ولوجه الأسواق التجارية بقصد التبضع ؛ يحترز في أن يقع في مصيدة بائع أو أن تقوده خطواته إلى سلع منتهية الصلاحية ، أو يحار في اختيار بين متجرين الأول يعرض منتوجه بسعر منخفض بينما الثاني يعرضه بسعر مرتفع ، وهو بين هذا وذاك يعثر على متجر ثالث يخدره صاحبه بهذه العبارة " .. عنْدي بداك الثمنْ ..ويلا بغيتي نعطيها ليكْ بثمن أقل ... راه اشْحال ادْياولْ الناس وصّاوْني عليها ..."

غدا هذا المواطن المسكين ؛ أينما حل وارتحل في الأسواق المحلية أو الأسبوعية ، داخل المدن وخارجها ؛ عرضة لطواحين المضاربين والمزايدين والجشعين والمطففين والغشاشين ، تستبد به حيرته وتعظم كلما أقبل موسم ينفرد باستهلاك سلع معينة سواء في شهر رمضان أو العيدين .

معضلة الربح السريع وغياب جهاز المراقبة

لعل في صور الغش ؛ إذا استفحلت في قطاع إنتاجي معين ؛ مؤشر قوي على وجود فراغ في حماية المستهلك وضعف في المراقبة والمحاسبة .. مما يستدر معه جشع البائع/صاحب المنتوج أو البضاعة ، ويجعله يلهث وراء الربح السريع ومراكمة الثروات على حساب سلامة صحة المواطن واغتصابا لثقته . ومجالات الغش ؛ في ساحة الاقتصاد الاستهلاكي المغربي ؛ رحبة لا يمكن حصرها في سلعة أو منتوج دون آخر ، لكن يمكن التأشير على بعض أصنافها فيما يلي :

* لحوم : الذبائح السرية ؛ لحوم فاسدة ؛ لحوم مجهولة المصدر ؛ لحوم غير مرخصة ؛ لحوم معلبة ...

* أسماك : أسماك مصبرة لمدة تزيد عن الشهر ؛ أسماك خضعت لأكثر من 7 سماسرة (وسطاء) ؛ بعض أنواع الأسماك المغربية غير موجودة في السوق الداخلية ؛ أسماك نتنة ؛ أسماك مشوية قديمة ...

* توابل : توابل مزورة ؛ وأخرى مختلطة ؛ وأخرى لم تخضع للمراقبة الصحية ...

* حليب ومشتقاته : أين يذهب الحليب منتهي الصلاحية ؟ ؛ مصبرات الحليب وعصائر الفواكه متقادمة ..

* قنينات الغاز : نقص في التعبئة ؛ ضعف في تصفية الغاز ؛ انعدام مراقبة صلاحيات الأوعية والقنينات ..

* مياه معدنية : إغراق الأسواق بأسماء مياه معدنية كثيرة ، لكن أمان تعبئتها وجودة عناصرها المكونة كلها محل شكوك وغير حاملة لخاتم السلطات الصحية بغرض تسويقها ...

* أدوية : عقاقير مختلطة أحيانا ؛ المواد المكونة ليست بالجودة الكافية ؛ نقص في جودة العناصر المكونة ؛ علبة واحدة لدواء إذا داخله عنصر الغش تحولت إلى علبتين !

بضاعتهم وبضاعتنا

المواطن المغربي ؛ في ديار المهجر ؛ لا يشكل له التسوق عبئا ثقيلا من حيث جودة السلع وتناسب أسعارها مثلما نواجهه بأسواقنا الداخلية ، سلعهم ـ ومهما تعددت وتنوعت ـ تحمل تواريخ استهلاكها ، حتى ولو كانت عبارة عن بيضة أو قنينات زيت أو قطعة صابون .. أما سلعنا فتواريخ استهلاكها لامنتهية ، وحتى إذا كانت منتهية فقد تنحصر في سنة 2025 أو ما بعدها ، مما يشير إلى أن عنصر الغش حاضر في كل منتوج استهلاكي حتى ولو كان عقارا طبيا !

أيها المنتجون ... حذار حذار !

أكدت "حملة" مقاطعة المغاربة لبعض المنتجات وجود وعي قوي بآفة الغش التي تكتسح سلعا استهلاكية عديدة ، ويمكن القول ؛ وتبعا لبعض القصاصات الإخبارية التي رشحت ، سواء عن مجلس حكومي أو اجتماعات رسمية ؛ أن خطاب المواطنين المغاربة ؛ من خلال حملتهم الفايسبوكية ؛ قد وصل إلى المعنيين وأرباب الشركات التي شملتها لوائح المقاطعة ، وأصبحوا مؤخرا يبحثون عن صيغ مصالحة ليعيدوا الثقة إلى المواطن المستهلك ليقبل من جديد على سلعهم .

ونعتقد أن لو أتيحت للمغاربة قاطبة ؛ بطريقة أو أخرى ؛ الخيار بين السلع الوطنية والسلع الأجنبية لأقبلوا على هذه الأخيرة وانصرفوا كليا عن البضائع وكل منتوج وطني داخلي ينعدم فيه عنصر الثقة حتى ولو كان عبارة عن ربطة نعناع



عبد اللطيف مجدوب