بعد اشهر من الجدل الذي اثير في الصحافة وفي القاعات المفتوحة والبيوت المغلقة، حول مستقبل حزب الاصالة والمعاصرة في المشهد الحزبي والسياسي بعد محطة 2016 الانتخابية التي بوأت حزب العدالة والتنمية المرتبة الاولى ومكنته من ولاية حكومية ثانية في اطار تحالف حزبي هجين، وحول مستقبل الأمين العام للحزب إلياس العماري الذي أصبح يشكل عبئ كبير داخل الحزب، تم اختيار رئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماس أمينا عاما جديدا للحزب بفارق كبير من الأصوات على منافسيه الذين اثتوا بهم المشهد الانتخابي لإضفاء المصداقية على هذا الاختيار.

 وبما ان السيد حكيم بن شماش تم اختياره امينا عاما للحزب كما كان متوقعا، فان هذا الاختيار الذي تم ترسيمه انتخابيا بعد توافق آخر لحظة والذي كان مسبوق بمخاض تنظيمي عسير، يستدعي إبداء ملاحظات التالية:

أولا: اختيار بن شماش يعني استمرار الجيل المؤسس لحركة كل الديمقراطيين في احتكار القيادة من خلال آلية التناوب التوافقي بعد ان مر من القيادة كل من حسن بن عدي والشيخ بيد الله ومصطفى بكوري والياس العماري. 

ثانيا: اختيار بن شماش يعني أيضا استمرار توظيف ورقة الريف في اختيار القيادة الحزبية للمرة الثانية بعد أن عرفت مرحلة إلياس العماري تغول كبير لأبناء الريف في أجهزة الحزب ومؤسساته وسيطرتهم وتحكمهم في القرار الحزبي على كل المستويات وهو ما يعني أن تخلي إلياس عن القيادة كان مشروطا بوضع بديل هو عرابه بكل ما للكلمة من معنى.

ثالثا: اختيار بن شماش الذي يشغل منصب رئيس مجلس المستشارين فيه أيضا تقوية له في مركز صنع القرار داخل مؤسسات الدولة بحكم الترتيب البرتكولي الذي يحتله كرابع شخصية عامة في البلاد بعد الملك ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب.

رابعا: اختيار بن شماش رسالة مهمة لإعادة الثقة الى اعيان الحزب الذين يشكلون الحلقة الأهم في البنية الحزبية من خلال الدعم المالي والقدرة على النفاذ إلى السوق الانتخابي خصوصا وأن فترة إلياس كان فيها اصطدام قوي بين جناح الريف وأعيان الحزب ومنتخبيه لاعتبارات تتعلق بالتزكيات  وبالتموقع في الاحهزة التقريرية للحزب.

خامسا: إعطاء دفعة جديدة للحزب من أجل  العودة إلى المشهد الحزبي بنفس جديد في ظل فراغ سياسي قاتل وتراجع كبير لحزب العدالة والتنمية الذي يعيش وضعا تنظيميا هشا. 

سادسا: إعادة ترتيب اوراق المشهد الحزبي بعد نكسة مشروع عزيز أخنوش الذي اصطدم بصخرة المقاطعة التي سببت له نزيفا دماغيا أدخله إلى العناية المركزة. سابعا: انتخاب الرجل بديلا عن إلياس يعني رغبة المؤسس في الرهان على استمرار نفس الأداة الاديلوجية في تنزيل اهداف مشروع لم يحالفه الحظ وعاش نكسات سياسية وانتخابية ارتبطت بسياقات مختلفة كان للعنة الولادة دورا كبيرا فيها.

ثامنا: وصول بن شماش للامانة العامة غايته إخراج إلياس العماري من دائرة الضوء بعد التخلص من بنكيران دون تهميشه لأن دور إلياس سيظل محوريا ولكن من الخلف كما كان في السابق حتى لا يكون الحزب في مرمى نيران الخصوم ولسد طريق العودة أمام بنكيران الذي لا زال يناور تنظيميا في ظل ضعف كبير لتيار الاستوزار الذي يعيش نكسة غير مسبوقة داخل الحزب بسبب تماهيه المطلق مع عزيز أخنوش الذي عصف به تسونامي المقاطعة.

 خالد أوباعمر